محمد قناوي يكتب: بين السطور.. النجاح لا يأتي صدفة

نجاح أي عمل درامي ليس مرتبطا بعرضه في موسم محدد بل يتعلق النجاح الحقيقي بمدى وجود النص أو السيناريو المُحكم، وهو الأساس الذي يتم البناء عليه، وجودة التمثيل والإخراج المتميز، فالنجاح لا يأتي صدفة، ولكن لابد من توفر هذه العناصر، وأرفض دائما فكرة اقتصار النجاح للأعمال التليفزيونية على موسم رمضان فقط ، وتاريخ الدراما المصرية من عشرات السنين فيه من الأعمال التي حققت نجاحا منقطع النظير بعيد عن الموسم الأكبر لدراما رمضان".
وهذا ما ينطبق على مسلسل"بين السطور" الذي يجري عرضه حاليا بالتزامن علي منصة شاهد وقناة MBC السعودية، وقناة ON المصرية، وتقوم ببطولته النجمة الأردنية صبا مبارك وأحمد فهمي ومحمد علاء"جاميكا" وناردين فرج وسلمي أبو ضيف ووليد فواز واخراج وائل فرج، وكتب المعالجة الدرامية نجلاء الحديثي وورشة سرد لمريم نعوم، فقد نجح المسلسل منذ انطلاق حلقاته الأولي قبل حوالي اسبوعين أن يغرد خارج السرب، حيث قدم صُناعه عملا خارج الصندوق ترك انطباعات جيدة لدي المتابعين من الجمهور فتعلقوا به ومتابعته، رغم الاتهامات التي طالته بالإقتباس من الدراما الكورية"MISTY" إلا أنه استطاع أن يفرض نفسه كعمل ناجح متميز يمتلك القدرة علي جذب الجمهور لمتابعة أحداثه، بعد نجاج السيناريست"نجلاء الحديني ومريم نعوم"في التعامل مع "فورمة" العمل الأساسي كمعالجة درامية فقط واستلهموا روح الفكرة الأساسية وقامتا بتمصيرها بما يتناسب مع مجتمعنا مما جعلها قريبة من قلوب الجمهور.
تنطلق أحداث "بين السطور" معتمدة بكشل كبير على "الفلاش باك" متنقلة بين الماضي والحاضر بأسلوب مثير وجذاب، حول حياة الإعلامية "هند سالم"، والتي تلعب دورها "صبا مبارك"، والتي رغم نجاحها المهني وحياتها المستقرة ظاهريا، إلا أن حياتها تنقلب رأسا على عقب فور "مقتل" لاعب الرماية الشهير الأمريكي من أصل مصري"جيمي أندرسون ، أو جمال" والذي كانت "هند" قد استضافته في برنامجها "بين السطور" حصريا بعد أن كان يرفض إجراء أي حوارات أو لقاءات تليفزيونية ولكنه وافق ل"هند سالم" تحديدا لنكتشف بعدها قصة الحب بينهما قبل 20 عاما، كما أن زوجة"جيمي" – ناردين فرج- تجمعها صداقة بهند سالم منذ أيام الدراسة ونشأتهما في حي واحد.
يتم استدعاء "هند سالم" لسماع أقولها لتكشف الأحداث والتحقيقات أن اللعب الشهير"جيمي" لم يكن مجرد ضيف أو زوج صديقتها بل هو الحب الأول للمذيعة والذي تخلت عنها لرغبتها في التركيز في مستقبلها المهني كصحيفة ومذيعة شهيرة، ومن حلقة لأخري يكتشف المشاهد العلاقات بين الأبطال بداية "هند" وعلاقتها المتوترة بزوجها "حاتم" – أحمد فهمي- والذي ترك عمله في النيابة العامة ليعمل محام يدافع عن البسطاء، ويعود سبب توتر العلاقة بينهما إلي أن "هند" قامت بإجهاض نفسها والتحلص من جنينها للتفرغ لمستقبلها المهني كمذيعة مشهور مما يخلق بينهما صداما ولكن علاقة الحب بينهما تجعل العلاقة متوترة فقط، ومرورا بشحصية "جمال أو جيمي اندرسون" لاعب الرماية الشهير والذي تكشف الأحداث أنه مازال يحب"هند" رغم مرور 20 عاما علي انتهاء علاقتهما، كما تكشف الأحداث الصراع بين "هند" والمذيعة الشابة "ملك" – سلمي أبو ضيف" التي تريد أن تنتزع منها برنامج "بين السطور" لتقديمه بدلا منها .
استخدم المخرج وائل فرج مشاهد "الفلاش باك" ببراعة شديدة للتنقل بين أربعة أزمنة مختلفة، وساعده عمله الاساسي ك"مونيتر"في تحقيق الجذب والتشويق لهذه المشاهد التي تنتقل من الماضي للحاضر بسهولة ويسر.
أهم ما يتميز به السيناريو في مسلسل "بين السطور" أنه نجح بشكل بارع في رصد الكثير من خبايا النفس البشرية بأسلوب تشويقي ، فنجد كل شخصية خلال الأحداث تبوح بجزء من الحقيقة التي بداخلها ولكن يظل الكثير من الأسرار بداخل كل نفس يتم خروجها بشكل متدرج مما أضفي علي الأحداث نوعا من الغموض التي صنعت تشويقا للمشاهد تجعله لا يمكن ان يتوقع الأحداث القادمة ، وحتي الأن رغم عرض ما يقرب من منتصف عدد حلقات المسلسل التي تبلغ 30 حلقة إلا ان المشاهد لم يشعر بالملل أو التطويل وهناك الكثير من الشخصيات لم تكشف اسرارها بعد، مثل الشخصية التي يلعبها "وليد فواز" التي خرج من السجن مؤخرا بعد أن قضي بداخله 20 عاما فهل كان ل"هند سالم" علاقة بدخوله؟
نجحت "نجلاء الحديني ومريم نعوم" في معالجة تيمة المسلسل رغم أنها متكررة من قبل ، وقدما إطار درامي مناسب لإيقا الأحداث ، والتي راهن المخرج "وائل فرج علي هدوءها منذ بداية المسلسل وةكان في ذلك مغامرة منه، فالرهان علي صبر المشاهد خطرا جدا، ولكن بسبب عناصر التشويق والأداء المتميز للابطال جميعا"صبا مبارك وأحمد فهمي ومحمد علاء وسلمي وأبو ضيف – الرهان القادم في السينما والتليفزيون – تمكن المسلسل من تحقق الجذب للمشاهد لمتابعة أحداثه.
الخلاصة أننا أمام عمل مختلف ومتميز على كافة المستويات وأهم ما فيه أنه يغوص في أعماق النفس البشرية ومكنوناتها، ويُقدم أبطاله بصورة طبيعية كبشر خطائين، يمكن أن يصيبوا أو يخطئوا ينجحون أو يفشلون يعيشون حياتها المختلفة بحلوها ومرها.