ورقة «التهجير» تشعل انقلابًا دوليًا على نتانياهو

تحولات مفصلية مفاجئة فى مواقف المجتمع الدولى، لم تقتصر فقط على إحباط مخطط تهجير الغزاويين إلى سيناء، وإنما انقلبت أيضًا على بنيامين نتانياهو، وأعادت النظر فى بقائه على مقعد رئاسة الوزراء حتى قبل نهاية الحرب الدائرة فى غزة.
وبينما تمكنت إسرائيل فى البداية من إقناع الدول الكبرى وفى طليعتها الولايات المتحدة بحتمية إخلاء القطاع من قاطنيه، واجهت الدول ذاتها موقفًا مصريًا صلبًا حال دون تمرير الخطوة، ما حدا بعواصم أوروبية كبرى، تصدرتها لندن، وبرلين، وباريس إلى رفض محاولات نتانياهو، الرامية إلى مواصلة الضغط على مصر لتفعيل خطوة التهجير.
وفيما وُصف بتراجع حاد فى المواقف الأوروپية، نقلت صحيفة «فايننشال تايمز» عن دوائر أوروپية رفض اقتراحات نتانياهو إزاء الإشكالية الغزاوية، وبينما تباحثت دول مثل التشيك والنمسا حول مطالب إسرائيل فى مداولات داخلية خلال قمة الاتحاد الأوروپى الأخيرة، رفضت الدول الأوروپية الكبرى، خاصة فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، الاقتراح الإسرائيلى ووصفته ب«غير واقعى»، وأشارت إلى أن «المصريين يرفضون بشكل قاطع فكرة قبول لاجئين من غزة، حتى إذا كان ذلك بشكل مؤقت.
وأقرت الصحيفة البريطانية بأن القاهرة أبدت غير مرة مخاوفها من محاولات إسرائيل استغلال الأزمة لفرض مشاكلها مع الفلسطينيين على مصر. وأوضحت ال«فايننشال تايمز» أنه جرى نقاش الدور المنوط بمصر من الأزمة الغزاوية خلال قمة الاتحاد الأوروپى، واقتصر على تقديم المساعدات الإنسانية واسعة النطاق لغزة، ولكن دون الضغط على القاهرة لقبول أية لاجئين.
ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسى وصفته بالغربى قوله: «نتانياهو تصور بموجب مطالبه أن الحل هو استيعاب المصريين لسكان غزة على الأقل أثناء القتال. لكننا لم نأخذ الأمر على محمل الجد لأن الموقف المصرى كان ولا يزال شديد الوضوح والصرامة، ولا يمكن تصور إقدام المصريين على تلك الخطوة».
وإذا كان الموقف الأوروپى قد اقتصر على دحر فكرة تهجير الغزاويين إلى سيناء، فالموقف الأمريكى ذهب إلى أبعد من ذلك، ودارت تقديراته حول أن «أيام رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو فى الحكومة أضحت معدودة، وأن الرئيس الأمريكى جو بايدن ألمح إلى هذه التقديرات خلال مداولات جرت فى المكتب البيضاوى قبل أيام، فضلًا عن تمرير بايدن رسائل بهذا المضمون خلال اتصالات هاتفية مع نتانياهو وحاشيته، حسب صحيفة «پوليتيكو» الأمريكية.
ووفقًا لتقرير نشره موقع «والَّا» العبرى للكاتب باراك راڤيد، أعرب چو بايدن عن تقديراته بأن رئيس وزراء إسرائيل لن يبقى كثيرًا على مقعد رئاسة الوزراء، وأنه جرت مشاورات أمريكية فى هذا الخصوص، وأبدى بايدن خلالها يأسه من سياسات نتانياهو وحكومته، حتى أنه نصح الأخير بحتمية ترتيب الأوضاع فى إسرائيل مع «الچنرال المدنى الوريث» فى إشارة إلى وزير الدفاع الأسبق، رئيس «معسكر الدولة» بنى جانتس.
محمد نعيم