مرة أخرى يجتمع مجلس الأمن لبحث الأوضاع فى غزة فى ظل تصعيد إسرائيل لحربها العدوانية وتفاقم الأزمة الإنسانية وتفاقم المخاطر من توسيع الحرب وانفجار الأوضاع فى المنطقة. المحاولات السابقة فى مجلس الأمن لوقف القتال أو فرض الهدنة فشلت كلها بسبب الموقف الأمريكى المنحاز لإسرائيل بصورة غير مسبوقة دون اكتراث لمصالح أمريكا وصورتها الشائنة وهى تقف وحيدة ضد كل أعضاء المجلس فتضطر لاستخدام «الڤيتو» لإبطال مشروع القرار البرازيلى فى مشهد لا يليق بدولة كبرى تدعى الحرص على السلام والدفاع عن حق الشعوب فى تقرير مصيرها!! لكن الظروف الآن تختلف.. فحرب الإبادة التى تشنها إسرائيل فاقت كل حدود الإجرام فى حق الإنسانية، وجرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل «فى حماية أمريكا» تصطدم بالرأى العام فى العالم كله مع سقوط أكثر من ثمانية آلاف شهيد معظمهم من الأطفال والنساء، ومع تدمير نصف غزة وقصف المساجد والكنائس والمستشفيات والمدارس.. وعزل غزة الكامل عن العالم حتى لا يرى جرائم إسرائيل وسلوكها النازى. ومع ذلك فقد رأى العالم وخرجت الشعوب فى كل العواصم تدين نازية إسرائيل وتطلب وقف إطلاق النار.. واضطرت الحكومات الغربية التى اصطفت فى البداية وراء أمريكا وهى تنحاز انحيازاً مطلقاً لإسرائيل أن تعدل موقفها خاصة بعد افتضاح كل الأكاذيب التى روجتها الرواية الإسرائيلية ودعمتها أمريكا وتبناها الرئيس «بايدن» بنفسه ثم جاء الاعتذار عنها. ولاشك أن المشهد فى الجمعية العامة للأمم المتحدة كان شديد الدلالة على افتضاح أكاذيب إسرائيل كمقدمة للوقف الكامل لإطلاق النار وعلى عزلة الموقف الأمريكى الذى تخلى عنه أبرز حلفائه عند التصويت على القرار العربى الذى طالب بهدنة إنسانية فورية ودائمة، وبإدخال المساعدات للفلسطينيين والتوقف عن المحاولات الإجرامية الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين من وطنهم، صوتت فرنسا مع القرار، وامتنعت بريطانيا وايطاليا وألمانيا عن التصويت، ولم تجد أمريكا بجانبها الا بعض الدويلات مثل إسرائيل وميكرونيزيا العظمى!! هل استوعبت أمريكا الدرس؟ وهل ستدرك أن مصالحها الحقيقية فى خطر بعد أن تحولت من داعم لإسرائيل إلى شريك لها فى حرب الإبادة التى تشنها على الشعب الفلسطينى؟.. لم يعد أمام مجلس الأمن الآن إلا أن يتبنى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذى أيدته 120 دولة ولم تعارضه إلا الولاياتالمتحدة و12 دولة من طراز مكيرونيزيا العظمى. إيقاف «المحرقة الإسرائيلية» التى ما كان ممكناً أن تتم إلا بدعم أمريكا ومشاركتها هو المطلب الأساسى لإنقاذ الموقف فى المنطقة والعالم.. فهل تعى أمريكا ذلك، أم تضيف حرباً خاسرة إلى سجل هزائمها فى المنطقة؟.. هذا هو السؤال!