لم تتوقف مصر يومًا عن التحذير من أن الصمت الدولى على ما يُجرى على أرض فلسطين سوف يقود إلى انفجار الموقف فى المنطقة كلها، وأنه لا بديل عن الالتزام الكامل بالحقوق المشروعة لشعب فلسطين، ولا حل إلا بإقامة دولة فلسطين المستقلة على كامل حدود 67 وأن تكون القدس العربية عاصمة هذه الدولة. ولو كانت الإرادة الدولية قد سلكت الطريق الصحيح، والتزمت بالشرعية الدولية بدلًا من الصمت الدائم والامتناع عن إدانة الاحتلال الإسرائيلى والسعى لإنهائه.. لما كان قد وصلنا إلى هذه الأوضاع المتفجرة التى تهدد الاستقرار فى كل المنطقة، لكن النفاق الدولى ظَلَّ سيد الموقف حتى وإن كانت شعوب العالم تخالف موقف حكومات تصدع الرؤوس بالحديث عن حرية الشعوب وحقوق الإنسان ثم تخرس تمامًا أمام جرائم إسرائيل، وتمنع معاقبتها وفقًا للقوانين الدولية!! ليست مصادفة أن تقوم المقاومة الفلسطينية بعمليتها الاستثنائية التى كسرت غطرسة إسرائيل ونحن نحتفل باليوبيل الذهبى لحرب أكتوبر المجيدة، وليست مفاجأة أن يتكرر الفشل الاسرائيلى كما حدث قبل خمسين عامًا.. لكن المفاجأة هى أن يظل الموقف الأمريكى المُنحاز لإسرائيل كما هو، وأن يظل ازدواج المعايير هو السائد فى واشنطن، وأن نرى الرئيس الأمريكى "بايدن" يتحدث وكأنه يعلن الحرب على قوة عظمى اعتدت على الآخرين.. بينما الحقيقة التى يعرفها جيدًا أنه يقف بكل إمكانيات أمريكا - مع احتلال عنصرى فاشٍ ضد شعب لا يريد إلا حريته ودولته المستقلة وأرضه المغتصبة!! مصر - شعبًا وحكومة - ستظل تتحمل مسئولياتها تجاه فلسطين باعتبارها قضية أمن قومى لا مجال للمُساومة عليها.. ولكن متى يتحمل المجتمع الدولى مسئوليته؟ ومتى تدرك واشنطن أنها تتحول إلى شريك لإسرائيل حين تدعم احتلاله للأرض العربية، وحين تُمارس كل الضغوط فى سبيل التطبيع المجانى معه، وحين تتجاهل أن الاحتلال أصل المشكلة، وأن مقاومة الاحتلال حق مشروع للفلسطينيين؟ يبدو أن إسرائيل لم تستوعب بعد درس أكتوبر قبل خمسين عامًا، ويبدو أن أمريكا أيضًا لم تستوعب الدرس!!