قال السفير مهند العكلوك المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى جامعة الدول العربية ، إن القمة العربية في عرفت في دورتها الأخيرة بجدة نكبة فلسطين، كمأساة وكارثة إنسانية تاريخية وُلدت في سياق مخطط استعماري بدأ من وعد بلفور عام 1917. وتابع أن النكبة شملت الهجرة اليهودية الممنهجة إلى فلسطين، وجرائم التطهير العرقي والتهجير القسري التي قامت بها العصابات الصهيونية والمتواطئين معها منذ عام 1947، ضد الشعب العربي الفلسطيني وعلى أرضه، من خلال عدوان منهجي وواسع النطاق، ارتُكبت خلاله عشرات المجازر المروعة، وقُصد منه إرهاب الشعب العربي الفلسطيني وطرده من أرضه ومحو هويته العربية والسطو على ممتلكاته وروايته وإرثه الحضاري. وأضاف العكلوك - خلال كلمته بمعرض نقوش فلسطين القديمة وكتاباتها الذى أقيم اليوم بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية - قائلا «لقد أسفر عن تهجير ما يقارب مليون عربي فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين، وتدمير مئات البلدات والقرى الفلسطينية، وتتواصل النكبة باستمرار الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري العنصري، والعدوان على الشعب الفلسطيني وإنكار حقوقه المشروعة، بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير». واستطرد العكلوك قائلا «الحرب الشاملة التي تشنها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على الشعب الفلسطيني، ليست فقط تستهدف الاستيلاء على أرضه وثرواته الطبيعية وممتلكاته المادية، بل أيضاً تستهدف التاريخ والهوية والموروث الحضاري والثقافة والمقدسات، ونحن والعالم نشهد سياسات وممارسات الاحتلال لتهويد مدينة القدس وطمس هويتها العربية الإسلامية والمسيحية، بما في ذلك الحفريات العدوانية تحت المسجد الأقصى المبارك واقتحاماته المتكررة ومحاولات تقسيمه زمانياً ومكانياً». وتابع السفير العكلوك ، لقد قامت العصابات الصهيونية بين عامي 1947 و1948مع تهجير الناس من فلسطين بسرقة الكتب والمخطوطات، ومنذ ذلك الحين تستمر المحاولات الإسرائيلية لتزوير أو تدمير الآثار العربية الفلسطينية أو إخفائها عن الأنظار، بما يشمل النقوش الحجرية والمعدنية، وبما يشمل النمط المعماري الإسلامي، والثوب الفلسطيني المُطرّز، والدبكة الفلسطينية، وحتى أنواع الأكلات العربية والفلسطينية كالحمص والفلافل. وشدد على أنه مازالت أجهزة وسلطات الاحتلال الإسرائيلي تعمل ليل نهار في محاولات محمومة للسطو على الموروث الحضاري الفلسطيني والعربي الضارب جذوره عميقاً جداً في التاريخ، ليصل إلى أصل الفلسطينيين الكنعاني منذ أكثر من آلاف السنين. وكشف السفير العكلوك ، تريد إسرائيل من خلال هذه الحرب الشاملة، ومن خلال السطو والسرقة، أن توهم العالم بأنها من هنا من هذه الأرض، ولكن الأرض العربية الفلسطينية الكنعانية ترفض هذا الكذب والتزوير والتدليس في كل يوم وبكل شكل. وقال «الاحتلال الإسرائيلي الأجنبي الغريب ليس له ثقافة موحدة ولا نمط عمراني موحد، ببساطة لأنه أتى من الخارج، من دول أوروبا وأفريقيا وأمريكا وروسيا، ولكل بلد آثارها وثقافتها وعمرانها، الذي وإن تشابه بإنسانيته أحياناً فإنه مختلف بالثقافة والتراث». وأكد السفير مهند العكلوك ، لقد قامت دولة فلسطين وبدعم من أشقائها العرب بتسجيل عدد من عناصر التراث الثقافي غير المادي للشعب الفلسطيني في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، ومن بينها: التطريز الفلسطيني: الممارسات والمهارات والعادات المرتبطة به (2021)، والحكاية الفلسطينية (2008)، نخيل التمر: المعرفة والمهارات والتقاليد والممارسات (2022) مجموعة من الدول العربية، الخط العربي: المعارف والمهارات والممارسات (2022) مجموعة من الدول العربية. ولفت العكلوك ، عملت الدبلوماسية الفلسطينية على مراكمة هذه القرارات والبناء عليها في مسيرة الاشتباك مع الاحتلال الإسرائيلي في ساحة التراث والثقافة الفلسطينية المادية وغير المادية، لتعزيز الحضور الفلسطيني على الساحة الثقافية الدولية، ولحماية الهوية العربية للشعب الفلسطيني من النهب والسطو التزوير الذي تمارسه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني. وتابع العكلوك ، ونحن هنا اليوم أمام نضال ثقافي تاريخي حضاري من نوع مميز، يأتي من خلال معرض نقوش فلسطين القديمة وكتاباتها، والذي عملت على إحضاره إلى هنا جمعية وساطة للعمل الشبابي بدولة فلسطين، ممثلة برئيستها السيدة العربية الأردنية الفلسطينية المناضلة نالي الطويل، ومعها كوكبة من العلماء والشخصيات العربية المميزة. والبعد المهم الآخر في هذه الفعالية هي أنها تنطلق خارج دولة فلسطين من جامعة الدول العربية، ونكرر تقديرنا للأمانة العامة ممثلة بالسيدة هيفاء أبو غزالة وفريق الأمانة العامة. وشدد السفير مهند العكلوك ، ومن منبر جامعة الدول العربية نؤكد للعالم أجمع بأن الشعب العربي الفلسطيني الأصيل سيسقط كل الخطط والسياسات الإسرائيلية غير القانونية للسطو على تاريخه ومقدساته وثقافته وإرثه الحضاري المتجذر في التاريخ، وستتكسر كل هذه المحاولات الخبيثة على صخرة صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وسيبقى هذا الشعب يكافح الاحتلال والعدوان حتى ينتصر ويمارس حقوقه في العودة والحرية وتقرير المصير وتجسيد استقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس.