ألقى خطبة الجمعة اليوم على منبر الجامع الأزهر فضيلة الدكتور عبد الفتاح العواري، عضو مجمع البحوث الإسلامية، عميد كلية أصول الدين بالقاهرة الأسبق، ودار موضوعها حول «التراحم وأثره في استقرار المجتمع». اقرأ أيضا | «ادخلوا في السلم كافة».. موضوع خطبة الجمعة اليوم وأكد الدكتور عبد الفتاح العواري أن هناك بعض المعاني التي يجب أن يستشعرها الإنسان حتى يكون إيجابيًّا وعضوًا فعالا في المجتمع تدفعه مشاعر الرحمة، فيرحم غيره وينظر إليه بالرحمة والشفقة والتعاطف، وهي من أسس التضامن والتكاتف في المجتمع، وتتلخص في مدنية الإنسان وتآلفه وتعاطفه مع بني جنسه. وأكد الدكتور العواري خلال خطبة الجمعة اليوم أنَّ الإنسان متى عرف أنَّ له إخوة في المجتمع يأخذون بيده اطمأنَّ قلبه وعلم أنه ليس بمفرده في هذا الكون، فالمريض منا يحتاج إلى الصحيح، والفقير يحتاج إلى الغني، والضعيف يحتاج إلى القوي، والنبي صلى الله عليه وسلم يقر ذلك في حديثه، فعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما تُنصرونَ وتُرزقونَ بضعفائكم) رواه أحمد. وأشار الدكتور العواري إلى أنَّ الدين الإسلامي الحنيف حثنا على الرحمة، فالإيمان يجعل المؤمن شَفُوقًا متعاطفًا رحيمًا، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة والأسوة الحسنة، فعن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قبَّل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْحسنَ بنَ عَليٍّ رضي اللَّه عنهما، وَعِنْدَهُ الأَقْرعُ بْنُ حَابِسٍ، فَقَالَ الأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشرةً مِنَ الْولَدِ مَا قَبَّلتُ مِنْهُمْ أَحدًا، فنَظَر إِلَيْهِ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقَالَ: مَن لا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ. متفقٌ عَلَيهِ. وحث خطيبُ الجامع الأزهر المسلمين بأن يعودوا إلى هَدْي الإسلام فيتراحموا فيما بينهم، فمتى ماتت قضية التراحم؛ هبّت عليهم رياح الفرقة والتشتت والحقد والبغضاء، فالحق -سبحانه وتعالى- أوصى بالتراحم، فكتب على نفسه الرحمة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال عن نفسه) :إِنّما أنا رَحْمةٌ مُهداة). ودعا إلى ضرورة عودة التراحم مرة أخرى بين الناس جميعًا وبين الضعفاء، واليتامى والمساكين والفقراء والضعفاء، حتى يعود مجتمعنا لأن يكون مجتمعا سويًّا خاليًا من شوائب الحقد والبغضاء، فالأحرى بالمجتمع أن يتفيأ ظلال الإسلام ويقتبس منه العلاج الذي يعود إلى المجتمع بالتراحم والتعاضد حتى يصبح متماسكًا ومترابطًا، فعَن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى). وفي ختام خطبته، أكد خطيب الجامع الأزهر أنَّ أمن المجتمع واستقراره لن يتحقق إلا بالتراحم والتعاون بين أفراد المجتمع، فالأمة الإسلامية هي أمة الرحمة والتعاون، قال الحق - تبارك وتعالى: )ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ).