محمد كمال "كلنا سنموت، ولكن هناك فرق بين شخص يموت وينتهي وشخص مثلي يموت ولكن يظل حيا بسيرته وتاريخه".. جملة شهيرة لامرأة تعد رائدة العمل الصحفي في مصر لكنها في نفس الوقت تمتلك مواهب متعددة ورغم مسيرتها التي بدأت في التمثيل سواء في السينما أو المسرح وتقديمها لأدوار هامة خصوصا على خشبة المسرح إلا أن دنيا الصحافة خطفتها وجعلتها تهب حياتها لها، لم تستهويها أضواء نجومية التمثيل واكتفت بالتحليق في عالم الصحف وأسست مجلة أسبوعية تحمل اسمها، وبعد مرور أعوام ما تزال تلك المجلة تضئ بلاط صاحبة الجلالة، انها فاطمة اليوسف المعروفة باسم روزاليوسف. وصلت روزاليوسف إلى مصر عام 1911 وتحديدا مدينة الاسكندرية بعد أن هربت من الأسرة التي تتربى عندهم واستغلت ان السفينة رست في الميناء ثم قررت الهروب والبقاء في مصر وهي لم تكمل ال 15 عاما بعد ان كانت تلك الأسرة سوف تقودها إلى الهجرة إلى قارة أمريكا الجنوبية. ويرجع الفضل في اكتشافها إلى الممثل عزيز عيد الذي كان يمثل مع فاطمة رشدي الدويتو الأشهر في مصر وقتها في فترة العشرينيات وكان أيضا مخرج مسرحيات يوسف وهبي، وكانت مدينة الاسكندرية نقطة انطلاق الممثلة روزاليوسف عندما بدأت مسيرتها مع المسرح في أدوار صغيرة قبل أن تتحول إلى أن تصبح الفتاة الصغيرة نجمة الفرقة المسرحية. في عام 1923 تركت روزاليوسف مدينة الاسكندرية وانتقلت إلى القاهرة وانضمت إلى فرقة رمسيس التي كان قد أسسها يوسف وهبي ورغم ان عمرها وقتها كان يقترب من 25 عاما إلا أنها في إحدى المسرحيات قدمت دور سيدة عجوز عمرها 70 عاما رغم عمرها الحقيقي الصغير إلا ان هذا الدور حققت من خلاله نجاحا كبيرا وبدأ اسم روزاليوسف يسطع في سماء الفن المصري، وبعد ذلك أدت دور مارغريت جونيه من رواية "غادة الكاميليا" للفرنسي ألكسندر دوما وهذا ما جعل الصحافة تصفها بلقب سارة برناز الشرق لتصبح من خلاله الممثلة الأولى في مصر. في عام 1925 تركت فرقة رمسيس بسبب خلاف مع يوسف وهبي والمفاجأة أن روزاليوسف قررت ترك التمثيل نهائيا والتوجه إلى الصحافة وأسست في أكتوبر من نفس العام مجلة فنية أسبوعية مصرية تحمل اسمها بالتعاون مع محمد التابعي، وكان للمسرح مساحة كبيرة ومهمة في المجلة التي اتسمت بحرية الرأي منذ العدد الأول وكانت من أوائل المجلات التي تقدم نقد وتحليل للمسرحيات السياسية حتى عام 1926 الذي اتخذت خلاله مجلة روزاليوسف طابعا سياسيا بحتا في انتقاد الأوضاع السياسية في مصر وقتها. حققت مجلة روزاليوسف انتشارا كبيرا على مستوى الشارع المصري وأثّرت على الكثير من الصحف المصرية الهامة وأصبحت في منافسة الكبار، وبسبب الجرأة في التناول والطرح دخلت المجلة في صراعات عديدة وصدامات قوية خاصة مع حزب الوفد الذي بدأ يبادل المهاجمة للمجلة أيضا وأصدر خلال عدة مرات قرارات بإيقاف صدورها لدرجة أن الحزب نجح في الحصول على حكم بالسجن لروزاليوسف، بعد خروجها من السجن تابعت العمل الصحفي وعاودت النشر من جديد بمجلة "مصر الحرة" و"صدى الحق"، وقامت بطبع العديد من الكتب السياسية والاقتصادية الهامة، وفي عام 1935 تطورت في عملها لتطلق صحيفة روز اليوسف وكان رئيس تحريرها عبد الرحمن فهمي، ومن أشهر الكتاب الذين نشروا في هذه الصحيفة نجيب محفوظ، وعباس العقاد وعائشة عبد الرحمن. ساهمت روز اليوسف في حركة الأدب والثقافة بإصدار الكتاب الذهبي وسلسلة كتب فكرية وسياسية عام 1956، كما أصدرت كتابا بمذكراتها يحمل اسم "ذكريات" ومجلة صباح الخير، التي كانت رمزا للقلوب الشابة والعقول المتحررة وهو الشعار المعروف لدى المجلة حتى يومنا هذا. تزوجت ثلاثة مرات الأولى من الممثل والمهندس محمد عبد القدوس الذي رفضت أسرته هذا الزواج وأنجبا الأديب المصري إحسان عبد القدوس، والزيجة الثانية لروزاليوسف كانت من الممثل والمخرج المسرحي الشهير زكي طليمات، أما الثالثة فقد كانت من المحامي قاسم أمين حفيد قاسم أمين صاحب كتاب تحرير المرأة. أما اسم روزاليوسف فقد اشتهرت به وهي في العاشرة من عمرها واسمها الحقيقي فاطمة، لكن بعد أن هاجر والدها تركها تعيش في منزل أسرة لبنانية مسيحية وكانت تلك الأسرة هم من أطلقوا اسم "روز" وظل هذا الاسم مرتبط بها حتى اليوم رغم أنه لم يكن اسمها الحقيقي.