مباحثات مصرية كينية لتعزيز التعاون النقابي المشترك    "نيويورك تايمز": ترامب ربط سلوك ماسك غير اللائق بال"مخدرات"    أمريكا تدرس دعم مؤسسة "غزة الإنسانية" بنصف مليار دولار    "إذا حدث كذب".. متحدث الزمالك ينشر "حديث" تزامن مع تصريحات زيزو    حمدي فتحي: قرار مشاركتي بكأس العالم جاء بالتنسيق مع الخطيب    «الداخلية» تكشف حقيقة اقتحام منزل سيدة وسرقتها بالجيزة    ليلة من الفن الأصيل تجمع بين فنان العرب محمد عبده والمايسترو هانى فرحات (صور)    «الدبيكي»: نسعى لصياغة معايير عمل دولية جديدة لحماية العمال| خاص    أوكرانيا: أمامنا 12 شهراً لتلبية شروط التمويل الكامل من الاتحاد الأوروبي    اليونسيف: هناك غضباً عالمياً مما يجري في غزة.. واستخدام الجوع سلاحا جريمة حرب    الثلاثاء أم الأربعاء؟.. موعد أول يوم عمل بعد إجازة عيد الأضحى 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 7 يونيو 2025    «المشكلة في ريبيرو».. وليد صلاح الدين يكشف تخوفه قبل مواجهة إنتر ميامي    حسام المندوه: تعاقدنا مع الرمادي لهذا السبب.. وسنعيد هيكلة الإدارة الرياضية في الزمالك    نتيجة وملخص أهداف مباراة المغرب ضد تونس الودية    محمد الشناوي: الزمالك هو المنافس الحقيقي ل الأهلي وليس بيراميدز    مبالغ خيالية.. إبراهيم المنيسي يكشف مكاسب الأهلي من إعلان زيزو.. وتفاصيل التعاقد مع تركي آل الشيخ    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الذهب اليوم السبت 7 يونيو بالصاغة محليا وعالميا    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 36.. حالة الطقس اليوم    للمسافرين ثاني أيام العيد.. مواعيد قيام القطارات من محطة بنها إلى المحافظات السبت 7 يونيو    سفارة الهند تستعد لإحياء اليوم العالمي لليوجا في 7 محافظات    محاضرة عن المتاحف المصرية في أكاديمية مصر بروما: من بولاق إلى المتحف الكبير    يسرا توجه رسالة إلى تركي آل الشيخ بسبب فيلم «7 Dogs»: نقلة نوعية للسينما    منال سلامة ل"الفجر الفني": لهذا السبب قد أرفض بطولة.. ولا أفكر في الإخراج    دار الإفتاء تكشف آخر موعد لذبح الأضحية    تجارة الخدمات بالصين تسجل نموًا سريعًا في أول أربعة أشهر من عام 2025    أجواء فرحة العيد في حديقة الحرية أول أيام عيد الأضحى| فيديو    وفاة سائق سيارة إسعاف أثناء عمله بمستشفى بني سويف التخصصي    سوزوكي توقف إنتاج سيارتها «سويفت» بسبب قيود التصدير الصينية على المعادن النادرة    المطران فراس دردر يعلن عن انطلاق راديو «مارن» في البصرة والخليج    الكنيسة الإنجيلية اللوثرية تُعرب عن قلقها إزاء تصاعد العنف في الأراضي المقدسة    البابا تواضروس يهاتف بابا الفاتيكان لتهنئته بالمسؤولية الجديدة    تفاعل مع فيديو هروب عجل قفزًا في البحر: «رايح يقدم لجوء لأوروبا»    أخبار × 24 ساعة.. المجازر الحكومية تستقبل أكثر من 9800 أضحية أول أيام العيد    صلى العيد ثم فارق الحياة.. تشييع جنازة صيدلي تعرض لأزمة قلبية مفاجئة في الشرقية    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق نشب في كشك بكرداسة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. 42 شهيدا بغزة منذ فجر أول يوم العيد.. انتخابات مبكرة بهولندا في 29 أكتوبر المقبل.. إسقاط مسيرة استهدفت موسكو.. وبوتين يهنئ المسلمين بعيد الأضحى    فيفا يدخل ابتكارات تقنية غير مسبوقة فى كأس العالم للأندية 2025    ولي العهد السعودي: نجاح خدمة ضيوف الرحمن نتيجة جهود الدولة في رعاية الحرمين والمشاعر المقدسة    "الخارجية الفلسطينية" تُرحب برفع عضوية فلسطين إلى "دولة مراقب" في منظمة العمل الدولية    سالى شاهين: كان نفسى أكون مخرجة سينما مش مذيعة.. وجاسمين طه رفضت التمثيل    بصورة مع والدته.. حسن شاكوش يحتفل بعيد الأضحى    اليوم.. فرقة رضا فى ضيافة "هذا الصباح" على شاشة إكسترا نيوز    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    لأصحاب الأمراض المزمنة.. استشاري يوضح أفضل طريقة لتناول البروتين في العيد    أستاذ رقابة على اللحوم يحذر من أجزاء في الذبيحة ممنوع تناولها    احذر من الإسراع في تخزين اللحوم النيئة داخل الثلاجة: أسلوب يهدد صحتك ب 5 أمراض    بعد غياب 5 سنوات، مفاجأة في لجنة تحكيم "ذا فيوس كيدز" الموسم الجديد    زيزو: جمهور الزمالك خذلني وتعرضت لحملات ممنهجة لتشويه سمعتي (فيديو)    حدث في منتصف ليلًا| أسعار تذاكر الأتوبيس الترددي على الدائري.. وموجة حارة بكافة الأنحاء    تفشي الحصبة ينحسر في أميركا.. وميشيغان وبنسلفانيا خاليتان رسميًا من المرض    رئيس الشئون الطبية ب التأمين الصحى يتفقد مستشفيى صيدناوي والمقطم خلال إجازة العيد    مع قرب انتهاء أول أيام عيد الأضحى.. الغرف التجارية: لا داع للقلق السلع متوفرة.. شعبة الخضروات: انخفاض ملحوظ في الأسعار.. المخابز: لا توجد إجازة لتلبية احتياجات المواطنين    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة 6 يونيو 2025    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماحكم الاجتماع للدعاء في زمن الوباء؟

تلقت دار الافتاء سؤال يقول فيه صاحبه :هل يجوز في هذه الآونة التي انتشر فيها فيروس كورونا (كوفيد 19) الوبائي أن يجتمع الناس للذكر والدعاء، على نية رفع هذا الوباء؟
وأجاب الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية أن الاجتماع للدعاء والذكر لكشف الضر، والتضرع الجماعي لتفريج الكروب ورفع البلاء: هو من الأمور المستحسنة شرعًا، إلَّا حيث يكون في الاجتماع ضرر أو عدوى؛ كما هو الحال في وباء كورونا (COVID-19)، وكما ثبت ذلك في حوادث التاريخ الغابرة، فلا يشرع حينئذ الاجتماع، ولولي الأمر منعُه عند الخوف من حصول الضرر، ويجب على الناس الالتزام بذلك شرعًا، ويكون الاجتماع على الذكر أو الدعاء حينئذ حرامًا؛ من جهة كونه سببًا لانتشار المرض وانتقال العدوى واستفحال الوباء، ومن جهة أنه افتئات على ولي الأمر الذي خوَّلَت له الشريعة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحقيق ما هو مكلَّف به من الحفاظ على أرواح الناس وصحتهم، ويكفي أن يدعو كل واحدٍ في مكانه، دون اختلاط أو اجتماع، ويمكن للناس جمع الهمم على الدعاء عن طريق وسائل الاتصال الحديثة، فإن صدق القلوب هي محل نظر علام الغيوب، والناس إلى القلوب الضارعة أحوج منهم إلى الجموع المتدافعة، ويجب على الجميع اتخاذ كافة السبل المتاحة للحفاظ على نفوس الناس وأرواحهم، باتباع تعليمات الجهات المسؤولة وأهل الاختصاص، من تدابير وقائية وأساليب احترازية.
19) الوبائي أن يجتمع الناس للذكر والدعاء، على نية رفع هذا الوباء؟
وأجاب الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية أن الاجتماع للدعاء والذكر لكشف الضر، والتضرع الجماعي لتفريج الكروب ورفع البلاء: هو من الأمور المستحسنة شرعًا، إلَّا حيث يكون في الاجتماع ضرر أو عدوى؛ كما هو الحال في وباء كورونا (COVID-19)، وكما ثبت ذلك في حوادث التاريخ الغابرة، فلا يشرع حينئذ الاجتماع، ولولي الأمر منعُه عند الخوف من حصول الضرر، ويجب على الناس الالتزام بذلك شرعًا، ويكون الاجتماع على الذكر أو الدعاء حينئذ حرامًا؛ من جهة كونه سببًا لانتشار المرض وانتقال العدوى واستفحال الوباء، ومن جهة أنه افتئات على ولي الأمر الذي خوَّلَت له الشريعة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحقيق ما هو مكلَّف به من الحفاظ على أرواح الناس وصحتهم، ويكفي أن يدعو كل واحدٍ في مكانه، دون اختلاط أو اجتماع، ويمكن للناس جمع الهمم على الدعاء عن طريق وسائل الاتصال الحديثة، فإن صدق القلوب هي محل نظر علام الغيوب، والناس إلى القلوب الضارعة أحوج منهم إلى الجموع المتدافعة، ويجب على الجميع اتخاذ كافة السبل المتاحة للحفاظ على نفوس الناس وأرواحهم، باتباع تعليمات الجهات المسؤولة وأهل الاختصاص، من تدابير وقائية وأساليب احترازية.
واوضح المفتي أنه قد اتفق العلماء على مشروعية التضرع والدعاء لرب الأرض والسماء، عند حلول الوباء وحدوث البلاء؛ فهو سبحانه وتعالى مجيب المضطرين وملاذ اللاجئين، وهو وحده كاشف الضُرِّ ورافع البلوى، وهو منقذ البشر من العدوى؛ قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ﴾[الأنعام: 17]، وقال سبحانه: ﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا﴾ [الأنعام: 43]، وقال عز وجل: ﴿ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ﴾ [النحل: 53]، وقال تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [النمل: 62] وقال جل شأنه: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: 67].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، وَإِنَّ الدُّعَاءَ وَالْبَلَاءَ لَيَعْتَلِجَانِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"، و"الأوسط"، و"الدعاء"، والحاكم في "المستدرك" وصححه، وأخرجه الإمام أحمد في "مسنده" من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، وله طرق كثيرة.
ورُوي مُرسلًا عن الحسن البصري أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اسْتَقْبِلُوا أَمْوَاجَ الْبَلَاءِ بِالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ» رواه أبو داود في "مراسيله".
قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (3/ 47، ط. مكتبة الرشد): [السنة عند نزول الآيات: الاستغفار والذكر والفزع إلى الله تعالى بالدعاء، وإخلاص النيات بالتوبة والإقلاع، وبذلك يكشف الله تعالى ظاهر العذاب؛ قال الله تعالى: ﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا﴾] اه.
وقال العلامة ابن رجب الحنبلي في "اختيار الأَوْلَى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى" (ص: 115، ط. مكتبة دار الأقصى): [فالمؤمن: مَن يستكين قلبه لربه ويخشع له ويتواضع، ويظهر مسكنته وفاقته إليه في الشدة والرخاء، أما في حالة الرخاء: فإظهار الشكر، وأما في حال الشدة: فإظهار الذل والعبودية والفاقة والحاجة إلى كشف الضر] اه.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (2/ 542، ط. دار المعرفة) في ذكر فوائد حديث صلاة الكسوف: [وفي حديث الباب من الفوائد غير ما تقدم: المبادرةُ إلى الطاعة عند رؤية ما يحذر منه، واستدفاع البلاء بذكر الله وأنواع طاعته] اه.
لافتاً الي أنه قد ورد الأمر بالتضرع والدعاء عند حصول البلاء مطلقًا، وإذا شَرَع اللهُ سبحانه وتعالى أمرًا على جهة الإطلاق وكان يحتمل في فعله وكيفية إيقاعه أكثرَ مِن وجه فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته، ولا يصح تقييده بوجه دون وجه إلا بدليل؛ فالأمر المطلق يقتضي عموم الزمان والمكان والأشخاص والأحوال، فامتثاله يحصل بالدعاء والتضرع فرادى أو جماعات، سرًّا أو جهرًا، ولا يجوز تقييده بهيئة دون هيئة إلا بدليل، ولا فرق في ذلك بين دعاء المؤمنين حال كونهم مجتمعين أو متفرقين.
والمعهود من نصوص الوحي: أن الدعاء في الجمع أرجى للقبول وأيقظُ للقلب وأجمعُ للهمة وأَدعى للتضرع والذلة بين يدي الله تعالى؛ لأن النفوس لها تأثيرات، والهمم لها بادرات، فإذا تواترت واجتمعت على قصد أمر معين: كان قبول الدعاء أرجى، وحصول المقصود أكمل؛ ولذلك جاءت أكثر أدعية المؤمنين في القرآن بصيغة الجمع، تنبيهًا على قوة أثر الجماعة في تحصيل المقصد وتحقيق الإجابة؛ فقال تعالى عن سيدنا زكريا وأهله على نبينا وعليهم السلام: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ [الأنبياء: 90].
قال الإمام الرازي في تفسيره "مفاتيح الغيب" (7/ 124، ط. دار إحياء التراث العربي): [حكى عن المؤمنين هذه الأدعية بصيغة الجمع؛ بأنهم قالوا: ﴿لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾، ﴿وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾، ﴿وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾، فما الفائدة في هذه الجمعية وقت الدعاء؟
والجواب: المقصود منه بيان أن قبول الدعاء عند الاجتماع أكمل؛ وذلك لأن للهمم تأثيرات فإذا اجتمعت الأرواح والدواعي على شيء واحدٍ: كان حصوله أكمل] اه.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (2/ 133) في باب فضل صلاة الجماعة: [الرابع والعشرون: الانتفاع باجتماعهم على الدعاء والذكر وعود بركة الكامل على الناقص] اه.
مشيراً الي أنه قد يدخل ضمن الاجتماع للدعاء المُرغَّب فيه: خروج الناس إلى الفضاء والخلوات عند حدوث البلاء والنكبات؛ كالزلازل ونحوها: قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "الغرر البهية" (2/ 66، ط. المطبعة الميمنية): [ويسن الخروج إلى الصحراء وقت الزلزلة؛ قاله العبادي، ويُسَنُّ الدعاء والتضرع] اه.
وهذا على جهة الاستحباب لا الإيجاب، فإنه إذا كان الخروج يحصل به ضرر أو مشقة: فلا يُشرع الاجتماع ولا الخروج له حينئذٍ؛ بل يكفي تضرع الناس في أماكنهم؛ قال العلامة السندي في "شرح مسند الإمام الشافعي" (1/ 174، ط. دار الكتب العلمية) عند الكلام على دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين نزول المطر: [وفهم من الحديث: أنه إذا خيف ضرره دعا الناس ربهم أن يكفيهم شره وأن يصرفه بعيدًا عنهم إلى حيث ينفع ولا يضر، وأنهم لا يخرجون إلى صحراء في بلوغ هذا الغرض، بل يكتفون بالدعاء في أماكنهم] اه.
فإذا كان البلاء وباءً مُعديًا أو مرضًا مستشريًا: فحينئذ يمتنع الاجتماع للذكر أو الدعاء، حتى لو كان القصد من ذلك التضرع الجماعي لصرف هذا الوباء؛ لِما فيه من الضرر والمخاطرة بالنفس، وقد أُمِرْنا بتجنب المخاوف والابتعاد عن المهالك؛ قال تعالى:﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، وقال سبحانه: ﴿خُذُوا حِذْرَكُمْ﴾ [النساء: 71]، ومنه الأمراض المعدية والأوبئة القاتلة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ» أخرجه البخاري في "صحيحه".
وتابع المفتي : ويجوز لولي الأمر منعُ التجمع وقت الوباء وحلول الأمراض المعدية، بل إذا رأى في ذلك تحقق الخطر على الناس صار المنع واجبًا؛ حفاظًا على الناس من الهلاك، ويجب على الناس طاعتُه حينئذٍ، ويحرم عليهم مخالفتُه؛ منعًا للضرر وحذرًا من الافتيات على ولي الأمر، فلما وقع طاعون عَمواس استُخْلِفَ عمرو بن العاص بعد أن مات بالطاعون أبو عبيدة ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم، فقام خطيبًا فقال: "أيها الناس إن هذا الوجع إذا وقع فإنما يشتعل اشتعال النار، فتجبَّلوا منه في الجبال"، ثم خرج وخرج الناس، فتفرقوا عنه ودفعه الله عنهم، فبلغ ذلك عمرَ بن الخطاب من رأي عمرو فوالله ما كرهه. أخرجه الإمام أحمد في "مسنده".
مبيناً انه قد عُرف خطر الاجتماع وقت الوباء مرات عديدة عبر التاريخ، وكانت نتائج التجمع أليمة وعواقبه وخيمة؛ حيث انتشرت فيهم العدوى وتفاقمت البلوى.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "بذل الماعون في فضل الطاعون" (ص: 328، ط. دار العاصمة): [قرأت في جزء "المنبجي"، بعد إنكاره على من جمع الناس في موضع، فصاروا يدعون ويصرخون صراخًا عاليًا، وذلك في سنة أربع وستين وسبع مائة، لما وقع الطاعون بدمشق، فذكر أن ذلك حدث سنة تسع وأربعين، وخرج الناس إلى الصحراء، ومعظم أكابر البلد، فدعوا واستغاثوا، فعظم الطاعون بعد ذلك وكثر، وكان قبل دعائهم أخف.
قلت: ووقع هذا في زماننا؛ حين وقع أول الطاعون بالقاهرة، في السابع والعشرين من شهر ربيع الآخر، سنة ثلاث وثلاثين وثمان مائة، فكان عدد من يموت بها دون الأربعين؛ فخرجوا إلى الصحراء في الرابع من جمادى الأولى، بعد أن نودي فيهم بصيام ثلاثة أيام كما في الاستسقاء، واجتمعوا ودعوا وأقاموا ساعة ثم رجعوا؛ فما انسلخ الشهر حتى صار عدد من يموت في كل يوم بالقاهرة فوق الألف، ثم تزايد] اه.
وقال العلامة سبط ابن العجمي في "كنوز الذهب في تاريخ حلب" (2/ 212، ط. دار القلم): [ثم في يوم الاثنين ثالث عشري ربيع الأول –سنة852ه- خرج الكافل والقضاة والمشايخ والعوام ومعهم المصاحف وأعلام الجوامع إلى قرنبيا، ورفعوا أصواتهم بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى، وقرّب الكافل قربانًا للفقراء ورجعوا، فظهر الوباء ظهورًا لم يكن قبل ذلك.
وأذكرني هذا ما قاله شيخنا أبو الفضل بن حجر: أن في سنة تسع وأربعين وسبعمائة وقع الطاعون بدمشق وخرج الناس إلى الصحراء ومعظم أكابر البلاد ودعوا واستغاثوا، فعَظُمَ الطاعون بعد ذلك وكثر] اه.
واوضح المفتي أنه لا يخفى على العقلاء ما تمر به بلاد العالم من وباء كورونا (COVID-19) الذي انتشرت عدواه، وراح ضحيتَه آلافُ البشر، وما اتخذته السلطات في جميع الدول من إجراءات احترازية وأساليب وقائية للحد من انتشار هذا الفيروس؛ من منع التجمعات، وتعليق الجمع والجماعات، وإغلاق دور العبادة ونحو ذلك؛ حفاظًا على نفوس الناس وأرواحهم، فحِفظُ النفس مقصد كلي وفرضٌ شرعي، جاءت به كل الشرائع السماوية.
كما أنه يمكن جمع الهمم على الدعاء في الأوقات المباركة والمواسم الكريمة بشتى الوسائل، كالاجتماع الافتراضي عبر وسائل التواصل، فحضور الجَنان لا يتوقف على تلاقي الأبدان، وصدق الإنسان لا يحدّه المكان، والعبرة بالإخلاص في التضرع لا بالتجمهر والتجمع.
واختتم المفتي فتواه : فالاجتماع للدعاء والذكر لكشف الضر، والتضرع الجماعي لتفريج الكروب ورفع البلاء: هو من الأمور المستحسنة شرعًا، إلَّا حيث يكون في الاجتماع ضرر أو عدوى؛ كما هو الحال في وباء كورونا (COVID-19)، وكما ثبت ذلك في حوادث التاريخ الغابرة، فلا يشرع حينئذ الاجتماع، ولولي الأمر منعُه عند الخوف من حصول الضرر، ويجب على الناس الالتزام بذلك شرعًا، ويكون الاجتماع على الذكر أو الدعاء حينئذ حرامًا؛ من جهة كونه سببًا لانتشار المرض وانتقال العدوى واستفحال الوباء، ومن جهة أنه افتئات على ولي الأمر الذي خوَّلَت له الشريعة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحقيق ما هو مكلَّف به من الحفاظ على أرواح الناس وصحتهم، ويكفي أن يدعو كل واحدٍ في مكانه، دون اختلاط أو اجتماع، ويمكن للناس جمع الهمم على الدعاء عن طريق وسائل الاتصال الحديثة، فإن صِدْقَ القلوب هي محلّ نظر علام الغيوب، والناس إلى القلوب الضارعة أحوج منهم إلى الجموع المتدافعة، ويجب على الجميع اتخاذ كافة السبل المتاحة للحفاظ على نفوس الناس وأرواحهم، باتباع تعليمات الجهات المسؤولة وأهل الاختصاص
اقرأأيضاما حكم زواج ذوي الهمم والإنجاب بعد ذلك؟.. «المفتي» يجيب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.