تسكن الجسد و تحمله ...هي الروح، هي من أمر ربي ... الأمانة التي لا نمتلكها و تعيش معنا حياتنا الدنيا لتفارقنا في حياة البرزخ ثم تعود الى اجسادنا يوم المشهد الأعظم. أمانة غالية..نحافظ عليها و نفعل من أجلها المستحيل فهي الروح التي تضمن وجود هذا الجسد تحمله في ارجاء الأرض . بالطبيعة و الفطرة ، لا أغلى منها على أي انسان مهما كان عمره ، ثقافته ، أو حتى ديانته . بل انه قد يقتل من أجل أن يدافع عنها و لا يعاقبه القانون على هذا القتل ، فحفاظه عليها حق أصيل لكل انسان حتى لو بانتزاع روح أخرى تريد انتزاعها منه . لكن أن ينزع الانسان نفسه روحه و ينهيها بيده لهو شئ يفوق قدرة العقل على استيعابه . متى وصل هذا العقل لهذه الحالة ليتنازل طواعية عن وجوده؟! و ما هذا الشيء الذي أوصله الى هذه الحالة ؟! و كيف وصلت هذه الروح لقمة اليأس لتقنط من رحمة الله و لا ترى أي مخرج الا إنهاء حياتها بأي طريقة ؟! و كيف لم يشعر أي مخلوق بموت هذه الروح قبل قرارها باعلانه؟! ألف سؤال و سؤال يطرح مع كل حالة انتحار ، كل حالة لتقرير مصير تحت ضغط روح معذبة ترى خلاصها في انهاء هذه الحياة فيم تفكر و كيف هان على هذه النفس روحها ، امالها ، احلامها ، اصدقائها ، أهلها و كل ما عملت يوما له في حياتها . تمرض الروح فيمرض الجسد ، الروح ايضا تُرهق ، تتعب ، تتألم و يظهر وجعها في آلام الجسد ، في رأيي الروح أقوى من الجسد و مرضها مميت و صامت لا يشعر به أحد ليفاجئ الجميع في لحظة. لن يقدم انسان على إنهاء حياته ابدا و هو يفكر و لو لحظة ، و لن يصل لهذه الحاله في ليلة ، و لا أعلم اهي لحظة جنون يغيب فيها العقل ، أم أن اليأس يحجب مع الأمل ،و الرجاء ، حتي العقل و يسيطر علي كل الحواس . ليس نقص ايمان بل هو حالة من سيطرة الهم و الإحباط علي الروح سيطرة تغلب العقل و المنطق و حتي القلب ، عذاب روح يسيطر فقط . مقولة جميلة للإمام - علي بن أبي طالب لا تربوا آبناءكم كما رباكم آباءكم .. فقد خلقوا لزمان غير زمانكم منهج رائع مختصر في التربية و التعامل مع الابناء ، تعاملوا معهم بمقتضيات زمانهم و في زمننا هذا يفترض بنا أن نحتويهم حتي و نحن نعلمهم الخطأ و الصواب .. لا نقسو لينكسروا و لا نتركهم للدنيا فيتوهوا شباب في ربيع عمرهم يفترض أن تكون هذه أيام سعادتهم يصيبون و يخطئون و يتعلمون من اخطائهم يملأون الدنيا صخب و حيوية و سعادة لا يفترض ابدا أن يكونوا نسخة مصغرة منا أو حتي معدلة ، لا يفترض أن تملأ عيونهم الدموع أو يحمل قلبهم هموم أو تحتويهم قبور الا بقدر الله. قبل أن تحاسبوهم علي فعلتهم و تجلدوهم و تكفروهم أو تترحموا عليهم ، حاسبوا المتسبب في هذه الحاله كيف أوصل زهور تتفتح لأن تري في الموت خلاص من كل ما يعذبهم ، بدلا من أن يحلمون بمستقبل سعيد يغيروا فيه وجه العالم للأجمل. لا تستصغروا عذابات الصغار و لا تصفوها بالتفاهة فما تستطيع أنت ان تتحمله لا يستطيع غيرك بنفس ظروفك أن يمر به فقط فما بالك في ان يتحمله دنياهم غير دنياكم و افكارهم غير افكاركم ، فلا تحملوهم علي كره دنياهم لانكم تفرضون عليهم قوالب لها لا أن يعيشوها بارادتهم . لا تضغطوا عليهم فتختل نفوسهم خللا يتجردوا فيه من كل ادوات التحكم يستصغرون فيه الكبائر و تصغر القيم و تصبح غير ذات معني بل و تهون الحياة. لا تفرطوا في أمانه لم تتواجد بارادتها في هذه الحياة، بل اختارتوا أنتم وجودها فاحسنوا اليهم . اقتربوا ، افهموا ، و تفهموا حتي ما تتخيلوا انه تافه ، فحتي شجار مع الاصدقاء قد يكون فقط قمة الجبل ليحمل في باطنه الكثير من الأوجاع و العذابات لن تتخيلوا كم تحمل قلوبهم و لن تتخيلوا ما يفعل قربكم منهم و لو بلمسه يد تشد علي يد الصغير عناق يشعر بداخله انه ليس وحده. ارتكان رأسه لصدر أمه ، افعال صغيرة تلقائية فيها الكثير من تفريغ للغضب و الهموم و الكثير من كسر العند و العصبية لتحل محل كل هذه المشاعر السلبية ، الحنان و الاحتواء و الحب الذي معه لن يحتاجوا لشئ ابدا. قلوبكم هي ملاذهم ملاذ الخائفين. اشياء لا يستطيع أحد أن يوفرها لهم غير آبائهم ، كلمة من أب أو أم فيها فهم و احتواء أو حتي فخر كافيه بأن يفعل المستحيل حتي ينال مثلها ثانيه. لا أحد يستطيع أن يملأ فراغكم في قلوب ابنائكم فأماكن الآباء في القلوب مغلقه علي مكانتهم ، فإما أن تملؤها انتم و الا ظلت خاوية علي عروشها. لا تملوا من محاولة الاقتراب و الاحتواء فهم يستحقون كل الجهد كل التعب و حتي التضحية، و لا تخجلوا من طلب المساعدة لهذا خُلق الطب النفسي ، الطب الذي يعالج أهم جزء في الانسان نفسه ، لا شئ أهم منهم أو يعوضهم فهم النبته التي ان صحت صلحت الحياة كلها.