قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إن من أسماء الله الحسنى، اسم الله "الواسع"، ومعناه: واسع الملك "وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ"، الذي يوسع على عباده.. يوسع عليهم في الرزق.. في الرحمة.. في سعة الصدر.. يوسع صدورهم وعقولهم.. يوسع على المضطر.. يوسع على المحرومين. وأشار خالد في الحلقة السادسة عشر من برنامجه الرمضاني "كأنك تراه" إلى مدلولات اسم الله الواسع كما وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية، والتي تشمل سعة الملك، سعة العلم، سعة القدرة، وسعة الرحمة والمغفرة. ومما يدل على سعة ملكه، ما رواه أبو ذر – رضي الله عنه – ، قال: قال لي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : " أتدري ما الكرسي؟ ، فقلت: لا، قال: " ما السماوات والأرض وما فيهن في الكرسي إلا كحلقة ألقاها ملق في أرض فلاة، وما الكرسي في العرش إلا كحلقة ألقاها ملق في أرض فلاة، وما العرش في الماء إلا كحلقة ألقاها ملق في أرض فلاة، وما الماء في الريح إلا كحلقة ألقاها ملق في أرض فلاة، وما جميع ذلك في قبضة الله – عز وجل – إلا كالحبة وأصغر من الحبة في كف أحدكم، وذلك قوله – تعالى – : { والأرض جميًعا قبضته يوم القيامة}". ولفت "خالد" إلى ما يدل على سعة علمه في قوله تعالى: "وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ".. وما يدل على سعة رحمته: "وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ" إذ أن "ذنوبك محدودة لكن رحمة الله غير محدودة". ومما استدل به خالد على ذلك قول إعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم ارحمني أنا ومحمد ولا ترحم سوانا"، فقال له النبي: "لقد ضيقت واسعًا". وشدد أيضًا على سعة عطاء الله تعالى، مصداقأ لقوله في الحديث القدسي: "يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا على صعيد واحد، فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر". وأكد خالد أن من مدلول اسم الله الواسع، أنه واسع القدرة .. من خلال التنوع في المخلوقات.. سبحان الذي وسع سمعه المخلوقات.. لو أن أحدً يكلمك وجاء آخر تقول له: لو سمحت اسكت حتى اسمع الآخر، أما الله فيسمع الخلق جميعًا في وقت واحد.. وتحدث عن سعة رحمة الله وشمولها، قائلاً: "سبحانه.. واسع الرحمة.. واسع المغفرة.. واسع العلم.. واسع العفو.. الواسع الذي يوسع على عباده ولا يضيق عليهم.. في الرزق "إذا أغلق بابًا بحكمته فتح أبوابًا برحمته".. القدر: إذا ضيق عليك قدرة إنما يدفعك لقدر أوسع لك.. النجاح: إذا أغلق باب نجاح فتح لك فرض أخرى كثيرة للحياة، لأنه الواسع. كيف ترى اسم الواسع في حياتك؟ وقال خالد: "إذ أردت أن يوسع الله عليك... وسع على عباده يوسع الله عليك، فلتختر أحدًا اليوم توسع عليه، وانظر لأثر ذلك عليك". وروى للتدليل على ذلك قصة صدي له اسمه الدكتور "مجد"، وهو طبيب أسنان عراقي يعمل في الإمارات يقول لي: عندما فتحت عيادتي كان لا يدخلها أي مريض ومرت شهور طويلة، وأنا أدفع إيجارًا كبيرًا، وأصبحت غير قادر على المتابعة حتى وصل الإيجار المتراكم إلى 18 ألف درهم، فاتصل بي صاحب البيت وقال لي إنه سوف يقوم بمقاضاتي غدًا وكان كل ما أمتلكه آنذاك 2500 درهم، وكان أن اتصلت بأبي لأسأل عن أحواله، فقال لي إن الوضع صعب جدًا عندهم فقلت له سوف أرسل لك حوالة اليوم ب2000 درهم، وفي اليوم التالي كنت ذاهبًا لصاحب العيادة، لأطلب منه منحي أسبوعًا آخر، وقبل ذهابي اتصلت بي الممرضة من العيادة، وقالت لي أن آتي بسرعة، لأن هناك حوالي 15 مريضًا في العيادة فذهبت ووجدته أحد شيوخ الإمارات، وكان متزوجًا أكثر من واحدة ولديه العديد من الأولاد وجاء بهم كلهم للكشف عليهم، وبعد أن انتهيت من الكشف كان إجمالي ما أخذته منهم 21 ألف درهم، أخذت منهم ألفًا لنفسي ودفعت 18 ألف درهم لأسدد ما علي من دين وصممت أن أرسل ال 2000 درهم الزائدة لوالدي، الآن يظهر دكتور مجد في الفضائيات بصفته أكبر طبيب أسنان في الإمارات، ويقول إنه منذ أن وسع على أبيه وسع الله عليه. وأوضح أن هذا الأمر له تطبيقات كثيرة مثل أن توسع على شاب وفتاة ليتزوجا يقول تعالى:[وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ]، وسع على زوجتك إن طلقتها [وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللهُ وَاسِعًا حَكِيمًا] النساء:130 واعتبر خالد أن "التوسعة عبارة عن نية حلوة، ولي في هذه النقطة قصة"، مدللاً بقصة حكاها له الشيخ عبد الرحمن فقيه صاحب أكبر مزارع دواجن في العالم العربي، وصاحب أكبر سلسلة فنادق في مكة، عندما سأله ما سبب هذه البركة والعطاء كله؟ قال: التوسعة نية حلوة فقد بدأت بمحل متر في متر أبيع به الدواجن، وكان لدي مزرعة صغيرة جدًا أربي فيها الدواجن. وأصاف: "وكانت الدجاجة تكلفني 5 ريالات، وكان من الممكن أن أبيعها ب10 ريالات وكنت وقتها الوحيد في مكة الذي يبيع الدواجن، ولكني لم أرد فعل ذلك وجلست مع نفسي ومع الله ونويت نية طيبة، فقلت إني سوف أبيعها ب 6 ريالات فقط، وبعد سنتين من البيع بهذا السعر أصبحت 10 أضعاف حجمي ولا أعرف كيف؟، فأنو نية حلوة ولكن قم بتنفيذها". وقال خالد إن اسم الله الواسع ذكر في القرآن 13 مرة، وفي كل مرة كان يقترن به اسم آخر وهو العليم، أي أنه سبحانه وتعالى علم صدق نواياهم فوسع عليهم، يقول تعالى: [مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ] {البقرة:261}، ويقول تعالى:[وَللهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ] {البقرة:115} فوالله لن تنوي خيرًا ويعلم به الله إلا ووسع عليك. ومضى محذرًا: "لا تحسد أحدًا، فمعنى أن تحسد أحدًا أن الله قد نفذ ما عنده فلن يكون قادرًا على إعطائك مثله وأن ما عند الله محدود ولكن الله واسع العطاء [...قُلْ إِنَّ الفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ] {آل عمران:73}، فالنفس البشرية تغار وبالذات من المنافسين والأقران، وقد أصبحت بعدما تعلمت هذا الجزء كلما رأيت أحدًا أعطاه الله أقول اللهم وسع عليه وعلينا". وحث خالد على أن يتسم الإنسان بسعة الصدر، "عندما تحس أن الدنيا ضاقت في عينيك اذهب للواسع، يفتح لك أبواب منزلة اليقين، يقول تعالى:[وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ] {التوبة:118}".
