السيسي: القوات المسلحة لها دور محوري في مسيرة التنمية الشاملة للدولة    سائق يعتدي على مسئول لجنة ضبط السرفيس بالقليوبية أثناء أداء عمله في كفر شكر    لسعة دبور في الجولان السوري المحتل تنهي حياة جندي إسرائيلي    بيراميدز يتقدم على الجيش الرواندي بهدف زيكو في الشوط الأول    هل يعود أشرف حكيمي لريال مدريد الصيف المقبل بتدخلات من مبابي؟    انطلاق برنامج "الاقتصاد 24" على شاشة القناة الأولى    أول صورة للوحة الأثرية المختفية من مقبرة خنتي كا بسقارة    6 نصائح لعلاج فطريات اللسان عند الكبار والصغار    بسعة 30 سريرا، نائب وزير الصحة يفتتح وحدة الرعاية المركزة بمستشفى صدر المنصورة    هالاند يقود جوارديولا لانتصاره رقم 250 في الدوري الإنجليزي على حساب برينتفورد    محافظة الجيزة ترفع «الفريزة» والفروشات بطريق المريوطية واللبيني فيصل بحي الهرم    نشاط فني مكثف.. علاء مرسي بين الكوميديا والدراما والسينما    وكيل صحة الأقصر.. يعلن بدء حملة التطعيم المدرسي للعام الدراسي 2024 / 2025    السكة الحديد تُسير الرحلة ال23 لإعادة الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    الدوري الإنجليزي.. أستون فيلا يفوز على بيرنلي بهدفين لهدف    فابريس: نحترم الأهلي ولكننا نؤمن بحظوظنا في تحقيق المفاجأة    تامر حسني يطلق من كان يا مكان إهداء لمهرجان نقابة المهن التمثيلية لتكريم رموز المسرح المصري    دور المقاومة الشعبية في السويس ضمن احتفالات قصور الثقافة بذكرى النصر    برينتفورد بتشكيلة هجومية أمام مانشستر سيتي في الدوري الإنجليزي    حماس: تصعيد استيطاني غير مسبوق في الضفة لابتلاع مزيد من الأراضي الفلسطينية    بلومبرج: البنك الأهلي المصري الأول في السوق المصرية بمجال القروض المشتركة    وزير التموين: تكثيف الرقابة والتصدى الحاسم لحالات الغش التجارى    تأجيل محاكمة 71 متهما بخلية الهيكل الإدارى بالتجمع لجلسة 21 ديسمبر    سيارة مسرعة تنهي حياة طفل أثناء عبوره الطريق بصحبة والدته في العجوزة    طرح 11 وحدة صناعية جديدة بمجمع المطاهرة بمحافظة المنيا    احزان للبيع ..حافظ الشاعر يكتب عن : في يوم المعلم… منارة العلم تُطفئها الحاجة..!!    سعر الذهب اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025.. عيار 18 بدون مصنعية ب4483 جنيها    القاهرة الإخبارية: انتهاء عمليات الاقتراع في عموم المحافظات السورية    «فيروز الطفلة المعجزة».. مهرجان الإسكندرية يستعيد بريقها في ندوة مؤثرة    أفضل 5 أبراج تنجح في التدريس أولهم برج القوس فى يوم المعلم العالمى    روبيو: لا يمكن تجاهل تأثير الحرب في غزة على مكانة إسرائيل في العالم    هل يشارك كيليان مبابي مع منتخب فرنسا فى تصفيات كأس العالم رغم الإصابة؟    ارتفاع حصيلة ضحايا الانهيارات الأرضية والفيضانات في نيبال إلى 42 قتيلا    حكم الذكر دون تحريك الشفتين.. وهذا هو الفرق بين الذكر القلبي واللساني    مستشفى الغردقة العام تستقبل الراغبين فى الترشح لانتخابات النواب لإجراء الكشف الطبي    «بس ماترجعوش تزعلوا».. شوبير يعتذر ل عمرو زكي    إزالة 50 حالة تعدٍّ واسترداد 760 فدان أملاك دولة ضمن المرحلة الثالثة من الموجة ال27    رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس والمباني الخدمية التابعة لها    رئيس جامعة المنيا يهنئ السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    تعليق مفاجئ من الجيش اللبناني بعد تسليم فضل شاكر لنفسه    سر إعلان أسرة عبد الحليم حافظ فرض رسوم على زيارة منزل الراحل    مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي يكرم فناني ومبدعي المدينة (صور)    وزارة الإسكان السعودي تحدد نقاط أولوية الدعم السكني 2025    موعد أول يوم في شهر رمضان 2026... ترقب واسع والرؤية الشرعية هي الفيصل    «اطلع على كراسات الطلاب وفتح حوارا عن البكالوريا».. وزير التعليم يفتتح منشآت تربوية جديدة في الإسكندرية (صور)    شهيد لقمة العيش.. وفاة شاب من كفر الشيخ إثر حادث سير بالكويت (صورة)    «صفر مساهمات وإيقاف قيد محتمل».. ماذا جنى الزمالك من صفقة عبدالحميد معالي؟    وزير الصحة: تم تدريب 21 ألف كادر طبي على مفاهيم سلامة المرضى    مرسوم جديد من «الشرع» في سوريا يلغي عطلة حرب 6 أكتوبر من الإجازات الرسمية    الأوقاف تعقد 673 مجلسا فقهيا حول أحكام التعدي اللفظي والبدني والتحرش    مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الشرقية    3 ملايين جنيه.. حصيلة قضايا الاتجار في العملات ب«السوق السوداء»    سوريا تنتخب أول برلمان بعد بشار الأسد في تصويت غير مباشر    عقد مؤتمر في القاهرة لعرض فرص الاستثمار الزراعي والتعدين بالولاية الشمالية في السودان    عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويف    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المونتاج وال«Deepfake».. عصر جديد من فنون «الفبركة والتزييف»
أحدث أسلحة «حرب الأكاذيب»..
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 29 - 09 - 2019

- الخشاب: التعديل على الفيديو لم يعد صعبا.. واحتراف البرامج متاح على «يوتيوب»
- جبريل: التقنيات الحديثة المضادة توفر حلاً جزئياً
شاهدنا في الآونة الأخيرة العديد من الفيديوهات المفبركة والمزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، كان الهدف منها توجيه رسالة محددة تخدم أفكار الجماعات الإرهابية لتعود بنا لنقطة ما قبل الصفر.. واستخدمت تقنيات حديثة في ترويج الشائعات على جمهور الإنترنت.. فلم تكتف بنشر أخبار كاذبة أو صور قديمة فقط.. بل قامت بالتعديل والفبركة على الفيديوهات مستخدمة برامج وأساليب تستخدم في فنون المونتاج والإخراج السينمائي، وبجانب فنون السينما تنتشر وتتطور تقنيات «الديب فيك»، لنكون على أبواب حرب تضليل معلوماتية خطيرة تستخدم أحدث التقنيات التكنولوجية التي عرفها هذا العصر.. وخلال هذا التحقيق نحاول الاقتراب منها وإلقاء الضوء على كيفية عملها وتطورها وتكلفتها وكيف يمكن مواجهتها؟
يجب أن نفرق أولا بين نوعين من الوسائل والتقنيات التي تستخدم للتعديل على الفيديوهات وصناعة فيديوهات مزيفة، الطريقة الأولى يستخدم فيها برامج المونتاج والمؤثرات السينمائية وفنون الإخراج السينمائي، والثانية يستخدم فيها تقنية «الديب فيك».. وسوف نتحدث أولا عن تقنيات فنون المونتاج والإخراج السينمائي في تزييف الفيديوهات ومن أشهر الخبراء في هذا المجال هو المخرج تامر الخشاب أو «بتاع الفلاشة» كما اشتهر على السوشيال ميديا بعد حضوره المؤثر في مؤتمر الشباب الأخير، حيث قام بعرض نماذج لفيديوهات مزيفة صنعها بنفسه لتوضيح كيفية استخدام تلك البرامج في تحريف وفبركة الفيديوهات غير الحقيقية، وأوضح كيفية إضافة مؤثرات بصرية وسمعية بغرض التضليل لإنتاج فيديو خلال المؤتمر خُدع فيه أغلب الخبراء في مختلف المجالات.
ويوضح المخرج تامر الخشاب مقدم برنامج «فشنك» على قناة سي بي سي، أن المونتاج هو فن اختيار وترتيب المشاهد وطولها الزمني على الشاشة بحيث تتحول إلى رسالة محددة المعنى، ويستند المونتير الذي يقوم بالمونتاج والتعديل على الفيديوهات في عمله على خبرته وحسه الفني وثقافته العامة وقدرته على إعادة إنتاج مشاهد تبدو مألوفة بالقص واللصق وإعادة الترتيب والتوقيت الزمني للأحداث، حتى تتحول إلى دراما ذات خطاب موجه إلى الجمهور، ومع الطفرة التقنية التي تتسارع وتيرتها يوما بعد يوم في هذا المجال، يبرز دور المونتير إلى أن يتوازى مع دور المخرج وكاتب السيناريو لأي عمل درامي.
ويضيف الخشاب أن برامج المونتاج والتعديل على الفيديوهات وإضافة صور ونصوص ومقاطع صوتية إلى الفيديو متاحة للجميع على الإنترنت وليست حكرا على أحد، ومتاحة بسهولة بالإضافة إلى توفر المواد التعليمية والشرح الخاص بها على اليوتيوب ويمكن مشاهدتها والتعلم منها واحترافها، ويمكن استعمال تلك البرامج على الكمبيوتر العادي فهى لا تحتاج مواصفات أجهزة جبارة لتشغيلها، وإنتاجها لا يتكلف الكثير لأنها تعتمد على فيديوهات التقطت من خلال كاميرا الموبايل البسيطة، قام بتصويرها أفراد عاديون ليسوا محترفين ويتم التعديل عليها باستخدام تلك البرامج، لأنها لو التقطت من مصورين محترفين وتم التعديل عليها داخل أستوديو وزادت تكاليف إنتاجها قد تفقد مصداقيتها والهدف من ورائها، لأن النوع الأول من التصوير يعطي مصداقية أكثر للفيديوهات المزيفة.. بسبب تصويرها من قبل المواطن العادي ويعبر فيها عن رأيه تجاه قضية معينة أو يظهر شكواه ومعاناته تجاه خدمة أو مرفق محدد.. وهذا هو المطلوب لتحقيق هدفها وهو إقناعك بسبب بساطتها، لذلك لا يحتاج الفيديو المعدل إلى مجهود كبير بل يحتاج إلى الخبرة وجهاز كمبيوتر بسيط نسبيا.
«التلاعب بالميديا»
ويؤكد الخشاب أن زيادة وعي الشخص نفسه هو الحل لاكتشاف مثل تلك الفيديوهات المزيفة، وعليه أيضا أن يشك دائما في المعلومة وخاصة التي تحوي رسالة موجهة، مثل الفيديو الذي عرض في مؤتمر الشباب ويظهر وجود شروخ في مشروع للإسكان الاجتماعي بحي الأسمرات، وكان الغرض من عرضه هو توصيل رسالة إلى المشاهد بوجود تقصير رهيب في التشطيبات وعدم الاهتمام بهذا المشروع والتشكيك في الجهة المنوطة ببنائه، ويعتبر هذا الفيديو من الفيديوهات الموجهة وعليه يجب أن يتصرف المواطن بنفس الطريقة مع أي فيديو موجه ويحتوي رسالة مثل السابقة، فإذا وجد فيديو على الإنترنت أو مواقع التواصل الاجتماعي يشكك في معلومة تاريخية أو معلومة دينية أو يقلل من مجهود ويسيء إلى أي جهة أو مؤسسة من مؤسسات وهيئات الدولة، أن يتحقق أولا ويبحث ويستفسر ولا ينجرف ويصدق بكل حواسه أن هذا الفيديو صحيح وإذا قدر له أن يخدع مرة فيحاول ألا يخدع مرتين، وكان هدفي من الفيديوهات التي عرضت في مؤتمر الشباب هو التأكيد على نقطة أن كل شيء في هذا العصر من ميديا قد يتلاعب فيها لتضليل المشاهد، بسبب أن تلك التقنيات تستطيع أن تخلق أحداثا من العدم.
«المشاهد والإعلام»
ويوجه الخشاب رسالة إلى جمهور المشاهدين والمستخدمين للإنترنت والذين تعرض عليهم مثل تلك الفيديوهات بضرورة أن يعى دائما أنه مستهدف ويجب أن يكون في حالة شك مما يعرض عليه من فيديوهات موجهة لها رسالة القصد منها الاستثارة وتوجيه الفكر وتغيير المعتقدات، لأن العدو الآن يستطيع أن يخترق ذاتك وإدراكك باستخدام رسالة الصوت والصورة معا، وأؤكد: أنت مستهدف والحرب لم تنته بل قام العدو بتغيير أساليبه وتقنياته ويرسم تكتيكا جديدا للاستمرار في المراوغة والمناورة.. ويجب عليك أن تتعلم وأن تدرك أن «الفبركة» وتزييف الواقع أصبح سهلا جدا، ويجب أن نتعلم ولا نقتنع بسهولة، مشددا على أن البرامج المستخدمة في تعديل الفيديوهات تتطور باستمرار، وعلى الإعلام والمؤسسات الصحفية أن تستعد لتلك الحرب الجديدة بشيء من الدراسة والأبحاث العلمية والعملية، حتى تقدم للجمهور مادة غنية بطريقة مختلفة تشد انتباه المشاهد ليتذكر الحقيقة ويتجاهل ما أشيع وينساه وألا يقتصر الرد والمعالجة على النصح والإرشاد.
«الذكاء الاصطناعي»
وعن مستقبل المونتاج والتقنيات التي تستخدم في الإخراج يشير الخشاب إلى أن الذكاء الاصطناعي اقتحم فنون المونتاج والإخراج والمؤثرات والخدع السينمائية منذ فترة وهناك الكثير من الخدع السينمائية يستخدم فيها الذكاء الاصطناعي، وعلى سبيل المثال يمكن بناء شخصيات افتراضية بالكامل على برامج الكمبيوتر وإدخالها في حروب والتحكم فيها، وسوف تذهل من تلك اللقطات مسبقا وعندما تشاهدها كأنك تشاهد ممثلين حقيقيين يتحاربون، وهذا يزيد من الخوف إذا ما انتقلت تلك التكنولوجيا لعالم التزييف لأنها قد تنتج فيديوهات تؤدي إلى كوارث حقيقية.
«الديب فيك.. Deepfake»
عصر جديد من الفبركة والتزييف.. حيث تستخدم فيه التكنولوجيا والتقنيات والبرمجيات المعقدة وقد يستحيل فيه تمييز الحقيقة عن الكذب، إنه عصر التزييف العميق أو ما يعرف بالديب فيك ال «Deepfake».
ومصطلح ال ««Deepfake مكون من مقطعين.. الأول ويقصد به العمق وهى مشتقة من مصطلح التعليم العميق أو «LEARNING DEEP» ويطلق هذا المصطلح على البرامج التي تستخدم الذكاء الاصطناعي، لتطوير تعلم الآلات وتطور البرمجيات اللازمة لها والمقطع الثاني وهو التزييف، ويطلق مصطلح الديب فيك «Deepfake» على الصور والفيديوهات المفبركة والتي استخدم فيها تقنية وشبكات ال«GAN» ووصف علماء البرمجة في العالم تلك الشبكة بأنها من أكثر البرمجيات إثارة للدهشة، فتتميز تلك التقنية عن غيرها من شبكات الذكاء الاصطناعي الأخرى بأنها لا تكتفي فقط بمقارنة البيانات وتصنيفها وعرض النتائج بناء على مدخلات ثابتة، بل لها القدرة على التعلم وإنتاج بيانات مشابهة للبيانات الأصلية!
«البداية»
في نوفمبر عام 2017 نشر بوست على موقع «REDDIT» من خلال إحدى الصفحات.. عبارة عن الإعلان عن مقاطع فيديوهات كثيرة «إباحية» لشخصيات عامة ومشهورة أجنبية! وانتشر البوست سريعا وكانت تلك المقاطع واقعية ومقنعة ولا يمكن التفكير في فبركتها أو التلاعب بها بالوسائل التقليدية، وقبل بوست «REDDIT» وفى عام 2014 نشرت جامعة كورنيل «جامعة أمريكية خاصة في ولاية نيويورك».. ورقة عمل قام بها الدكتور «ايان جودفيلو» يصف فيها نوعا جديدا من الشبكات العصبية الاصطناعية، والمقصود بالشبكة هنا أكواد وبرمجيات وبرامج معقدة مرتبطة ببعضها البعض وتعتمد على بعضها في العمل، وعرفت تلك الشبكة بالشبكة التخاصمية المولدة أو Generative Adversarial Network أو ال «GAN ..وتلك الشبكة العصبية هى خوارزمية تتكون من مجموعة من التعليمات المتسلسلة قادرة على توليد النصوص والصور والموسيقى.
وتعتبر شبكات ال«GAN» البنية التحتية لكل البرامج والبرمجيات التي تنتج ما يعرف بالديب فيك، ويشار إلى جودفيلو بأنه ذلك الشخص الذي أعطى الآلات القدرة على التخيل.
«الصراع التقليدي»
ربما التساؤل حول كيفية عمل تلك التقنية يزيد أهمية نسبية عن مشاهدة أحد الفيديوهات التي انتجت بها، وسنشرح بطريقة مبسطة كيفية عمل تلك التقنية معتمدة على الشبكة التخاصمية المولدة أو ال «GAN».. وتلك الشبكة عبارة عن شبكتين الأولى يطلق عليها المولد وهى تنتج عينات عشوائية في اتجاهين وشبكة أخرى يطلق عليها المميز ووظيفتها التمييز بين العينات والبيانات الحقيقية والعينات والبيانات غير الحقيقية، وتحاول الشبكتان دائما خداع بعضهما البعض.. فتحاول الأولى إنتاج عينات عشوائية والثانية تتعرف عليها وتمنعها بسبب عدم مطابقتها للعينات الأصلية، وبذلك نكون أمام شبكتين متخاصمتين تحاول كل شبكة منهما التفوق على الأخرى، والنتيجة تكون تعلم شبكة المولد والتي تنتج عينات غير حقيقية كيف تخدع الشبكة الثانية وتتغلب عليها بمرور الوقت!، حتى تصل لإنتاج عينات وبيانات مشابهة لحد كبير للعينات والبيانات الحقيقة وقد تصل لدرجة يعجز فيها المميز التفرقة بين العينات الحقيقية وغير الحقيقية.. الأمر أشبه بالصراع التقليدي بين مزور العملات النقدية الذي يحاول بشتى الطرق صنع عملات نقدية مزيفة، ومن الجهة الأخرى يقف الشرطي المتخصص والذي يحاول جاهدا كشف التزوير.
فإذا أردنا تغيير صورة شخص ما بفيديو معين فإننا نقوم بإدخال صور الشخصين معا، وتقوم برامج ال «GAN» بالتعرف على صور الشخصين وتصنيفها وكطفل يتعلم الرسم تتعلم التقنية ملامح الوجهين، وبعد ذلك نستخلص الصور المراد تغييرها بجميع مقاطع الفيديو الأصلي وتبديلها بالصور التي أنتجتها الشبكة.. والأمر هنا بتعبير تقني كأنك تضغط ذر الماوس لتقول للبرنامج قم بإعادة رسم الوجه للشخص الأصلي بملاح وخصائص وجه الشخص الأخر، ويعتبر برنامج «FACE APP» من أشهر البرامج التي استخدمت تلك التقنية وأبسط مثال على قدراتها.
هدف ال«Deepfake»
ويؤكد شادي جبريل متخصص في التحقق عن الأخبار وتدقيق الوقائع أن التزييف العميق أو الديب فيك تقنية تستخدم لإنتاج فيديوهات مفبركة تستهدف الشخصيات العامة سواء كانت سياسية أو غير سياسية، وتستخدم لإظهارهم يدلون بتصريحات لم يدلوا بها أو إنتاج فيديو يسيء لسمعتهم، وتقوم التقنية على رصد صور متعددة لحركة وجه وفم الشخصية المراد تزييف تصريحاتها، ويتم نقل هذه الصور إلى برنامج الشبكة العصبية من أجل دمجها مع وجه شخصية أخرى تدلى بتصريحات تظهر في نهاية عملية التزييف على لسان الشخصية الأولى، ويوضح جبريل أن تلك التقنية استخدمت في بادئ الأمر مع فنانين مشهورين لتشويه سمعتهم بالزج بصورهم في أفلام إباحية لم يكونوا فيها على الإطلاق، ولكن سريعا ما تطور الأمر وانتقل إلى فبركة تصريحات شخصيات عامة سياسية، كانتشار فيديوهات مفبركة للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما وأخرى للرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب.. الأمر الذي يؤكد خطورة تلك التقنية واستعمالها لتزييف الحقائق في قضايا شائكة
«طرفة عين!»
وقد يتعرض جمهور مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت في المستقبل القريب لمقاطع مصممة على طريقة ««Deepfake تستهدف نسب تصريحات لمسئولين وشخصيات عامة، تهدف إلى استفزاز مشاعر الجمهور، وإذا ما راودتك تلك الأحاسيس والظنون فينصح خبير التحقق من الأخبار وتدقيق الوقائع جمهور الإنترنت بالشك! وأولى الخطوات التي يقوم بها المشاهد للكشف عن حقيقة هذا الفيديو وهل استعملت فيه تقنية الديب فيك هى مشاهدة مقطع الفيديو بالبطيء لاكتشاف ما إذا كان هناك تغير للون البشرة في حافة الوجه أم لا، ثم على المشاهد ملاحظة طرفة العين للشخص الظاهر بالفيديو.. فالأشخاص تطرف أعينهم ما بين 2 و10 ثوان وتستغرق الومضة ما بين عشر وأربعة أعشار الثانية، وهذا لن يحدث في العديد من فيديوهات الديب فيك، ومن أهم الخطوات للتحقق هى توافق وتزامن مؤثرات الصوت الخلفية مع طبيعة المكان الذي تم فيه تصوير الشخص.
ويشير جبريل إلى أن ذلك مؤشرا قويا على تزييف المقطع، فعلى سبيل المثال يتم تصوير شخص ما بالطائرة وتسمع أصوات عصافير أو أحد مؤثرات الصوت في الشارع بخلفية الفيديو.. بالإضافة إلى حركة الفم والشفاه البطيئة والتي قد لا تتزامن مع النطق الصحيح للكلام.
«حل جزئي»
كل ما سبق من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها المزيفون عند صنع الديب فيك، وتلك التقنية في تطور مستمر ومطوروها من المبرمجين يتعلمون من أخطائهم بسرعة، ويقوم الخبراء والباحثون في العالم الغربي حاليا على تطوير أداوت مضادة يمكنها الكشف عن التزييف العميق، ولكن تلك الأدوات لن تقدم سوى حل جزئي لهذه المشكلة لسرعة تطور التقنية والشبكة الخاصة بها، تماما كما هو الحال مع تطور فيروسات الكمبيوتر وكيفية مكافحتها.
ويوضح جبريل أنه في المستقبل ستتخذ تلك التقنيات منحى خطيرا إذا لم تُشرع قوانين صارمة تجرم من استخدامها في أغراض التزييف والتشهير، وأن يتم الإعلان عن الأدوات والتقنيات التي تكشف الديب فيك، لأن الأدوات الكاشفة لم تخرج إلى النور بشكل قوى حتى الآن، والإعلان عنها سيثرى النطاق البحثي بمزيد من المعلومات المهمة في فضح تقنية التزييف العميق.. وينصح جبريل الجمهور بتوخي الحذر عند الاستماع لتصريحات مثيرة للاستفزاز أو غير اعتيادية أدلت بها شخصيات عامة، وعليهم الرجوع لمصدر الفيديو الأصلي للتعرف على مدى مصداقية التصريحات وتطبيق ما أشرت إليه من قواعد تعتمد على قوة الملاحظة للفيديو المشكوك فيه.
ويشير إلى أن الفيديو المزيف بالديب فيك على نحو احترافي شديد لا يتعدى الثلاثين ثانية أو دقيقة على الأكثر بسبب التكلفة المرتفعة في إنتاجه، ويؤكد خبير التحقق وتدقيق البيانات على ضرورة إنشاء «وحدة لتدقيق الوقائع» في كل مؤسسة إعلامية وصحفية لتقوم برصد مقاطع الفيديو والتعرف على مدى صحتها حتى لا تقع في مصيدة النشر السريع قبل التحقق من الخبر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.