عنوان مثير جدا ذلك الذي اختاره الناقد الأدبي د. أبو اليزيد الشرقاوي، أستاذ الأدب بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، لأحدث كتبه عن "شعرية غياب المرجع.. تفجير اللغة"، وهو الكتاب الصادر عن النادي الأدبي التابع لوزارة الثقافة والإعلام بالمملكة العربية السعودية. ويؤكد د. الشرقاوي "لبوابة أخبار اليوم" أن "تفجير اللغة" يُمثل التجلي الواقعي لرغبة شعراء الحداثة في فصل الدال عن المدلول من خلال تغييب المرجع، لذا حاولت الدراسة تقديم لمحة دالة عن السياق التاريخي لنشوء هذه الفكرة، وما ترتب على هذه المحاولة، من أحلام شعرية في الوصول بالشعر إلى حد "النقاء" والخلو من "المرجع"، وتتحول القصيدة إلى لغة تتحدث عن نفسها، وهذه هي أدبية الأدب، وكلما نجحت اللغة في أن تكون إحالتها داخلية، كان ذلك نجاحها في منظور النقاد، وهذه هي الوظيفة الشعرية عند جاكوبسون و"سمطقة القصيدة" عند ريفاتير، وهو التشكيل الفني في الحداثة. ويشير د. الشرقاوي إلى أن هذه النشوة انتقلت إلى الثقافة العربية مع نهايات ستينيات القرن الماضي، وأظهر بعض الشعراء تقبلهم لها ببيانات وشعارات براقة، ولم يتوقف الأمر عند حد الإعجاب، فحاولوا كتابة شعر عربي يحقق هذه الحالة من غياب الإحالة، مما أثار جدلا ثقافيا حولها– وكان معظم هؤلاء الشعراء نقادا– تبناه النقاد الطليعيون، وهذه صفة أطلقوها على أنفسهم تمييزا لهم عن الذين رفضوا هذا الحلم، واتهموا المحاولة بالعجز والنزق، ومعظم هذا الجدل، نظريا، يعيد إلى الأذهان– بصورة ما– الجدل التراثي حول "القدامى والمحدثين". ويضيف د. الشرقاوي: "تحمل هذه الدراسة مهمة تقديم نموذج شعري حاول تطبيق هذه الأفكار، فترصد ملامح هذه التجربة ومدى النجاح والإخفاق الذي رافقها، موضحة القيمة الفنية لها، من خلال ديوان محمد عفيفي مطر، الذي يبدو شاعرا مميزا جدا في تجربته الشعرية، ومتفردا في مجاله". يُذكر أن المؤلف مهتم بقصيدة النثر وإرهاصاتها، وله عن قصيدة النثر أربعة كتب منشورة وعشرات الأبحاث والمقالات المنشورة في مجلات علمية محكمة، إضافة إلى دراسات تأصيلية لحركة الشعر الحر، ونشر عن صلاح عبد الصبور أكثر من دراسة أهمها (تحولات المعنى المراوغ) ودراسة عن أمل دنقل ودراسة أخرى عن مجموعة من شعراء السبعينيات.