أثارت الزيارة المرتقبة للرئيس محمد مرسى إلى إيران أواخر الشهر الحالي لحضور مؤتمر قمة دول عدم الانحياز- ردود أفعال واسعة وترقب لتلك الزيارة. وتأتى تلك الزيارة بعد جمود في العلاقات بين القاهرةوطهران زادت عن ال 30 عاما، وتتزامن مع بحث مصر عن استعادة دورها الإقليمي مرة أخرى، ووجود نوع من التوتر الشديد بين إيران ودول أخرى عديدة حول برنامجها النووي خاصة أمريكا وإسرائيل، مما يجعل لتلك الزيارة ذات طابع خاص . ويشير رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب السابق د.محمد إدريس إلى أن عدم وجود علاقات طبيعية بين مصر وإيران طوال ال 30 سنة الماضية كان بسبب ضغوط أمريكية وإسرائيلية على النظام السابق وأن استمرار مصر في بعدها عن إيران معناه أن إرادة مصر لن تستقل بعد . وقال إدريس فى تصريحات لبوابة أخبار اليوم إن جميع الدول العربية والإسلامية وأغلب دول العالم لديها علاقات طبيعية مع إيران، وأن دول الخليج بالكامل لديها علاقات مميزة مع إيران ،مضيفا أن مصر هي "دولة دور" وفى كل مرة تغلق فيها أبوابها على نفسها وتنكفئ إلى الداخل ينتج عن ذلك "مصر الضعيفة"، وأن في كل مرة تخرج عن حدودها الجغرافية وتطور علاقاتها مع دول الجوار الإقليمي تكون "مصر القوية الرائدة ". وأشار إلى أن مصر باعتبارها أكبر وأقوي دولة عربية فهناك دول العربية تريد أن تبقى مصر منكفئة حتى تقوم هي بدور قيادة الأمة العربية وتوجيه النظام العربي حسب أهوائها ومصالحها المباشرة وجعل الدور المصري تابع لهذه الدولة العربية أو تلك . ونوه إلى أن مصر مطالبة بملء الفراغ الموجود الآن والذي لم تستطيع أي دولة عربية أن تملؤه، مضيفا أن عودة الدور المصري الإقليمي سيؤدى إلى ضبط أداء منظومة التفاعلات الإقليمية . وأوضح أن الرئيس مرسى ذاهب إلى طهران لحضور مؤتمر حركة عدم الانحياز باعتبار أن مصر الرئيس الحالي لهذه الدورة حيث ستسلم رئاسة الحركة إلى إيران الرئيس الجديد للدورة الجديدة ومن غير اللائق أن يتولى نائب الرئيس أو وزير الخارجية هذه المسئولية لأن ذلك معناه استمرار مصر في القطيعة مع إيران. من جانبه أكد مدير مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية السفير عمر الحسن أنه من الطبيعي أن تتخوف كل من الولاياتالمتحدة وإسرائيل من الزيارة التي سيقوم بها الرئيس محمد مرسى إلى طهران على اعتبار أن هذه خطوة جاءت بعد فترة ليست بالقصيرة من الجمود في العلاقات بين البلدين خلال فترة النظام السابق ،مضيفا أن النظام الجديد بقيادة الرئيس مرسى وحكومته يتخذ قراراته حسب مصلحته وإرادته وسيادته . وقال السفير الحسن إنه يستبعد تماما أن يكون هناك أي تخوف من قبل دول الخليج تلك الزيارة على اعتبار أن دول الخليج واثقة أن مصر لن تفرط مطلقا بأمن الخليج وأن القاهرة صرحت مرارا بعد الثورة أن أمن دول الخليج هو خط أحمر لا يجوز لأحد أن يتخطاه ،مضيفا :أرى في هذه الزيارة أنها عنصر لصالح الدول العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص على اعتبار أن مصر دائما هي توازن استراتيجي لصالح الأمة العربية . وأشار الخبير في الشئون الخليجية إلى أن دول مجلس التعاون لا يمكن أن تتدخل في قرارات مصر الداخلية ،وتابع: مصر الآن تنظر إلى مصلحتها وهذه القرارات لن تكون على حساب دول الخليج على اعتبار أن هناك تكامل اقتصادي وسياسي وأمني بين مصر ودول الخليج وبالتالي أي قرار تتخذه مصر يكون في مصلحتها وأيضا لن يكون على حساب دول الخليج . وشدد على أن عودة العلاقات المصرية الإيرانية سيكون في صالح التوازن الاستراتيجي لدول المنطقة الذي سيصب في صالح دول الخليج، مضيفا: نحن لا نريد أن نكون طرف في النزاع الأمريكي الإيراني أو الإسرائيلي الإيراني، فإسرائيل تريد أن تورط المنطقة في حرب جديدة ستكون هي المستفيدة منها وأمريكا تحاول أن تخيف العالم "بفزاعة إيران" وأن تجعل دول الخليج مكانا لتصدير السلاح . وأشار السفير عمر الحسن إلى أن المطلوب من مصر هو أن تلعب دور في خلق جو مطمئن لدول الخليج وفى نفس الوقت أن تحذر إيران من التدخل في شئون دول المنطقة، مضيفا أن هذا لن يأتي إلا من خلال اتصالات وحوار مباشر وليس من خلال أمريكا أو أي دولة أخرى .