ليس خافيا ان الحرب الضارية التي تتعرض لها أمتنا العربية تستهدف التفتيت والتقسيم وبث الخلافات واثارة الصراعات .. باعتبارها من أهم العناصر الفاعلة لتطويعها والسيطرة علي مقدراتها . ان المحور الأساسي لهذا التحرك التآمري من اجل تعطيل مسيرة هذه الأمة نحو النهوض والتقدم.. يعتمد علي إشاعة أجواء التشكيك لضرب العلاقات بين أنظمتها الحاكمة وشعوبها. هذه السياسة التي تتبعها القوي الحاقدة التي تستكثر علي الدول العربية الالتحاق بركب التقدم والنهوض الاقتصادي والاجتماعي تعتمد علي تفعيل مبدأ «فرق تسد». كوسيلة لتحقيق هذا الهدف. يتم تفعيل هذا المخطط باختلاق الصراعات بين الدول العربية بعضها البعض وكذلك بين دول الإقليم الواحد من خلال المشاكل الحدودية والمذهبية واحياء الاطماع التاريخية القديمة. بالنسبة لمنطقتنا العربية المستهدفة فإن هذا المشهد تمثل في عصرنا الحديث في المؤامرة الخسيسة التي أقدم عليها صدام حسين عندما قام بغزو دولة الكويت العربية واحتلها ضاربا عرض الحائط بكل مبادئ الإخوة العربية والإسلامية والمواثيق الدولية. لم تقتصر هذه الجريمة التي شجعته علي ارتكابها اجهزة مخابراتية أجنبية.. علي ما طال دولة الكويت الشقيقة بل إن شطحاته الجنونية دفعت به إلي التحرك لتهديد أمن المملكة السعودية وباقي دول الجزيرة العربية. إن صدام وفي إطار قصور فكره وعدم إدراكه لكمين استخدامه لخدمة التآمر الخارجي لم يستوعب درس توريطه في حرب السنوات الثماني مع قادة دولة الملالي الإيرانية الذين سيطر عليهم أيضا الغرور والاطماع. هذه الحرب المدمرة لم يكن لها من نتيجة سوي الانهاك الاقتصادي والاجتماعي والعسكري. للطرفين المتقاتلين وكل منطقة الخليج العربي. هذا الصراع الدموي لم يحقق سوي الدمار والخراب نتيجة التعرض لحالة من التدمير والخراب.. أصبح مؤكدا ان كل ما استهدفته القوي المعادية والمتربصة هو استنفاد الامكانات المالية التي انعم الله بها علي الدول العربية وجيرانها من ثروات بترولية اثارت شهية الحقد والاطماع خاصة بعد ما شهدته من ارتفاعات هائلة في قيمتها وأسعارها. كارثة غزو الكويت التي استهدفت الأمة العربية وكل منطقة الشرق الأوسط تمددت في السنوات الأولي للألفية الثالثة لتشمل تقسيم السودان واثارة صراعات وحروب أهلية وإرهابية في تونس وليبيا وسوريا واليمن وهو ما ادي إلي القضاء علي أمنها واستقرارها. ادراكا لاهمية محورية دور مصر والسعودية في لم الشمل العربي فقد جري شغل مصر بضغوط اقتصادية ومؤامرة حكم جماعة الإرهاب الإخواني وذيولها الإرهابية. في نفس الوقت جري استخدام جماعة الحوثيين عملاء إيران للاستيلاء علي الحكم في اليمن وبالتالي تهديد أمن واستقرار الجزيرة العربية وهو ما رفضته المملكة السعودية ومعها كل الدول العربية والإسلامية. لم يكن خافيا أن الهدف الاستراتيجي العدائي فيما تواجهه مصر والسعودية من اخطار انما يرجع الي إدراك وإيمان القوي المعادية لما تمثله هاتان الدولتان من أهمية قصوي في دعم الأمن والصمود العربي في مواجهة موجات التآمر. انها وعلي هذا الأساس ركزت جهودها علي بذل كل ما تستطيع لتعطيل التلاقي والتوافق بين الدولتين بهدف حرمان الأمة العربية كلها مما يمكن ان تجنيه من وراء ذلك متمثلا في دعم وجودها وسيادتها والحفاظ علي حقوقها ومصالحها. انطلاقا من هذه الحقيقة التاريخية كان من الطبيعي أن يتم اجهاض هذا المخطط بالزيارات الاخوية المتبادلة بين قادة الدولتين العربيتين المحوريتين الكبيرتين .. من هنا يأتي هذا الاهتمام البالغ بتلك الزيارة التاريخية الرسمية الأولي التي بدأت أمس - بعد توليه الحكم بالسعودية - التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لمصر. من المؤكد أن الحفاوة والترحيب ونتائج المباحثات مع الرئيس عبدالفتاح السيسي لابد وان تحظي بأعظم قدر من الاهتمام والمتابعة والتحليل. علي ضوء المؤشرات التفاؤلية عربيا واقليميا ودوليا التي ستسفر عنها مباحثات ولقاءات الرئيس عبدالفتاح السيسي والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز فإنه من المتوقع ان تكون للنتائج انعكاسات ايجابية قوية لصالح مسيرة العلاقات الاخوية التاريخية بين البلدين والشعبين الشقيقين في كل المجالات السياسية والاقتصادية والامنية. ويتفق الخبراء والمحللون علي ان أي انجاز تحققه زيارة العاهل السعودي سوف تصب في صالح الامن القومي العربي بمشموله العام. ليس هناك مايمكن ان يقال للكادحين والحاقدين والمتآمرين وعلي ضوء ما هو متوقع تحقيقه من وراء هذه الزيارة سوي موتوا بغيظكم.