رغم فشل التجربة الأولى لعدد من المخرجين وعدم تحقيقها النجاح المرجو، ليكون حافزا لاستكمال مسيرتهم ومشوارهم في العمل الفني، إلا أنها لم تهتز ثقة العديد من المخرجين في قدرتهم على تقديم الأفضل. استطاع عدد من المخرجين في التصدي لليأس أو الإحباط الذي كان من الممكن أن يصابوا به بعد فشل التجارب الأولى لهم في عالم الإخراج سواء السينمائي أو التليفزيوني، وأصبحوا من بين أهم المخرجين، بعد أن توالت أعمالهم الناجحة فيما بعد، ليؤكدوا أن السبب في فشل تجاربهم الأولى ليس ضعفهم كمخرجين، وإنما قد يكون سوء حظ أو سوء اختيار للموضوع أو للأبطال. يأتي على رأس هؤلاء المخرجين، سعيد حامد ، حيث في عام 1993م قدم أولى تجاربه الإخراجية وكان فيلم "الحب في الثلاجة" تأليف ماهر عواد، وبطولة يحيى الفخراني وعبلة كامل، ولوسي ولم يجد نجاحا تجاريا، لاختلافه عن النمط السائد آنذاك، حيث كان الفيلم ينتمي ل "الفانتازيا" وهي غريبة على المشاهد المصري في ذلك الوقت، وعلى الرغم من ذلك فقد وجد إشادة كبيرة من كل نقاد السينما، وفاز بأكثر من 8 جوائز في مهرجانات مصرية وخارجية، منها جائزة الدولة للأفلام الروائية، وجائزة سعاد الصباح وعدة جوائز لسعيد حامد كأحسن مخرج، ولأن سعيد حامد كان مشاركا في إنتاج الفيلم الذي لم يغط تكلفته، فقد قرر الابتعاد عن إخراج الأفلام الروائية واتجه لإخراج الإعلانات، ومن ثم اتجه لإخراج الفوازير، فقدم فوازير "أبيض وأسود" مع لوسي في رمضان عام 1997، وأغرى نجاحها بتكرار التجربة مرة أخرى، وقدمها سعيد حامد بشكل مختلف فيه كم هائل من الكوميديا، ونجحت نجاحا كبيرا عند عرضها في رمضان 1998، وكانت بطولة محمد هنيدي وعلاء ولي الدين وأشرف عبد الباقي ودينا. وبعد ذلك رشح هنيدي سعيد حامد لإخراج فيلم "صعيدي في الجامعة الأمريكية" الذي كتبه د.مدحت العدل، لإدراكه لموهبة سعيد وحسه الكوميدي العالي بعد نجاح تجربتهما في الفوازير، وبالفعل قام سعيد بإخراج الفيلم بطريقة مختلفة، وقدم فيه نخبة من الوجوه التي أصبحت فيما بعد من نجوم الصف الأول في السينما المصرية، مثل أحمد السقا، منى زكي، غادة عادل، هاني رمزي، فتحي عبد الوهاب، أميرة فتحي، إضافة لطارق لطفي، ليحقق الفيلم نجاحا جماهيريا هو الأول من نوعه ويصبح علامة فارقة في تاريخ السينما المصرية، محققا إيرادات تجاوزت ال 27 مليون جنيه لأول مرة في تاريخ السينما المصرية، وتم استثمار نجاح الفيلم، وقدموا بعده فيلم "همام في أمستردام" الذي حقق نجاحا كبيرا أيضا، ثم توالت أفلام سعيد حامد الناجحة منها "شورت وفانلة وكاب" و"جاءنا البيان التالي" و"ورشة جريئة" و"صاحب صاحبه" و"أوعى وشك"و"حمادة يلعب" و"يا أنا يا خالتي" و"عودة الندلة "و"طباخ الريس" و"على جنب يا أسطى" وأصبح سعيد حامد من أهم مخرجي الأفلام الكوميدية. أما المخرج سامح عبد العزيز الذي ارتبط اسم بالكثير من الأعمال الناجحة، آخرها مسلسل " بين السرايات " الذي عرض في شهر رمضان الماضي، وفيلم "الليلة الكبيرة"، بدأ مسيرته في الإخراج السينمائي بفيلم "درس خصوصي" الذي لم يحقق أي نجاح يذكر، وفشل فشلا كبيرا، وكان سامح قدم هذا الفيلم بعد العمل كمخرج برامج تليفزيونية عديدة منها "جانا الهوا" و"الهوا هوانا"، وكذلك أخرج عدد من الأغاني المصورة في تلك الفترة، كان أول فيلم من إخراجه هو "درس خصوصي" في عام 2005 مع نجم برنامج ستار أكاديمي وقتها محمد عطية، ولم يمنع سامح عبد العزيز فشل الفيلم الأول له، من الابتعاد عن السينما وقدم بعد ذلك عدة أفلام منها: "أسد وأربع قطط"، "كباريه"، "الفرح"، "حلاوة روح" و"الليلة الكبيرة" وفيلمه الأخير الذي ينتظر عرضه "عصمت أبو شنب" بطولة ياسمين عبد العزيز، ومسلسل "أطاطا" بطولة محمد سعد. وكذلك الحال بالنسبة للمخرج خالد الحجر الذي عمل كمساعد للمخرج الراحل يوسف شاهين في 3 أفلام، كان أول فيلم يقدمه الحجر هو "أحلام صغيرة" عام 1993 بطولة مرفت أمين وصلاح السعدني، ولكن الفيلم لم يحالفه الحظ في النجاح، بعده غاب خالد الحجر عن السينما المصرية لفترة وعاد إليها في عام 2004 من خلال فيلم "حب البنات" الذي كان انطلاقة كبيرة له في السينما، وأعقبه بأفلام عديدة منها "مفيش غير كده"، "قبلات مسروقة"، "الشوق"، ويعرض له حاليا بالسينما فيلم " حرام الجسد "، كما قدم أيضا مسلسلات "دوران شبرا"، "البلطجي"، "فرح ليلى"، "شمس"، وقد عرضت أفلامه في أكثر من 150 مهرجان سينمائي دولي بما فيهم مهرجانات "كان، مونتريال، نيويورك، روتردام" ليفوز ب35 جائزة على الصعيدين الدولي والوطني. أما المخرج الشاب محمد حمدي بدأ مسيرته الفنية كمدير تصوير للعديد من اﻷفلام, ثم أتجه بعدها إلى اﻷخراج وكانت تجربته الأولى فيلم "المشتبه" عام 2009 ولم يحقق أي صدى جيد لدى الجمهور أو النقاد حينما عرض، ولم يتوقف محمد حمدي عند هذه التجربة بل استمر في تقديم الأعمال الفنية وتلاها بأفلام مثل "محترم اﻹ ربع" و"سالم أبو أخته" وفيلمه الأخير الذي لم يعرض بعد بعنوان "من أول السطر"، ويخوض حمدي تجربة الإخراج التليفزيوني حاليا بمسلسل "شطرنج" الذي يصور منه الجزء الثالث خلال الأيام الجارية بعد عرض ونجاح الأول والثاني. ومن أبرز مخرجي الزمن الجميل الذي مر بهذه التجربة وصدم مع فشل أول فيلم أخرجه المخرج الكبير الراحل حسين كمال ، الذي لم تهتز ذاته الفنية يوما إذا ما واجهه النقاد ب"الفشل"، فكان يزداد حبا لأفلامه التي فشلت جماهيريا ويتعاطف معها بشدة، ولم يتفق المخرج السينمائي مع النقاد، وقتما أشادوا بفيلمه "المستحيل" عام 1965، حيث اعتبره كمال كارثة، على الرغم من اختياره له بإرادته حينما زاره المخرج صلاح أبوسيف في "فيلمنتاج"، الاسم التجاري لشركة الإنتاج السينمائي العربي، وكان رئيسها، وأعطاه أكثر من قصة ليختار منها فوقع اختياره على "المستحيل" لأنه كان يريد أن يبدأ حياته السينمائية بفيلم صعب، ولم يستوعب الجمهور الفيلم الروائي بإخراجه، فحطم دار العرض استياء، واعترف حسين كمال بأنه كان بالنسبة إليه استعراض عضلات وإثبات وجود، فكانت القصة تتحدث عن تناقض مشكلات الطبقة فوق المتوسطة، والفشل في أول تجربة إخراج أصابته بالضيق لكن اليأس لم يتسلل إليه، رغم رفض 4 مخرجين ونجمة كبيرة المشاركة في فيلم التالي "البوسطجي" 1968، وتحدى كمال الموقف وقرر تنفيذه بنفسه ودخل الفيلم فيما بعد ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في التاريخ السينمائي المصري، وقدم بعد ذلك تاريخ سينمائي كبير اعتبر من أهم الأفلام في تاريخ السينما المصرية منها" ثرثرة فوق النيل" و"حبيبي دائما" و"أبي فوق الشجرة" وغيرها من الأفلام المختلفة، وأصبح هو أيضا من أهم المخرجين.