ضاقت بها سبل الحياة، واعتقدت أن في الموت طوق النجاة، هرباً من حياتها وتلاطم أمواجها، والتي عاشتها ومارستها، وكفى ما سوف تلاقيه، فالذنب سوف يثقل كاهلها أمام المولى عز وجل. سارت الفتاة الطالبة بالمرحلة الثانوية بخطوات يشوبها اليأس والحزن، تراود مخيلتها صراعات عائلتها، لإجبارها على الزواج من أحد الأشخاص الذي يرونه مناسباً لها، معتقدين توفير حياة الرفاهية لها وتأمين مستقبلها. انسابت الدموع فوق وجنتيها ببطء شديد، ومر العمر أمامها في لحظات، حتى ساقتها قدماها لتجد نفسها فوق أعلى كوبري الساحل، لم تراودها نفسها ولو لبرهة، اقتربت من سور الكوبري، وبعين زائغة مغرورقة بالدموع تتابع تلاطم الأمواج، وفجأة وبدون مقدمات قفزت في ماء النيل تصارع الموت، بينما يرمقها الشاب "المراكبي" والذي أسرع أيضاً وبدون تفكير، وقفز في الماء في محاولة لإنقاذها، ولم يعلم بأنها القفزة الأخيرة، وما أن اقترب منها تشبثت به وباءت كل محاولاته بالفشل وسط صرخات الاستغاثة، وصراع لحظات فاصلة، وقليلة تفرق بين الحياة والموت، لكن قد بلغ الماء ذروة أنفهما، وأصيبا بتشنجات تنفسية وعضلية، وغاصا في قاع النيل، ولقيا حتفهما غرقاً. محاولات مضنية قام بها رجال شرطة الإنقاذ النهري والمسطحات المائية لانتشال جثتيهما حتى نجحوا في العثور عليهما. أثبتت التحقيقات الأولية أن الفتاة كانت تعاني من حالة نفسية، بسبب خلافات عائلية مما جعلها تقبل على الانتحار، وأثناء محاولة الشاب "المراكبي" الذي تصادف مروره، حاول إنقاذها لكنهما لقيا مصرعهما. وجار عرض المحضر بالواقعة على النيابة التي تولت التحقيق.