زحام .. معاناة .. ودموع .. تتعرض لها الأمهات كل يوم أمام الصيدليات ووحدات الأمومة والطفولة في محاولة لصرف اللبن المدعم لأطفالهن ، قد تنجح ومن الوارد أن تفشل في كثير من الأحيان. وتتضارب الأخبار التي تنشر في بعض الصحف والمواقع الإخبارية بأن المخزون الاستراتيجي للألبان أوشك على النفاذ ، بينما تؤكد البيانات الرسمية لوزارة أن المخزون آمن ولا يوجد ما يثير الذعر. وزارة الصحة والسكان الألبان متوافرة ولا يوجد نقص بالأسواق والمخزون يكفي لمدة أربعة أشهر ونصف، وسيتم اعتماد التقرير الفني النهائي الخاص بالممارسة المحدودة لتوريد الألبان الصناعية شبيهة لبن الأم للأطفال حديثي الولادة ، ولا صحة لما أثير حول توريد ألبان للأطفال حديثي الولادة بمواصفات خاصة تصنع خصيصاً لجمهورية مصر العربية ولا تباع في بلد المنشأ ، هذا ما أعلنته وزارة الصحة مؤخرا. نقابة الصيادلة وعلق أمين عام نقابة الصيادلة د.أحمد فاروق إن هناك أزمة حقيقية في ألبان الأطفال المدعمة ، مؤكدا أن مصر على مشارف كارثة حقيقية ستشهدها المرحلة المقبلة في ما يخص ألبان الأطفال. وأوضح فاروق في تصريحات خاصة ل"بوابة أخبار" أن الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الصحة والسكان تدعم 23 مليون علبة لبن يوزع منهم 7 مليون علبة بدعم كلي من خلال مراكز طب الأسرة أو الوحدات الصحية ، بينما يتم توزيع 7 مليون علبة بدعم جزئي للأطفال تحت سن 6 أشهر على الصيدليات بسعر 17 جنيه ، و9 مليون علبة بدعم جزئي للأطفال أكثر من 6 أشهر في الصيدليات بسعر 18 جنيه ، مشيرا إلى أن هذه الألبان توزع على ما يقرب من 60 ألف صيدلية ، ووفقا لهذا فإن حصة كل صيدلية لا تكفي لسد احتياجات طفلان. وأضاف أن الكارثة الحقيقية أنه في الوقت الذي يعاني فيه أولياء الأمور من الحصول على علبة لبن لأطفالهم مع أن المناقصة تشمل 23 مليون علبة ، تم تخفيض العدد في المناقصة القادمة إلى 18 مليون عبوة فقط وسيتم تجاهل احتياج شريحة كبيرة من المجتمع تستفيد من الدعم الجزئي ، وسيتم فتح الباب لمافيا الدواء للبدء في تسويق ألبان بديلة بسعر 60 جنيه وهو ما سيرهق أهالي الأطفال ويحملهم أكثر من طاقتهم . وكشف أمين عام نقابة الصيادلة أنه لأول مرة سيتم إدخال نظام المناقصة المفتوحة في توزيع الألبان وهو ما سيضيع على الدولة المصرية نصف مليار جنيه سنويا عي المبلغ المخصص لدعم الألبان والذي كان يخرج من وزارة المالية ويصل إلى وزارة الصحة ثم يستقر في وزارة الاستثمار من خلال شركات الأدوية الحكومية التي تقوم بتوزيع الألبان ، موضحا أن هذا المبلغ سيذهب لأول مرة إلى القطاع الخاص الذي سيقوم بهذا الدور في ظل المنظومة الجديدة والتي تصب فقط في مصلحة مافيا الدواء في مصر. طلب إحاطة لوزير الصحة أكد الأمين العام لاتحاد عمال مصر وعضو مجلس النواب محمد وهب الله في تصريحات خاصة ل"بوابة أخبار اليوم" أنه تقدم بطلب إحاطة لوزير الصحة في البرلمان يوم الأحد 6 مارس عن ألبان الأطفال وما طرأ من تغييرات على منظومتها يمكن أن يهدد شريحة كبيرة من أطفال مصر. أوضح وهب الله أن الشركة المصرية لتجارة الأدوية أحد شركات قطاع الأعمال ظلت لحوالي 30 عاما مكلفة من وزارة الصحة بعمل مناقصات ألبان الأطفال وذلك تحت إشراف لجنة من أطباء جامعة عين شمس لتحديد المواصفات المطلوبة ويقوم الجهاز المركزي للمحاسبات بمراقبة أداء الشركة. وأضاف أن وزارة الصحة كانت تستورد 23 مليون عبوة ويتم توزيعها على الصيدليات بدعم جزئي وتباع بسعر 17 جنيه ، وعلى مراكز الأمومة والطفولة بدعم كلي ، حيث تصل العلبة إلى يد المستهلك بسعر3 جنيهات ، مستنكرا قيام وزارة الصحة بتخفيض المناقصة إلى 18 مليون عبوة فقط ، وإصرار الوزارة على إقحام القطاع الخاص في المناقصة والذي لا يخضع لمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات وبالتالي هناك خطورة كبيرة من أن يتم وضع المواطن المصري تحت رحمة القطاع الخاص الذي يهدف في الدرجة الأولى إلى تحقيق أرباح. وحذر النائب وهب الله من كارثة حقيقية قد يتعرض لها أطفال مصر ، حيث أن عملية الاستيراد والمراجعة والتأكد من اللبن قبل الإفراج عنه جمركيا وطرحه في الأسواق تستغرق مدة تتراوح ما بين 4 إلى 5 أشهر في الوقت الذي وصل فيه المخزون من الألبان لحوالي 3.8 مليون عبوة تكفي فقط ل3.8 شهر ، لافتا إلى أن منظومة الألبان كانت تعتمد مسبقا على وجود مخزون استراتيجي من الألبان 3 مليون عبوة وهو ما لم يعد موجودا الآن ما يعني أن أي تأخير في التوريد سيعرض أطفال مصر إلى كارثة حقيقية ، بالإضافة إلى أن الوزارة خفضت وزن العبوة إلى 400 جرام بدلا من 450 وهو ما يعني أن مدة استهلاك العبوة ستكون أقل وبالتالي سيزيد الطلب . خبير دوائي ومن جهة أخرى قال الصيدلي هاني سامح الخبير الدوائي ومنسق تمرد الصيادلة أنه تقدم بشكوى لرئاسة الوزراء والرقابة الإدارية في شهر مايو الماضي ضد مافيا ألبان الأطفال وتلاعبهم بالأسعار وانتهاكهم لحقوق خمسة ملايين طفل سنويا مطالبا بالتسعير الجبري لألبان الأطفال. وأكد د.هاني سامح أن رئاسة الوزراء أبلغته بالانتهاء من خطوات تسعير ألبان الأطفال جبريا ، وجاء في نص الإفادة الواردة من وزارة الصحة لرئاسة الوزراء ما يلي " أفادت الإدارة المركزية لشئون الصيدلية بأنه تم دراسة الشكوى من قبل إدارة التسعير بالإدارة العامة للتخطيط و السياسات الدوائية وأفادت بأن ألبان الأطفال غير مسعرة جبريا في أي دولة من دول العالم ، ونظرا للشكاوى العديدة الواردة بشأن ارتفاع أسعار ألبان الأطفال قامت الإدارة المركزية للشئون الصيدلية ، ومساعد وزير الصحة بعرض مقترح على وزير الصحة لتشكيل لجنة من أساتذة من معهد التغذية ولجنة التسعير برئاسة الإدارة المركزية لشئون الصيدلية للقيام بتسعير الألبان وتم تشكيل اللجنة طبقا لقرار وزير الصحة رقم 578 لسنة 2015 وأوصت اللجنة بوضع سعر موحد لألبان الأطفال في لفئة العمرية من سن يوم إلى 6 أشهر ، ومن 6 أشهر وحتى عام ، ومن عام إلى 3 سنوات على أساس تصنيف الألبان كتركيبة أساسية ، وتركيبة متطورة ، وحددت اللجنة سعر " 35.5 إلى40 جنيه" للعبوة 400 جرام للتركيبة الأساسية لجميع الشركات متضمنا 7 % ربحا للموزع و10 % ربحا للصيدلي ، كما رأت اللجنة زيادة نسبة تتراوح ما بين 2 إلى 20 % حسب الإضافات ، حيث أوصت اللجنة بعمل تصنيف وتجميع لكافة هذه الإضافات وعرضها على اللجنة ليصل السعر بحد أقصى 42.5 جنيها للعبوة 400 جرام للألبان التي تحتوي على تركيبة متطورة معززة ببعض العناصر الإضافية ". كاميرا بوابة أخبار اليوم ترصد الواقع وتلتقي بالأمهات وعلى مستوى الشارع التقت بوابة أخبار اليوم بعدد من الأمهات أمام الصيدليات ووحدات الأمومة والطفولة التي تصرف الألبان المدعومة ، حيث اشتكت إحدى الأمهات من أنها تجد صعوبة بالغة في الحصول على اللبن لأطفالها التوأم بسبب إقامتها في القاهرة ، بينما تم تسجيل توأمها في محافظة أسيوط التي كان بها منزل أسرة والدها ، مشيرة إلى أن الموظفين بالوحدة طلبوا منها تحرير شكوى ليتم صرف حصة توأمها من القاهرة ، مطالبة بتسهيل الإجراءات حتى تستطيع الحصول على اللبن المدعم بشكل كامل بدلا من شراء اللبن بالدعم الجزئي من الصيدليات. وقالت سيدة أخرى أن الأطفال يصابون بالعديد من الأمراض الموسمية ، وقد تصل مصاريف علاجهم إلى 500 جنيه شهريا ، وهو ما لا تتحمله أي أسرة من محدودي الدخل ، حتى أنها باعت "دبلتها" من أجل علاج ابنها ، مطالبة بتوفير اللبن للأطفال وتسهيل الإجراءات . وقالت سيدة أخرى أنها تأتي من محافظة المنوفية وتتكبد الكثير من التكلفة والعناء في السفر لصرف اللبن من القاهرة ، مؤكدة أن زوجها من محدودي الدخل ويصعب عليه تحمل هذه التكاليف، مشيرة إلى أنها تضطر لشراء اللبن الحر من الصيدليات بسعر 50 جنيها. واشتكت أخرى من أنها تأتي من منطقة عرب الحصن بالمطرية إلى شبرا مصر لصر اللبن لأولادها بسبب عدم وجود منفذ في منطقة سكنها لصرف الألبان المدعمة ، مشيرة إلى أن الوحدة صرفت لها اللبن عدة مرات ، وقالوا لها أن هذه أخر مرة حيث أنها غير تابعة لمربعهم السكني. بينما عبرت إحدى الأمهات عن المعاناة التي تتعرض لها كل مرة تحاول فيها صرف البن ، حيث أنه تعاني من ثقب في القلب ، وتأتي كل مرة إلى الوحدة لصرف اللبن ويقولون لها أن البن نفذ ، مؤكدة أنه تدفع مبلغ 20 جنيها للموظفة على سبيل الرشوة حتى توافق على الصرف. دارت معظم شكاوى الأمهات من صعوبة إجراءات الصرف ، وطالبن بعدم تقييد الصرف من محل السكن لأن معظمهن من الأقاليم ويقمن في القاهرة بسبب ظروف عمل أزواجهن.