أذا أحببت كل الناس ، أحبك كل الناس ، وإذا أحببت نفسك فقط لم يحبك أحد ! والفرد اﻷناني يدهش من أنه إذا مرض لا يعوده أحد ،وإذا سقط لم يتقدم أحد ليساعده للوقوف علي قدميه ، وإذا واجهته كارثة لم يسارع الناس إلي نجدته ولهذا فهو يتهم الدنيا كلها بالقسوة ناسياً أنه المتهم الأول ! فالدنيا أشبه بالبنوك تأخذ منها بقدر ما تودع فيها ، وتستطيع أن تقترض بشرط أن تسدد الدين مع الفوائد ، فإذا لم تدفع حجز البنك عليك وأشهر إفلاسك وامتنعت البنوك كلها عن إقراضك ! وأهل هذا الجيل الرياضي بشكل عام والكروي بشكل خاص لم يعيشوا في مصر الكروية عندما كان المجتمع الكروي أهل المروءات والندوات والصداقات والنخوة والتضحية، لقد طاردت الاحترافية وما تحمله من مادية وأنانية وعبودية للمال والشهرة والمجد هذه المعاني الجميلة وتعاملت معها على أنها رزائل رجعية غير تقدمية ! الانحراف أو الاحتراف الزائف للكرة أفزع المروءة في ملاعبنا وكل الملاعب فاختفت وتوارت وتضاءلت وانكمشت إلا القليل من حملة المعاني النبيلة والمفاهيم المخلصة التي تقدر وتعرف معني الوفاء والإخلاص ! غياب المروءة في ملاعبنا وكل الملاعب أفقد الحياة الرياضية والكروية حلاوتها وأصبح كل رياضي أو نجم كروي لا يهتم إلا بنفسه ولا يخاف إلا على مصدر رزقه ولا يحرص إلا على أن ينجو بأكبر قدر من الشهرة والضوء ! وهذا الفزع الذي شجع الانحراف أقصد الاحتراف علي خلخلتنا ، ولو أننا رددنا علي الغدر بالمروءة ، وعلي الكراهية بالحب ، وعلي الأنانية بالتضحية د وعلي الخوف بالشجاعة ، لما وجد الانحراف أقصد الاحتراف بمفاهيمه الغريبة لنفسه أرضاً في ملاعبنا ؛ ولكن عيبنا أننا رفعنا أيدينا للاحتراف بمفاهيمه الغادرة وفتحنا ملاعبنا لاستقباله ، وملأنا به ملاعبنا ومدرجاتنا ؛ لو أرهقنا أنفسنا بعض الوقت لنهلنا من بحور وأنهار الكبار المفاهيم الجميلة ولاحتفظنا بالمعاني والصفات والمشاعر النبيلة والسامية ! المفاهيم والمصطلحات التي جعلت من ليلة عزاء الغائب الحاضر حمادة إمام أسطورة كرة القدم المصرية وثعلب ملاعبها مظاهرة حب كبري ، عزفت فيها ومعها كل الألوان و الانتماءات لحن الوفاء للرجل الذي أحب كل الناس فأحبه كل الناس وهو ليس بيننا ! مظاهرة الحب في عزاء حمادة إمام فقيد الأسرة الرياضية والكروية الغالي هو درس لكل الأجيال ، درس يؤكد على أهمية وقيمة ما يتم إيداعه من مفاهيم الحب في قلوب البشر، مصر كلها ، قادة وشعبا، سياسيون و اقتصاديون ورياضيون وفنانون ومثقفون وجماهير بمختلف الألوان تجمعوا الليلة في مقر قلعة الزمالك بميت عقبة وتوحدت مشاعرهم حول شئ واحد هو الوفاء لرجل عاش محبوباً ومات محبوبا . كل الألوان اختلطت ببعضها، وشاهدنا رموز وقيادات وأساطير غلبتهم الدموع ، في يوم الوفاء للراحل العظيم حمادة إمام ، لم يكن هناك فرق بين أهلاوي و زملكاوي، لم يكن هناك فرق بين اسماعيلاوي وبورسعيداوي ولا اسكندراني ولا صعيدي، كلهم تجمعوا وتوحدوا وكتبوا أروع وأجمل المعاني الراقية وفاء للأسطورة .. حمادة إمام فارق الحياة ولكنه مازال حياً في قلوب كل هؤلاء، وداعا حمادة إمام الذي أحب كل الناس فأحبه كل الناس، وداعا حمادة " إمام" الحب ورمز الوفاء !!