هل من وسيلة يمكن ان نتوصل إليها لمواجهة هذا الاهمال الذي أعلن عن أنه مسئول عن كارثة غرق معدية النيل في كفر الشيخ. ان كل كوارثنا ومصائبنا التي يروح ضحيتها العشرات إلي جانب الحاق الخسائر الفادحة بمقوماتنا الاقتصادية يتحملها الاهمال. ان محور هذا الاهمال دوما.. هو العنصر البشري سواء كان من المسئولين في الدولة أو من المواطنين. ان ما يجمع ما بين الفئتين في المسئولية عن هذه الكوارث التي تطاردنا.. هو غياب الضمير وعدم المسئولية واللامبالاة. انها جميعا تدخل في إطار سوء الإدارة خاصة علي مستوي الأجهزة المحلية التي تملك منها الفساد وأصبحت بأدائها عبئا علي الدولة. ليس معني هذا تبرئة الأجهزة المركزية من وقوع هذه الكوارث. يأتي ذلك بحكم أن مراقبة وتفعيل الاجراءات المسئولة عن تجنب الاهمال الذي يستهدف حصد الأرواح وتدمير الممتلكات يدخل ضمن مسئوليتها المركزية مباشرة. هنا تحضرني وعلي ضوء ما يحدث من خسائر.. تلك المقولة الشهيرة مع التجاوز عما كانت تعنيه في زمانها «لو كان الاهمال رجلاً لقتلته». لم يعد خافيا علي أحد في هذه الدولة ان سبب تخلفها وضياعها إنما يعود إلي الاهمال الذي يتولد عنه الفساد الذي نشكو أو نعاني منه. من المؤكد أنه لو تم معالجة ظاهرة الاهمال بحسن الإدارة والمراقبة والمتابعة والحساب وقيام كل مسئول بالمهمة الموكولة إليه بمصداقية وأمانة.. لما كان هناك فساد ولا كان هناك تخلف. وهو الأمر الذي يجعلنا نلحق بركب التقدم الذي فاتنا طوال السنوات الماضية. لا أمل فيما تقوم به دولة 30 يونيو من جهود للنهوض سوي بالمعالجة الحاسمة لأزمتنا مع هذا الاهمال البغيض. الغريب ان يكون محور الأداء الإداري في هذه الدولة هي البيروقراطية التي من المفروض ان تدقق في كل الإجراءات والقرارات مبررة ذلك بتحقيق الصالح العام. ما يحدث هو ان البيروقراطية وجدت فقط لخدمة دولة الفساد القائمة علي دفع المعلوم أما ما يتعلق بحياة المواطنين ومصالح هذا الوطن فإنه آخر ما يهتم به القائمين علي هذه البيروقراطية وهو الأمر الذي يفضحه أمثال حادث غرق مركب كفر الشيخ. إن بيروقراطية الفساد يتحمل مسئولية الخلل في متابعة هذه المعديات المتهالكة التي تعد الوسيلة الوحيدة لعبور الغلابة بين ضفتي النيل في الكثير من المحافظات. أليس تسهيل هذا النقل ضمن مسئوليات دولتنا السنية سواء بتوفيرها أو بضمان تجهيز وإعداد من يقوم بتشغيلها من الأهالي. هذا الذي أقوله يؤكد ان منظومة العمل الإداري كلها في حاجة إلي علاج حازم وحاسم.. لابد من اتخاذ كافة الإجراءات الفورية ضد أي مسئول عن هذا الاهمال يأتي في مقدمتها الحرمان من الوظيفة. لا جدال ان لا سبيل لمعالجة هذا القصور سوي يتحديث القوانين وبالتطبيق الحازم لمبدأ العقاب والثواب الذي بدونه لن ينصلح حال هذا البلد