شركة السويس للأكياس توقع اتفاقية مع نقابة العاملين في صناعات البناء والأخشاب    أرقام قياسية منتظرة في الجولة الأخيرة من الدوري الإنجليزي    منافس الأهلي.. رائعة ميسي لا تكفي.. إنتر ميامي يسقط مجددًا في الدوري الأمريكي    معركة الخمسة الأوائل وسباق المركز الثامن.. ماذا تنتظر الأندية في ختام الدوري الإنجليزي؟    التضامن الاجتماعي تواصل تفويج حجاج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة    فوائد بذور دوار الشمس الصحية وتحذيرات من الإفراط في تناولها (تفاصيل)    المنتدى الاقتصادى الأبرز.. أخر مستجدات تعزيز العلاقات الاستراتيجية المصرية الأمريكية    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    محافظ أسيوط: طرح لحوم طازجة ومجمدة بأسعار مخفضة استعدادا لعيد الأضحى    رئيس الوزراء: مصر أثبتت دورها كشريك يعتمد عليه ومؤثر بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية    افتتاح أول مصنع لإنتاج كباسات أجهزة التبريد في مصر باستثمارات 5 ملايين دولار    محافظ أسيوط: طرح لحوم طازجة ومجمدة بأسعار مخفضة استعدادًا لعيد الأضحى المبارك    سهل وخرجنا من نص الوقت.. فرحة على وجوه طلاب أولى ثانوي بسوهاج عقب أداء امتحان التاريخ "فيديو"    بعد قليل.. بدء أولى جلسات محاكمة "سفاح المعمورة" أمام جنايات الإسكندرية    مركز الفلك الدولي: الجمعة الموافق 6 يونيو أول أيام عيد الأضحى    الدكتور هاني سويلم يتابع حالة الري بالبحيرة خلال فترة أقصى الاحتياجات المائية الحالية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد.. ويلتقي بعض المرضى للاطمئنان على الخدمات المقدمة لهم    «عبد العاطي»: الأجندة الإفريقية تأتي على رأس أولويات السياسية الخارجية المصرية    جامعة القاهرة تنظم ملتقى التوظيف 2025    تراجع في بنكين.. سعر الدولار اليوم ببداية تعاملات الأحد 25-5-2025    درجات الحرارة اليوم الأحد في مصر    يا رايحين للنبي الغالي.. التضامن تواصل تفويج حجاج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة.. تيسيرات في إجراءات السفر بالمطارات.. وباصات خاصة لنقل ضيوف الرحمن للفنادق (صور)    اليوم.. نظر تظلم هيفاء وهبي على قرار منعها من الغناء في مصر    بكاء كيت بلانشيت وجعفر بناهي لحظة فوزه بالسعفة الذهبية في مهرجان كان (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    الجيش الإسرائيلى يوسع نطاق عملياته بغزة مع انتشار سوء التغذية    مقتل 3 في كييف جراء ضربات جوية روسية جديدة    الكشف على 680 مواطنا خلال قافلة طبية مجانية بقرية العروبة بالبحيرة    موعد إعلان بطل دوري 2025 بعد رفض المحكمة الرياضية الشق المستعجل لبيراميدز .. اعرف التفاصيل    نموذج امتحان الأحياء الثانوية الأزهرية 2025 بنظام البوكليت (كل ما تريد معرفته عن الامتحانات)    "مساهمات كثيرة".. ماذا قدم محمد صلاح في مبارياته أمام كريستال بالاس؟    إصابة عدة أشخاص في أوكرانيا بعد ليلة ثانية من هجمات المسيرات الروسية    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 25 مايو    ما هو ثواب ذبح الأضحية والطريقة المثلى لتوزيعها.. دار الإفتاء توضح    "حياة كريمة".. الانتهاء من 134 مشروعا فى محافظة أسوان    مصرع ميكانيكي سقط من الطابق الخامس هربًا من الديون بسوهاج    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. مرتضى منصور يعلن توليه قضية الطفل أدهم.. عمرو أديب يستعرض مكالمة مزعجة على الهواء    قانون العمل الجديد من أجل الاستدامة| مؤتمر عمالي يرسم ملامح المستقبل بمصر.. اليوم    نائب إندونيسي يشيد بالتقدم الروسي في محطات الطاقة النووية وتقنيات الطاقة المتجددة    بعد فيديو اعتداء طفل المرور على زميله بالمقطم.. قرارات عاجلة للنيابة    هل يتنازل "مستقبل وطن" عن الأغلبية لصالح "الجبهة الوطنية" في البرلمان المقبل؟.. الخولي يجيب    إلغوا مكالمات التسويق العقاري.. عمرو أديب لمسؤولي تنظيم الاتصالات:«انتو مش علشان تخدوا قرشين تنكدوا علينا» (فيديو)    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    «هذه فلسفة إطلالاتي».. ياسمين صبري تكشف سر أناقتها في مهرجان كان (فيديو)    قساوسة ويهود في منزل الشيخ محمد رفعت (3)    النائب حسام الخولي: تقسيم الدوائر الانتخابية تستهدف التمثيل العادل للسكان    «أضرارها تفوق السجائر العادية».. وزارة الصحة تحذر من استخدام «الأيكوس»    استقرار مادي وفرص للسفر.. حظ برج القوس اليوم 25 مايو    ناجي الشهابي: الانتخابات البرلمانية المقبلة عرس انتخابي ديمقراطي    «أحدهما مثل الصحف».. بيسيرو يكشف عن الفارق بين الأهلي والزمالك    ميدو: الزمالك يمر بمرحلة تاريخية.. وسنعيد هيكلة قطاع كرة القدم    وأنفقوا في سبيل الله.. معانٍ رائعة للآية الكريمة يوضحها أ.د. سلامة داود رئيس جامعة الأزهر    حلم السداسية مستمر.. باريس سان جيرمان بطل كأس فرنسا    الأردن وجرينادا يوقعان بيانا مشتركا لإقامة علاقات دبلوماسية بين الجانبين    نائب رئيس الوزراء الأسبق: العدالة لا تعني استخدام «مسطرة واحدة» مع كل حالات الإيجار القديم    نسرين طافش بإطلالة صيفية وجوري بكر جريئة.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    للحفاظ على كفاءته ومظهره العام.. خطوات بسيطة لتنظيف البوتجاز بأقل تكلفة    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميني برلمان

لم يخرج التشكيل النهائي للبرلمان عما توقعناه بالحرف ، فقد توقعنا نسبة تصويت هزيلة في حدود ربع إجمالي الناخبين ، وجاءت النسبة الرسمية المعلنة حول 28% في الجولتين الأوليين وحول 20% في الإعادتين ، وتوقعنا إعادات انتخابية علي الأغلب الساحق من المقاعد الفردية ، وجاءت الإعادات متتابعة وشبه كاملة ، ومع تمثيل مقصور علي نصف أصوات الإعادات زائد واحد بحسب القواعد المعمول بها ، وهو ما قلص من القاعدة التمثيلية للبرلمان الجديد ، وجعله في وضع معلق تماما ، وبقاعدة شعبية لا تكاد تري ، وأشبه بميني برلمان انتخبه «ميني شعب» ، تحول مع كثرة الإعادات إلي «ميكرو برلمان» انتخبه «ميكرو شعب» .
ولا حاجة لأنبئكم بمن يمثل هذا الميني برلمان ، فهو يمثل الذين صنعوه وافتعلوه بأموالهم ، عدد من مليارديرات المال الحرام أخذوا المقاولة علي عاتقهم ، ونزلوا إلي الانتخابات كأنها مواسم صيد وقنص ، نزلوا من «كومباونداتهم» إلي ساحات بؤس المصريين الواسعة ، اشتروا المرشحين ، واشتروا المصوتين ، واصطنعوا تصويتا بالنقل الجماعي والتصويت الجماعي ، واستثمروا في التصويت العائلي والتصويت الطائفي ، ورفعوا سعر الصوت لأعلي رقم ، وفي مباريات شراء محمومة غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات المصرية علي إطلاق عصورها ، وكونوا برلمانا علي مقاس المصالح الطافية لرأسمالية المحاسيب ، ومع توافقات محسوسة بين جماعة البيزنس وجماعة الأمن ، ومع وجود استثناءات طفيفة جدا ، لا تكاد تصل إلي عشرة نواب من العناصر الوطنية والديمقراطية والثورية ، ومع وجود هذه الاستثناءات التي تؤكد القاعدة العامة الغالبة بامتياز ، فلا شبهة في حقيقة البرلمان الجديد ، فهو يعبر بدقة عن تحالف مليارديرات النهب والبيروقراطية الفاسدة وعائلات الريف والصعيد الملتصقة تقليديا بالجهاز الأمني ، ويعبر بدقة عمن نسميهم عادة بالفلول ، وهو برلمان ثورة مضادة «بالثلث» ، فاحت رائحته حتي قبل أن يتشكل ، وجرت تهيئة قوانين انتخاباته المتحيزة مع سبق الإصرار والترصد ، وفهم الناس الغاية المقصودة دون شروح ، وهو ما يفسر المقاطعة التلقائية الغالبة ، والتي ضمت ثلاثة أرباع الناخبين ، وفي حركة عصيان مدني تلقائي علي طريقة «خليك في البيت» ، أرادت إهدار أي شرعية سياسية للبرلمان قبل أن يبدأ ، وإضعاف قاعدته التمثيلية إلي أضيق حد ، وإيصال رسالة غضب بليغة من الوضع المختلط القائم كله .
وأخطر ما في الصورة التي انتهي إليها الميني برلمان الجديد ، أنها تنطوي علي احتمالات أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية متفاقمة ، فهو برلمان أنابيب يشبه أحزاب الأنابيب داخله ، لا يسمح ضيق قاعدته التمثيلية بمرور أشواق ومصالح الغالبية الواسعة الساحقة من المصريين ، ولا يكاد يعبر إلا عن مصالح الواحد بالمئة من السكان ، والذين يملكون نصف الثروة الوطنية بالتمام والكمال ، بينما لا مجال لمصالح التسعين بالمئة من المصريين ، وهم مجموع الفقراء والطبقات الوسطي ، والذين يملكون بالكاد نحو ربع إجمالي الثروة ، وهنا جوهر الأزمة ، فالمصالح الأوسع التي لن تجد لها حضورا في قاعات الميني برلمان ، سوف تبحث لها عن مجال آخر للتعبير ، وقد تنتقل إلي الميدان عوضا عن غياب برلمان يمثلها ، وهو ما قد يدفع إلي سطح الحوادث بظواهر غضب اجتماعي متلاحقة ، في صورة مظاهرات واحتجاجات واعتصامات وإضرابات اجتماعية ، فلا أحد يستطيع أن يحبس الحركة الاجتماعية في قبضة يده ، ولا أن يرسم لها إشارات مرور خضراء وأخري حمراء ، خصوصا مع انسداد الطريق الأخضر بضيق وعاء البرلمان ، وبهزال تعبيره عن الناس ، وبجلسات الكوميديا السوداء المتوقعة فيه ، خصوصا مع وجود عدد لا بأس به من «البلياتشوهات» المستعدين لتقديم عروض سيرك ، تكاد تكون استنساخا لفوائض «الجهل» و«الهبل» السائدة في إعلام مليارديرات المال الحرام .
والقاعدة العامة في السياسة كما في الفيزياء ، هي أنك لا تستطيع إغلاق كل الطرق ، ثم تأمن شر انقلاب الريح وانفجار الأواني ، فالمادة تتحول لكنها لا تفني ، وحركة المجتمع لا تتوقف وإن تبدلت صورها ، وهو ما يجعلنا نتوقع عودة إلي ميدان غضب اجتماعي مع انسداد البرلمان ، ومع احتمالات ترادف غضب سياسي مع الغضب الاجتماعي ، ولكن دون ثورة خلع رئاسي علي طريقة ما جري مع المخلوعين مبارك ومرسي ، فلا تزال عند الشارع دواعي أمل في الرئيس السيسي ، وفي مقدرته علي تجاوز مصالح ضيقة لبرلمان هزيل التمثيل ، وفي دفعه لاستخدام صلاحياته الواسعة في حركة تطهير شامل ، تكنس تحالف مماليك المال الحرام والبيروقراطية الفاسدة ، وتقيم اقتصادا صناعيا زراعيا بقاعدة انتاجية صلبة متنوعة ، تمتص بطالة ملايين العاطلين الشباب ، وتنصف صناع الحياة من الفقراء والطبقات الوسطي ، وتنهي امتيازات «رأسمالية المحاسيب» ، وتنتصر لمبادئ العدالة الاجتماعية ، وتفكك الاحتقان السياسي المرشح للتفاقم مع التشكيل المتهافت للبرلمان ، وتخلي سبيل الآلاف من المحتجزين في غير قضايا العنف والإرهاب المباشر ، وتفتح الطريق لتعبئة شعبية عامة من حول الاختيارات والإنجازات الوطنية الكبري للرئيس ، وتقطع الطريق علي تربص الخارج بمحاولات مصر للنهوض .
ولا علاقة بالطبع للغضب الاجتماعي والسياسي الذي نتوقعه ، ولا للأزمة المتفاقمة التي نرجحها إن استمر الحال علي ماهو عليه ، لاعلاقة لذلك كله بالثورات العبثية التي يدعو لها الإخوان ومن حالفهم ، فلن تقوم ثورة ولا يحزنون في 25 يناير المقبل ، ولسبب غاية في البساطة ، وهو وجود الإخوان في خلفية هذه الدعوات ، فالإخوان ليسوا قوة ثورية ولا دعاة ثورة ، وهم قوة يمينية رجعية بامتياز ، وهم قوة ثورة مضادة ، لا ثورة تنتصر للفقراء والطبقات الوسطي ، وقد جربهم الشعب المصري ، وعرف فيهم صورة القرين لا البديل لجماعة مبارك ، ولا يلدغ الشعب من جحر مرتين ، وقد لفظ الشعب الإخوان كشربة «زيت خروع»، وعزلهم عن الحكم ، ثم عزلوا أنفسهم شعبيا بالميل الظاهر للإرهاب و«الدعشنة» ، انتهي المصريون من قصة الإخوان ، وهم يواجهون الآن سيرة الفلول العائدين عبر «ميني برلمان» جديد ، قاطعته الأغلبية الشعبية في التصويت ، وسوف تعامله كخيال مآته ، وتلفظه كشربة الطين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.