كثير من الأسر تعاني من عناد أطفالها الذي يظهر في العام الثالث من عمره ويكون في ذروته في العام الرابع كما انه يظهر عند إحساسه بالاستقلالية. قالت أستاذة الأمراض النفسية الدكتورة دينا فؤاد ، أن العناد يتميز بالإصرار وعدم التراجع حتى في حالة الإكراه ، حيث يظل الطفل محتفظاً بموقفه داخلياً . ومن أشكال العناد أن يصر الطفل على فعل شيء مستحيل مثل الخروج لشراء شيء في وقت متأخر رغم محاولات الجميع لإقناعه، وقد يأتي أيضاً في شكل تصميم الطفل على القيام بأعمال صعبة قد فشل في إنجازها في مرات سابقة، وقد يعند الطفل مع نفسه فيرفض تناول الطعام مثلاً وهو جائع وذلك رفضاً لسلطة والديه في محاولة منه لإغاظتهم. وأشارت دينا إلى أن أسباب العناد ترجع لوجود نموذج لشخص عنيد يتعامل مع الطفل باستمرار ، وقد يكون أحد الوالدين عنيداً ويصر على أن ينفذ الطفل أوامره التي قد يراها الطفل غير منطقية، فإدراك الطفل لاتجاهات والديه وبالأخص الأم من الأمور الهامة جداً لصحته النفسية، فقد يعتقد الوالدان أنهما يستخدمان أساليب مثالية جداً في التربية بينما يدركها الطفل بطريقة مختلفة فيرى إصرارهم على السلوك الصحيح نوعاً من التسلط، وإدراك الطفل لسلوك والديه هو المهم لأن الطفل يستجيب تبعاً لما يدركه هو وليس تبعاً لما يدركه الآخرون. وأضافت ، يأتي العناد كرد فعل مضاد للاعتمادية وللحماية الزائدة التي يفرضها الكبار المحيطون بالطفل فيلجأ له الطفل لإبراز استقلاليته ، وفى هذه الحالة يكون العناد غير مبالغاً فيه حيث يكون سمة لمرحلة النمو التي يمر بها الطفل وقد يساعده في هذه المرحلة على اكتشاف إمكانياته وقدراته ، وبمرور الوقت يتعلم الطفل أن العناد ليس هو الطريقة الملائمة لتحقيق المطالب. وقد يكون العناد أيضاً نتيجة مرور الطفل بخبرات سيئة ومواجهه مواقف صادمة أو إصابة الطفل بإعاقة معينة أو عجز ويكون العناد هنا هو رد فعل دفاعي ضد الشعور بالعجز والنقص. وأكدت د. دينا فؤاد علي انه في بعض الأحيان يقوم الكبار بتدعيم سلوك العناد، حيث يلبون للطفل كل مطالبه التي يصر عليها مما يجعل الطفل يعتقد أن العناد هو الأسلوب الأمثل لتحقيق الرغبات وهناك بعض الإصابات العضوية للدماغ مثل بعض أنواع الضعف العقلي يكون العناد أحد مظاهرها و يجعل الطفل يظهر بالمعاند السلبي. ومن هنا تقدم الدكتورة بعض الطرق للوقاية وعلاج العناد وهي: أن النظام من الأمور الهامة جداً ولكن زيادة تركيز الوالدين على النظام تجعلهم يأخذون شكل رجل الشرطة أو السلطة ووقوع الطفل تحت سلطة الكبار تجعله يستجيب استجابات تشوبها المقاومة والكره ، فالتسلط يعوق النمو الصحي ويستحثه على مقاومة السلطة ، مشاركة الطفل في صنع القرارات ووضع القوانين من الأمور الهامة أيضاً فمن المعروف أن الطفل يلتزم أكثر بالقوانين التي يشارك في وضعها ولضمان طاعة الطفل ينبغي الحرص على جذب انتباهه قبل إعطاء الأوامر واستخدام لغة يفهمها الطفل وإعطائه الأمر ببطء ووضوح يكفى لأن يتبعه مع تجنب إعطائه أوامر كثيرة مرة واحدة مع إثابة الطفل على الطاعة والسلوك السوي. وأكدت علي انه ينبغي أن يمنح الوالدان الطفل الفرصة للتعبير عن انفعالاته بطريقة صحيحة مع تفهم السلوك الانفعالي غير الناضج ( الذي يلائم مرحلة النمو ) مع تجنب التركيز أكثر من اللازم على أي سلوك انفعالي طارئ ما لم يستمر ويؤثر في سلوك الطفل ، كما يجب تشجيع الطفل على المشاركة في أنشطة الموسيقى والرسم والتمثيل حيث يتاح له فرص التنفيس الانفعالي الذي يخلصه من التوتر الناتج عن كبت الانفعال. ولابد أن يتحلى الوالدان بالصبر والحكمة عند معامله طفلهما العنيد لأن معامله العنيد ليست بالأمر اليسير ، مع مراعاة عدم وصفه بأنه عنيد على مسمع منه وكذلك عدم مقارنته بالأطفال الآخرين ،وألا يلجأ الوالدان لإجبار الطفل وإرغامه على فعل شيء دون إقناع عند توجيه طلب ما إلي الطفل العنيد و ينبغي ألا نشعره أننا نتوقع منه الرفض لأن ذلك يشجعه على الرفض.