للمواويل البلدية التي تصاحبها الربابة.. سحرها.. وبريقها وجمهورها الواسع.. العريض.. الذي يبحث عن وسيلة للراحة عن طريق الفضفضة وهو يستمع لبطولات أبوزيد الهلالي.. والزير سالم.. وأبوالفوارس عنترة.. وسيف بن ذي يزن وحسن ونعيمة والخفاجي عامر.. إلي آخر هذه الحكايات بكل ما تنطوي عليه من أقوال مأثورة.. وتصرفات يمكن للبسطاء استخدامها في تعاملهم مع البشر وأبناء الحي والرؤساء في العمل.. ورجال الشرطة.. وقبل ذلك كله فإنها تريحهم نفسيا.. وتحول كل مستمع لأبوزيد الهلالي تارة والخفاجي عامر تارة أخري.. أو حسن عندما يخاطب نعيمة تارة ثالثة. المواويل علاج نفسي.. وإذا تأملت وجوه المستمعين الذين لا يكفون عن إبداء الاعجاب.. بالاستماع لبطولات قام بها غيرهم.. وفي زمان غير زمانهم.. تجد نفسك أمام طائفة من ضعاف البنية الجسدية الذين لا يمكن تصور وجودهم في موقف يشتد فيه الهول ويضيق الخناق.. أو يصلح ما فسد من أمره. وكلما اشتدت علي الانسان حالات الاحساس بالضعف وقلة الحيلة.. كلما اقترب من عالم المواويل.. ولجأ إلي المقاهي التي تقدم له سير البطولات.. فيتجسدها عقله الباطن ويشعر بالراحة! والمواويل ليست الوسيلة العلاجية الناجعة لرواد المقاهي النائية الذين يتمايلون مع نغمات الربابة وانتفاخ وجنات الفنان الشعبي المبدع.. وإنما هي وسيلة لعلاج الشعوب أيضا.. ورفع معنوياتها لتحلق في عالم افتراضي من الانتصارات التي حققها الاجداد وألحقوا الهزيمة بالأعداء.. بقدرتهم الفائقة علي القتال ومحاصرة الخصوم وقذفهم بقنابل الهاون. أعداء الأمس قد يكونون اصدقاء اليوم.. ولكن ذلك لا يهم.. المهم ان يخرج الاطفال من دور الحضانة في طوابير.. للاحتفال بانتصار ما.. بحثت عنه القيادة السياسية في اضابير التاريخ.. من أجل الفضفضة والراحة النفسية.. واستعادة الأمل في المستقبل.. والعلاج النفسي من بلاوي الحاضر.. المسيحة! شيء من الفرحة شيء من الأمل والبهجة! الطريف في الموضوع أن السياسة الدولية.. مشحونة بالمواويل.. التي تصفق لها الجماهير العريضة.. ومن بينها بالطبع الاحتفال بذكري 8 مايو سنة 1945.. وهو اليوم الذي وقعت فيه المانيا.. وثيقة هزيمتها في الحرب العالمية.. واستسلمت فيه لجنرالات روسيا وأمريكا وبريطانيا.. بلا قيد ولا شرط. ومنذ هذا اليوم عاشت المانيا سنوات الهزيمة.. في كل لحظة.. فهي لم تكن تتحرك إلا والهزيمة علي رأسها.. ولا تستطيع التصرف في سياستها الداخلية أو الخارجية دون ان تستعيد دروس الهزيمة ومرارتها. والأيام تمر.. والسنوات تتساقط كأوراق الخريف.. وتأتي الذكري تلو الذكري.. والمانيا تعيش الهزيمة في كل لحظة.. رغم أن اعداء الأمس أصبحوا اصدقاء اليوم. ولكن الاصدقاء الجدد يريدون الاحتفال بذكري انتصاراتهم الساحقة بذكري العداء القديم.. عن طريق اطلاق المواويل. الاصدقاء الجدد يرون ان 8 مايو.. هو ذكري تحرير المانيا من النظام النازي الهتلري.. أي انه يوم التحرير.. وكان الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريجان يري ان هذا اليوم هو ذكري الصداقة بين الشعبين الالماني والأمريكي عندما قامت القوات الأمريكية بتحرير الالمان من الديكتاتورية الهتلرية. ولكن 8 مايو 1945 لم يكن فقط نهاية هتلر.. وإنما كان ايضا نهاية الدولة الالمانية الواحدة. والمانيا الموحدة لم تكن من ممتلكات هتلر. انها تراث الشعب الالماني.. وعندما سقط هتلر.. سقطت معه الدولة الالمانية أيضا.. وباتت هناك دولتان المانيتان.. تقع كل منهما تحت نظام سياسي وعسكري مختلف.. في الغرب تقع القواعد العسكرية الأمريكية.. وفي الشرق تقع معسكرات حلف وارسو. ولذلك فإن الالمان لا يعتبرون يوم 8 مايو 1945 هو يوم التحرير.. لانه يعني من وجهة نظرهم ان الجيش الاحمر السوفيتي قد حرر المانياالشرقية.. وان سكان شيليزيا وبومرن الذين شقتهم جحافل الجيش الاحمر والدبابات الروسية ويعيش أغلبهم في الشتات.. قد تحرروا أيضا.. تحرروا من ماذا؟ ومع ذلك.. ورغم كل هذه المشاعر المتناقضة.. عاشت المانيا سنوات طويلة.. من المعاناة والإذلال وقلة الحيلة.. إلي أن تحققت الوحدة الالمانية سنة 1989 وقام الشعب الالماني خلال مظاهراته السلمية الحاشدة.. بهدم سور برلين الذي كان يفصل بين الدولتين الالمانيتين.. واستطاع عدد من خبراء الآثار تحويل القطع الصغيرة من حجارته إلي قطع اثرية صغيرة.. كانت تباع في الأسواق بأسعار رمزية داخل براويز من البلاستيك وعليها تاريخ بناء السور في 13 أغسطس سنة 1961 وتاريخ هدمه في التاسع من نوفمبر سنة 1989 ومعها شهادة رسمية.. بأن الحجر داخل البرواز هو قطعة من سور برلين.. وعندما اهديت إحدي هذه القطع للراحل العظيم مصطفي أمين ابدي اعجابه بالفكرة.. وظل يقلب في البرواز وعلي وجهه ابتسامة الرضا والسعادة.. وهو يضع البرواز فوق مكتبه.. باعتباره قطعة من التاريخ.. ومثالا للقدرة الفائقة علي الابداع. المهم.. ان الوحدة الالمانية تحققت دون إسالة قطرة من الدماء.. أو أن ترتكب خلال المظاهرات الحاشدة حالة تحرش واحدة.. وانسحبت قوات حلف وارسو من شرق المانيا.. كما انسحبت القوات الأمريكية من غرب البلاد.. وسجل التاريخ انتهاء حقبة تقسيم المانيا.. وبدأ الشعب الالماني يشمر عن سواعده.. لاعادة البناء والتعمير وتحقيق الرفاهية والرخاء والنظافة والنظام. وكانت تلك هي مسئولية.. كل مواطن.. ولم تكن مسئولية الحكومة أو بيروقراطية الدولة. كان كل مواطن في المانيا الموحدة يشعر بأنه المسئول عن احترام القواعد المنظمة للحياة. وهكذا قامت المانيا من عثرتها.. وأصبحت احدي مواطنات المانياالشرقية.. هي المستشارة في المانيا الموحدة.. وتحولت الشابة انجيلا ميركل.. إلي قائدة المسيرة في الدولة الجديدة.. وان تتحول المانيا الي احدي الدول الاقتصادية العظمي إلي جانب الصينوروسيا واليابان. وعلي الرغم من التحولات الهائلة التي طرأت علي العالم خلال السنوات العشر الأخيرة.. فلا تزال بعض دول العالم الجديد تحتفل بذكري 8 مايو 1945 واطلاق المواويل الشعبية التي تجسدها الربابة كل سنة لسبب بسيط هو ان الشعوب في حاجة إلي المواويل التي تدخل في قلوبها الفرحة والبهجة.. السعادة تصنعها المواويل! للمواويل البلدية التي تصاحبها الربابة.. سحرها.. وبريقها وجمهورها الواسع.. العريض.. الذي يبحث عن وسيلة للراحة عن طريق الفضفضة وهو يستمع لبطولات أبوزيد الهلالي.. والزير سالم.. وأبوالفوارس عنترة.. وسيف بن ذي يزن وحسن ونعيمة والخفاجي عامر.. إلي آخر هذه الحكايات بكل ما تنطوي عليه من أقوال مأثورة.. وتصرفات يمكن للبسطاء استخدامها في تعاملهم مع البشر وأبناء الحي والرؤساء في العمل.. ورجال الشرطة.. وقبل ذلك كله فإنها تريحهم نفسيا.. وتحول كل مستمع لأبوزيد الهلالي تارة والخفاجي عامر تارة أخري.. أو حسن عندما يخاطب نعيمة تارة ثالثة. المواويل علاج نفسي.. وإذا تأملت وجوه المستمعين الذين لا يكفون عن إبداء الاعجاب.. بالاستماع لبطولات قام بها غيرهم.. وفي زمان غير زمانهم.. تجد نفسك أمام طائفة من ضعاف البنية الجسدية الذين لا يمكن تصور وجودهم في موقف يشتد فيه الهول ويضيق الخناق.. أو يصلح ما فسد من أمره. وكلما اشتدت علي الانسان حالات الاحساس بالضعف وقلة الحيلة.. كلما اقترب من عالم المواويل.. ولجأ إلي المقاهي التي تقدم له سير البطولات.. فيتجسدها عقله الباطن ويشعر بالراحة! والمواويل ليست الوسيلة العلاجية الناجعة لرواد المقاهي النائية الذين يتمايلون مع نغمات الربابة وانتفاخ وجنات الفنان الشعبي المبدع.. وإنما هي وسيلة لعلاج الشعوب أيضا.. ورفع معنوياتها لتحلق في عالم افتراضي من الانتصارات التي حققها الاجداد وألحقوا الهزيمة بالأعداء.. بقدرتهم الفائقة علي القتال ومحاصرة الخصوم وقذفهم بقنابل الهاون. أعداء الأمس قد يكونون اصدقاء اليوم.. ولكن ذلك لا يهم.. المهم ان يخرج الاطفال من دور الحضانة في طوابير.. للاحتفال بانتصار ما.. بحثت عنه القيادة السياسية في اضابير التاريخ.. من أجل الفضفضة والراحة النفسية.. واستعادة الأمل في المستقبل.. والعلاج النفسي من بلاوي الحاضر.. المسيحة! شيء من الفرحة شيء من الأمل والبهجة! الطريف في الموضوع أن السياسة الدولية.. مشحونة بالمواويل.. التي تصفق لها الجماهير العريضة.. ومن بينها بالطبع الاحتفال بذكري 8 مايو سنة 1945.. وهو اليوم الذي وقعت فيه المانيا.. وثيقة هزيمتها في الحرب العالمية.. واستسلمت فيه لجنرالات روسيا وأمريكا وبريطانيا.. بلا قيد ولا شرط. ومنذ هذا اليوم عاشت المانيا سنوات الهزيمة.. في كل لحظة.. فهي لم تكن تتحرك إلا والهزيمة علي رأسها.. ولا تستطيع التصرف في سياستها الداخلية أو الخارجية دون ان تستعيد دروس الهزيمة ومرارتها. والأيام تمر.. والسنوات تتساقط كأوراق الخريف.. وتأتي الذكري تلو الذكري.. والمانيا تعيش الهزيمة في كل لحظة.. رغم أن اعداء الأمس أصبحوا اصدقاء اليوم. ولكن الاصدقاء الجدد يريدون الاحتفال بذكري انتصاراتهم الساحقة بذكري العداء القديم.. عن طريق اطلاق المواويل. الاصدقاء الجدد يرون ان 8 مايو.. هو ذكري تحرير المانيا من النظام النازي الهتلري.. أي انه يوم التحرير.. وكان الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريجان يري ان هذا اليوم هو ذكري الصداقة بين الشعبين الالماني والأمريكي عندما قامت القوات الأمريكية بتحرير الالمان من الديكتاتورية الهتلرية. ولكن 8 مايو 1945 لم يكن فقط نهاية هتلر.. وإنما كان ايضا نهاية الدولة الالمانية الواحدة. والمانيا الموحدة لم تكن من ممتلكات هتلر. انها تراث الشعب الالماني.. وعندما سقط هتلر.. سقطت معه الدولة الالمانية أيضا.. وباتت هناك دولتان المانيتان.. تقع كل منهما تحت نظام سياسي وعسكري مختلف.. في الغرب تقع القواعد العسكرية الأمريكية.. وفي الشرق تقع معسكرات حلف وارسو. ولذلك فإن الالمان لا يعتبرون يوم 8 مايو 1945 هو يوم التحرير.. لانه يعني من وجهة نظرهم ان الجيش الاحمر السوفيتي قد حرر المانياالشرقية.. وان سكان شيليزيا وبومرن الذين شقتهم جحافل الجيش الاحمر والدبابات الروسية ويعيش أغلبهم في الشتات.. قد تحرروا أيضا.. تحرروا من ماذا؟ ومع ذلك.. ورغم كل هذه المشاعر المتناقضة.. عاشت المانيا سنوات طويلة.. من المعاناة والإذلال وقلة الحيلة.. إلي أن تحققت الوحدة الالمانية سنة 1989 وقام الشعب الالماني خلال مظاهراته السلمية الحاشدة.. بهدم سور برلين الذي كان يفصل بين الدولتين الالمانيتين.. واستطاع عدد من خبراء الآثار تحويل القطع الصغيرة من حجارته إلي قطع اثرية صغيرة.. كانت تباع في الأسواق بأسعار رمزية داخل براويز من البلاستيك وعليها تاريخ بناء السور في 13 أغسطس سنة 1961 وتاريخ هدمه في التاسع من نوفمبر سنة 1989 ومعها شهادة رسمية.. بأن الحجر داخل البرواز هو قطعة من سور برلين.. وعندما اهديت إحدي هذه القطع للراحل العظيم مصطفي أمين ابدي اعجابه بالفكرة.. وظل يقلب في البرواز وعلي وجهه ابتسامة الرضا والسعادة.. وهو يضع البرواز فوق مكتبه.. باعتباره قطعة من التاريخ.. ومثالا للقدرة الفائقة علي الابداع. المهم.. ان الوحدة الالمانية تحققت دون إسالة قطرة من الدماء.. أو أن ترتكب خلال المظاهرات الحاشدة حالة تحرش واحدة.. وانسحبت قوات حلف وارسو من شرق المانيا.. كما انسحبت القوات الأمريكية من غرب البلاد.. وسجل التاريخ انتهاء حقبة تقسيم المانيا.. وبدأ الشعب الالماني يشمر عن سواعده.. لاعادة البناء والتعمير وتحقيق الرفاهية والرخاء والنظافة والنظام. وكانت تلك هي مسئولية.. كل مواطن.. ولم تكن مسئولية الحكومة أو بيروقراطية الدولة. كان كل مواطن في المانيا الموحدة يشعر بأنه المسئول عن احترام القواعد المنظمة للحياة. وهكذا قامت المانيا من عثرتها.. وأصبحت احدي مواطنات المانياالشرقية.. هي المستشارة في المانيا الموحدة.. وتحولت الشابة انجيلا ميركل.. إلي قائدة المسيرة في الدولة الجديدة.. وان تتحول المانيا الي احدي الدول الاقتصادية العظمي إلي جانب الصينوروسيا واليابان. وعلي الرغم من التحولات الهائلة التي طرأت علي العالم خلال السنوات العشر الأخيرة.. فلا تزال بعض دول العالم الجديد تحتفل بذكري 8 مايو 1945 واطلاق المواويل الشعبية التي تجسدها الربابة كل سنة لسبب بسيط هو ان الشعوب في حاجة إلي المواويل التي تدخل في قلوبها الفرحة والبهجة.. السعادة تصنعها المواويل!