النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    سوق اليوم الواحد في حدائق الأهرام يطرح كيلو الرنجة ب125 جنيها    الرئيس السيسي: مصر تحرص على توظيف مختلف أدوات التعاون لتشجيع الشركات المصرية على توسيع استثماراتها بالدول الأفريقية    برشلونة يرفع عرضه المالي لضم حمزة عبد الكريم فى يناير المقبل    طقس الأحد.. أجواء شديد البرودة وانخفاض بدرجات الحرارة والصغرى بالقاهرة 11    السياحة في مصر.. شتاء استثنائي وحركة قوية تدعم معدلات الإشغال    الإحصاء: مصر تسجل نصف مليون نسمة زيادة في عدد السكان خلال 126 يومًا    وزير التعليم العالي: مسار الجامعات الأهلية حظي بدعم كبير من القيادة السياسية    غزة.. ارتفاع حصيلة ضحايا خروقات الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار إلى 401 شهيد و1108 مصابين    الكويت تحتفل بالذكري الثانية لتولي الشيخ مشعل الأحمد مقاليد الحكم .    وزير الإسكان يتفقد مشروع «جنة 4» ومحطة تنقية المياه بالشيخ زايد    4000 فرصة عمل.. وزير الرياضة يفتتح ملتقى التوظيف الخامس بنادي الواي بأبوقرقاص    حكايات منتخب مصر مع أمم أفريقيا| 2006.. انطلاق العصر الذهبي للفراعنة    محمد عنتر: الزمالك "اختياري المفضل" دائما على حساب الأهلي.. والأندية الشعبية في خطر    الركراكي: حكيمي ضحى بنفسه من أجل المغرب    بسام راضي: تدشين خطوط جديدة لرحلات لمصر للطيران إلى إيطاليا    خلص على أولاده ال4.. تأييد حكم الإعدام على «سفاح قليوب»    إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بطريق الفيوم القاهرة الصحراوي    رسالة مؤثرة من شريهان بعد وفاة الفنانة سمية الألفي    بعد إعلان ارتباطه رسميا.. هذا هو موعد زفاف أحمد العوضي    رئيس هيئة التأمين الصحي في زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    سحب 666 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    الدوري الإنجليزي.. موعد مباراة ليفربول وتوتنهام والقناة الناقلة وصلاح الغائب الحاضر    ظهر عاريا فى التسريبات.. بيل كلينتون فى مرمى نيران جيفرى إبستين.. صور    أستاذ علوم سياسية: تحركات مصرية مكثفة للانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة    ضبط طن ونصف استربس دواجن وبسطرمة مجهولة المصدر بشبرا الخيمة    روبيو: تنفيذ اتفاق غزة سيستغرق "مدة طويلة"… وانتقادات حادة لحماس والأونروا    وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    موعد مباراة المغرب وجزر القمر في افتتاح أمم أفريقيا 2025    عين شمس ضمن أفضل 21% من جامعات العالم في تصنيف Green Metric 2025    محكمة باكستانية تقضي بسجن عمران خان وزوجته 17 عاما في قضية فساد    المخرج الفلسطيني يوسف صالحي: ترجمت الألم الداخلي إلى لغة سينمائية في فيلم «أعلم أنك تسمعني»    دار الإفتاء تعلن نتيجة رؤية هلال شهر رجب لعام 1447 هجريا بعد المغرب    روسيا تعلن تحرير بلدتين جديدتين شرق أوكرانيا    مستشار الرئيس للصحة: الوضع الوبائي مستقر تمامًا ولا يوجد خطر داهم على أطفالنا    دار الإفتاء توضح علامات الاستخارة وتحذر من ربطها بالأحلام فقط    مركز الدراسات والبحوث يشارك في مؤتمر علمي عن دور الذكاء الاصطناعي في تحقيق التنمية المستدامة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لعنة الله على تلك .. المسماة " ديمقراطية !?    فوز الدكتور أحمد طه بجائزة الطبيب العربى 2025.. وعميد قصر العينى يهنئه    إقبال جماهيري على «حفلة الكاتشب» في ليلة افتتاحه على مسرح الغد بالعجوزة    بعد قليل، محاكمة عصام صاصا بتهمة التشاجر داخل ملهى ليلي في المعادي    وزير الرى يتابع خطة إعداد وتأهيل قيادات الجيل الثاني لمنظومة المياه    قفزة قياسية متوقعة لأسعار الذهب في 2026.. وتراجع محتمل للنفط    نجم الزمالك السابق: أحمد عبدالرؤوف مُطالب بالتعامل بواقعية في المباريات    وزير التعليم العالى: دعم الباحثين والمبتكرين لتعزيز مكانة البحث العلمي فى مصر    مكتبة مصر العامة بالأقصر تستقبل وفد المركز الثقافي الكوري لبحث التعاون    المبادرات الرئاسية تعيد كتابة التاريخ الصحي لمصر    للنساء بعد انقطاع الطمث، تعرفي على أسرار الريجيم الناجح    أزهري يعلق علي مشاجرة الرجل الصعيدي مع سيدة المترو: أين هو احترام الكبير؟    نشرة أخبار طقس اليوم السبت 20 ديسمبر| الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة    ذكرى ميلاده ال95.. صلاح جاهين يصرخ عام 1965: الأغنية العربية في خطر!    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    القبض على إبراهيم سعيد لاعب كرة القدم السابق وطليقته داليا بدر بالقاهرة الجديدة    نائب وزير الخارجية يلتقي الممثل الخاص لسكرتير الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث    كل عام ولغتنا العربية حاضرة.. فاعلة.. تقود    طائرات ومروحيات أمريكية تشن هجوما كبيرا على عشرات المواقع لداعش وسط سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرح ديبا: أتمنى لمصر الاستقرار.. ولديكم إرادة قوية والإرهاب لن يهزمكم
"بوابة أخبار اليوم" تحاور أرملة آخر إمبراطور في تاريخ إيران
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 18 - 03 - 2015

كنا أنا وصديقي العزيز الدكتور عاطف طرفة عميد الجالية المصرية بباريس نستعد لمغادرة منزل إيهاب بدوى السفير المصري في العاصمة الفرنسية باريس بعد أن لبينا دعوته لحضور المعرض الخيري الذي استضافه في بيته لعدد من الشركات المصرية التي قررت عرض منتجاتها على أن تخصص حصيلة البيع لصالح مؤسسة مجدي يعقوب لعلاج أمراض القلب.
لكن السفير ايهاب بدوى همس فى أذنى قائلاً: انتظر قليلا هناك شخصية تاريخية ستحضر المعرض خلال دقائق وربما تخرج منها بحديث شيق، وافقت على الفور وبعد دقائق قليلة وجدت نفسى وجها لوجه مع الشهبانو فرح ديبا بهلوى أرملة آخر إمبراطور فى تاريخ حكم ايران الشاه محمد رضا بهلوى والذى حكم ايران 37 سنة حيث جاءت لتحضر المعرض المصري.
نظرت للدكتور عاطف فأومأ برأسه بما يعنى استعداده لترجمة الحوار حيث تتحدث الشهبانو بالفرنسية حيث رحب بالترجمة ليس فقط حبا فى الأخبار التي يعشقها ولكن لأنه كان زميل الشهبانو فى كلية الفنون التطبيقية بباريس وكان حاضرا للقاء الذى خطب فيه الشاه أمام طلبة الكلية عندما سألته فرح ديبا أسئلة محرجة لفتت نظرها له واختارها من بعد هذا اللقاء لتكون زوجته.
وبعد أول جولة لها بالمعرض قدمني السفير المصري للإمبراطورة فرح ديبا وعندما عرفت أنى قادم من مصر منذ أيام قليلة ربتت على يدي بامتنان بالغ وقالت: عندما أرى أي مصري يدور في ذهني شريط كامل من الذكريات عن هذا البلد الطيب المضياف الكريم.
وعندما طلبت منها حوار خاص ل"بوابة أخبار اليوم" لم تتردد ورحبت قائلة: لا يمكن أن أرفض طلب لأي مصري, الطريف أن شرطها الوحيد كان الاطمئنان بنفسها على الصور التي التقطتها لها وضحكت مداعبة وهى تقول: أريد دائما أن يراني المصريون في أحسن صورة.. وإلى نص الحوار:
- غادرتى ايران بعد ثورة الخوميني التى أطاحت بزوجك شاه إيران, والآن بعد مرور حوالي 36 سنة شهد العالم العربى عدة ثورات ألا وهى ثورات الربيع العربى فما هي قراءتك لهذه الثورات وماهو توقعك لمصيرها؟
- تعودت منذ أن غادرت إيران ألا أنظر إلى الماضي وأحاول دائما أن أعيش اللحظة الحاضرة متطلعة إلى المستقبل لكن طبعا اتابع كل مايحدث فى العالم العربي سواء كانت ثورات بالمعنى العلمى للكلمة أو مجرد حركات او انتفاضات ربما لو شئت الدقة وبعيدا عن المسميات فلا شك أن من حق كل شعب تقرير مصيره بالشكل الذى يراه والتاريخ كفيل بالحكم على هذه الحركات من خلال أحوال الناس فى هذه البلاد بعد مرور سنوات طويلة وما إذا كانت قد صارت للأحسن أو للأسوأ أما بالنسبة لمصر فهي بلد عزيز على قلبى ليس فقط لأن ترابها يحتضن نصفى الجميل شاه ايران ولكن لأنها بلد جدير بأن تكون فى وضعية أفضل بكثير مما هى عليه الآن وأتمنى من كل قلبي أن تتحسن ظروف مصر ويعود لها الاستقرار وأن تقضى على الإرهاب الذى تواجهه, انا أعرف المصريين جيدا فهم قادرون دائما على قهر أصعب الظروف ومعدنهم الأصيل يظهر جليا وقت الشدائد.
-ألمح فى كلامك نبرة مرارة مع بعض التحفظ فى التعليق على الثورة الاسلامية التى أطاحت بحكم الشاه فهل هذا يعنى أن آثار الماضى لاتزال تؤثر فى الشهبانو؟
-كما قلت لك الماضي شيء مر وفات ومن المستحيل أن نغير أحداثه مهما اوتينا من قوة لكنى كثير ما أضبط نفسي متلبسة بالتفكير فى الماضي مجترة شريط طويل من الذكريات والأحداث التى تدعو للتأمل العميق على الأقل لاستخلاص العبر والنتائج منها على سبيل المثال تلك الأحداث الغريبة التى لمستها من هذه التجربة مثل تردد عدد كبير من الدول التى كانت تطلق على نفسها مجموعة دول حلفاء الشاه فى استقباله عقب خروجنا من طهران, ربما خوفا من رد فعل النظام الجديد فى البلاد وربما كان الأكثر قسوة من ذلك أن أقرأ عقب خروجنا من إيران نقدا لاذعا وإشاعات غير حقيقة عن شاه ايران من نفس الأقلام التى طالما أشادت به وبحكمه, وعلى فكرة الشاه ظل قلبه معلقا بايران حتى رحيله وكان يتابع باهتمام أخبار الشعب الايرانى لحظة بلحظة وكان يشعر بمرارة وهو يرى عقب سقوطه ظهور نظام يحرم أبناء الشعب الايرانى من أبسط حقوقه, وعلى كل حال دعنى أزيدك من الشعر بيت واخبرك بأنه لايزال عدد كبير من أبناء الشعب الايراني يراسلوني فى المناسبات وكان لهم وقفة مشرفة عندما عرفوا خبر وفاة ابنتى ليلى حيث توافدوا على قصر نيافاران بطهران وأوقدوا الشموع ليشاطرونا الأحزان وأشعر بفخر حقيقى عندما أقرا خبر ما عن نجاح حققه أى إيرانى خاصة لو كان هذا الانجاز خارج بلاده كما كنت وسأظل دائما فخورة بوقوف أبناء الشعب الايرانى من الجنود البواسل ضد عدوان الرئيس العراقى صدام حسين فى الحرب التى استمرت سنوات طويلة وراح ضحيتها العديد من الشهداء الايرانيين ونجاحهم فى الحفاظ على سلامة أراضيهم.
- ما الذى تعنيه لك مصر بعد كل هذه السنوات ؟
(تنهدت الشاهبانو تنهيدة حارة) وقالت: ياااااااااه كلمة مصر بالنسبة لى أكبر من أن تحصيها كلمات فهى البلد التى فتحت أجوائها للطائرة التى كانت تقلنى أنا والشاه بعد أن ضاقت علينا الأرض بما رحبت ورفضت عدة دول استقبال الطائرة خوفا من استعداء النظام الجديد فى ايران, لكن الرئيس السادات أثبت أن للسياسة وجوه اخرى أكثر انسانية من الوجوه التى يراها الناس غالبا وبالطبع ما كان الرئيس السادات يقبل على هذه الخطوة لولا أنه كان متأكداً من انسانية الشعب المصرى الذى رحب بنا رغم التحذير الأمريكى المتمثل فى مكالمة الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر والذى اتصل بالرئيس السادات لينصحه بأن استقباله لشاه ايران قد يضر بمباحثات السلام مع اسرائيل, لكن السادات لم يعبأ بكل ذلك رغم أن السلطات الأمريكية أخرت اقلاع الطائرة لتعطى فرصه للسادات للتراجع.
-كيف تلقيتى نبأ قبول مصر باستقبال طائرة الشاه وهل تتذكرين مشاعر شاه ايران فى تلك اللحظة؟
لن أنسى تلك اللحظات أبدا فبعد أن تنقلنا بالطائرة بين القاهرة فى البداية ثم المغرب بموافقة الملك الراحل الحسن الثانى لن أنسى كذلك كيف كنت اتابع الأخبار عبر الراديو فى المغرب عندما تيقنت فى 11 فبراير 1979من نهاية نظام الشاه وبدأنا نفكر فى البلد التى يمكن أن تقبل بوجودنا فى ظل رغبة ربما تكون غير معلنة عند عدد من قادة الدول التى فكرنا فى التوجه إليها فى اقامة علاقات مع النظام الجديد فى ايران ومنها إلى الولايات المتحدة قبل أن يتم اختطاف موظفى السفارة الأمريكية بطهران حيث كان لزاما علينا مغادرة أمريكا ووقتها لم تقبل بنا أى دولة سوى بنما حيث توجهنا إليها من تكساس وهناك تلقيت مكالمة من السيدة العظيمة جيهان السادات تدعونى للسفر للقاهرة وعندما نقلت الخبر للشاه اغرورقت عيناه بالدموع وقال بثقة وكأنه كان يتوقع الدعوة: هذه هى مصر التى نعرفها جميعا وبالفعل بدأت الحكومة الأمريكية تناقشنا فى مسألة السفر للقاهرة.
-هل صحيح أن شبه صفقة كانت وشيكة بين النظام الحاكم فى بنما على أن يتم تسليم الشاه لمجلس قيادة الثورة فى ايران مقابل الافراج عن الرهائن الامريكيين المختطفين داخل السفارة الأمريكية فى ايران؟
-قرأت بعض التفاصيل فى كتاب لمؤلف أمريكى قال فيه أن الرئيس الأمريكى جيمى كارتر اتصل بوزير خارجية ايران فى ذلك الوقت صادق خطب زاده الذى عرض عليه الافراج عن الرهائن مقابل قيام بنما بتسليم الشاه لايران, بصراحة الشاه لم يفاتحنى أنا شخصيا فى هذا الشأن ولم يطلعنى على تفاصيل مايدور بينه وبين شخصيات قيايدة على مستوى العالم لكن بحسب رواية الكاتب الأمريكى وافق الشاه على العرض لكن خطب زاده لم يتمكن من جمع مجلس قيادة الثورة ليعرض عليهم تفاصيل الصفقة بسبب دخول البلاد فى اجازة السنة الايرانية وكل ما أعرفه أنا شخصيا أن المطاف قد انتهى بنا إلى أجمل بلد فى الدنيا مصر.
-هل أثرت الحالة الصحية للشاه فى عدم تقديره لتطور الامور فى الفترة الأخيرة لحكمه وهل كان يدرك خطورة حالته؟
- لا أعتقد أن هناك علاقة وثيقة بين ماحدث من تدهور فى الحالة الصحية للشاه وبين تطور الأوضاع فى إيران, ففى عام 1977 اكتشفنا اصابة شاه ايران بالسرطان ولم يكن الشاه ولا أنا ولا أى فرد من الاسرة على علم بحقيقة مرضه قبل هذا التاريخ أى قبيل عام واحد من مغادرتنا لطهران وقد كنت حريصة على أن يصارح الأطباء الشاه بحقيقة مرضه حتى يمكنه باعتباره حاكما للبلاد وقتها أن يتخذ القرارات الصائبة ويرتب البيت قبل الرحيل حيث كانت اصابته بسرطان الدم الذى أثر على جهازه المناعى بشكل كبير, لكن حدثت التطورات بسرعة حتى وصلنا للقاهرة حيث توفى الشاه فى 1981 أى أنه منذ اكتشاف المرض وحتى الوفاة مرت حوالى خمس سنوات وقد تناولت كل مايتعلق بمرض الشاه والظروف التى أحاطت به منذ اكتشافه للمرض وحتى وفاته فى كتابى الذى نشرته حول حياتى مع شاه ايران.
- تقومين بزيارة شبه سنوية للقاهرة لزيارة ضريح شاه ايران, كيف ترين مصر بعد كل هذه السنوات؟
- الحقيقة أننى لا أرى مصر فى هذه الزيارة فقط لأن مصر بداخلى ليس فقط بسبب وجود الشاه فيها ولا لأن أهل مصر استقبلونا فى أصعب لحظات حياتنا ولكن لأن هذه البلد فيها شىء مميز عن كل دول العالم, شىء يشدك إليها دائما لذا تجدها دائما فى حواديت الناس فى كل زمان ومكان كأنها حكاية لا تخص شعبها فقط بل هى ملك للبشرية وللتاريخ كله لذا احرص دائما على زيارة مصر وكثير ماينتابنى خاطر يجعلنى أتمنى لو كان الأمر بيدى أن أعيش ماتبقى من عمرى فى ارضها لأختم حياتى فى نفس المكان الذى عشنا فيه أنا والشاه فى أواخر أيامه وحتى أجد لنفسى مكانا بجواره عندما يحين الأجل.
-لاحظت أن قضيتى فى معرض المنتجات المصرية وقتا طويلا ومررتى على المعروضات أكثر من مرة فما دلالة ذلك بالنسبة لك؟
-الحقيقة أنا منبهرة من التقدم الكبير الذى تشهده المنتجات المصرية وعلى فكرة أنا متابعة جيدة لكل ماتنتجه مصر وكلما زرت القاهرة أتعمد زيارة خان الخليلى وكأنى أزور مصر لأول مرة حتى أقتنى كل جديد من هذا البلد, أشعر احيانا أننى كلما اقتنيت المنتجات المصرية كلما عشت عمرا أطول كما كان يظن قدماء المصريين أن مخلدون فى الدنيا لذا بنوا كل هذه المعابد العظيمة.
كنا أنا وصديقي العزيز الدكتور عاطف طرفة عميد الجالية المصرية بباريس نستعد لمغادرة منزل إيهاب بدوى السفير المصري في العاصمة الفرنسية باريس بعد أن لبينا دعوته لحضور المعرض الخيري الذي استضافه في بيته لعدد من الشركات المصرية التي قررت عرض منتجاتها على أن تخصص حصيلة البيع لصالح مؤسسة مجدي يعقوب لعلاج أمراض القلب.
لكن السفير ايهاب بدوى همس فى أذنى قائلاً: انتظر قليلا هناك شخصية تاريخية ستحضر المعرض خلال دقائق وربما تخرج منها بحديث شيق، وافقت على الفور وبعد دقائق قليلة وجدت نفسى وجها لوجه مع الشهبانو فرح ديبا بهلوى أرملة آخر إمبراطور فى تاريخ حكم ايران الشاه محمد رضا بهلوى والذى حكم ايران 37 سنة حيث جاءت لتحضر المعرض المصري.
نظرت للدكتور عاطف فأومأ برأسه بما يعنى استعداده لترجمة الحوار حيث تتحدث الشهبانو بالفرنسية حيث رحب بالترجمة ليس فقط حبا فى الأخبار التي يعشقها ولكن لأنه كان زميل الشهبانو فى كلية الفنون التطبيقية بباريس وكان حاضرا للقاء الذى خطب فيه الشاه أمام طلبة الكلية عندما سألته فرح ديبا أسئلة محرجة لفتت نظرها له واختارها من بعد هذا اللقاء لتكون زوجته.
وبعد أول جولة لها بالمعرض قدمني السفير المصري للإمبراطورة فرح ديبا وعندما عرفت أنى قادم من مصر منذ أيام قليلة ربتت على يدي بامتنان بالغ وقالت: عندما أرى أي مصري يدور في ذهني شريط كامل من الذكريات عن هذا البلد الطيب المضياف الكريم.
وعندما طلبت منها حوار خاص ل"بوابة أخبار اليوم" لم تتردد ورحبت قائلة: لا يمكن أن أرفض طلب لأي مصري, الطريف أن شرطها الوحيد كان الاطمئنان بنفسها على الصور التي التقطتها لها وضحكت مداعبة وهى تقول: أريد دائما أن يراني المصريون في أحسن صورة.. وإلى نص الحوار:
- غادرتى ايران بعد ثورة الخوميني التى أطاحت بزوجك شاه إيران, والآن بعد مرور حوالي 36 سنة شهد العالم العربى عدة ثورات ألا وهى ثورات الربيع العربى فما هي قراءتك لهذه الثورات وماهو توقعك لمصيرها؟
- تعودت منذ أن غادرت إيران ألا أنظر إلى الماضي وأحاول دائما أن أعيش اللحظة الحاضرة متطلعة إلى المستقبل لكن طبعا اتابع كل مايحدث فى العالم العربي سواء كانت ثورات بالمعنى العلمى للكلمة أو مجرد حركات او انتفاضات ربما لو شئت الدقة وبعيدا عن المسميات فلا شك أن من حق كل شعب تقرير مصيره بالشكل الذى يراه والتاريخ كفيل بالحكم على هذه الحركات من خلال أحوال الناس فى هذه البلاد بعد مرور سنوات طويلة وما إذا كانت قد صارت للأحسن أو للأسوأ أما بالنسبة لمصر فهي بلد عزيز على قلبى ليس فقط لأن ترابها يحتضن نصفى الجميل شاه ايران ولكن لأنها بلد جدير بأن تكون فى وضعية أفضل بكثير مما هى عليه الآن وأتمنى من كل قلبي أن تتحسن ظروف مصر ويعود لها الاستقرار وأن تقضى على الإرهاب الذى تواجهه, انا أعرف المصريين جيدا فهم قادرون دائما على قهر أصعب الظروف ومعدنهم الأصيل يظهر جليا وقت الشدائد.
-ألمح فى كلامك نبرة مرارة مع بعض التحفظ فى التعليق على الثورة الاسلامية التى أطاحت بحكم الشاه فهل هذا يعنى أن آثار الماضى لاتزال تؤثر فى الشهبانو؟
-كما قلت لك الماضي شيء مر وفات ومن المستحيل أن نغير أحداثه مهما اوتينا من قوة لكنى كثير ما أضبط نفسي متلبسة بالتفكير فى الماضي مجترة شريط طويل من الذكريات والأحداث التى تدعو للتأمل العميق على الأقل لاستخلاص العبر والنتائج منها على سبيل المثال تلك الأحداث الغريبة التى لمستها من هذه التجربة مثل تردد عدد كبير من الدول التى كانت تطلق على نفسها مجموعة دول حلفاء الشاه فى استقباله عقب خروجنا من طهران, ربما خوفا من رد فعل النظام الجديد فى البلاد وربما كان الأكثر قسوة من ذلك أن أقرأ عقب خروجنا من إيران نقدا لاذعا وإشاعات غير حقيقة عن شاه ايران من نفس الأقلام التى طالما أشادت به وبحكمه, وعلى فكرة الشاه ظل قلبه معلقا بايران حتى رحيله وكان يتابع باهتمام أخبار الشعب الايرانى لحظة بلحظة وكان يشعر بمرارة وهو يرى عقب سقوطه ظهور نظام يحرم أبناء الشعب الايرانى من أبسط حقوقه, وعلى كل حال دعنى أزيدك من الشعر بيت واخبرك بأنه لايزال عدد كبير من أبناء الشعب الايراني يراسلوني فى المناسبات وكان لهم وقفة مشرفة عندما عرفوا خبر وفاة ابنتى ليلى حيث توافدوا على قصر نيافاران بطهران وأوقدوا الشموع ليشاطرونا الأحزان وأشعر بفخر حقيقى عندما أقرا خبر ما عن نجاح حققه أى إيرانى خاصة لو كان هذا الانجاز خارج بلاده كما كنت وسأظل دائما فخورة بوقوف أبناء الشعب الايرانى من الجنود البواسل ضد عدوان الرئيس العراقى صدام حسين فى الحرب التى استمرت سنوات طويلة وراح ضحيتها العديد من الشهداء الايرانيين ونجاحهم فى الحفاظ على سلامة أراضيهم.
- ما الذى تعنيه لك مصر بعد كل هذه السنوات ؟
(تنهدت الشاهبانو تنهيدة حارة) وقالت: ياااااااااه كلمة مصر بالنسبة لى أكبر من أن تحصيها كلمات فهى البلد التى فتحت أجوائها للطائرة التى كانت تقلنى أنا والشاه بعد أن ضاقت علينا الأرض بما رحبت ورفضت عدة دول استقبال الطائرة خوفا من استعداء النظام الجديد فى ايران, لكن الرئيس السادات أثبت أن للسياسة وجوه اخرى أكثر انسانية من الوجوه التى يراها الناس غالبا وبالطبع ما كان الرئيس السادات يقبل على هذه الخطوة لولا أنه كان متأكداً من انسانية الشعب المصرى الذى رحب بنا رغم التحذير الأمريكى المتمثل فى مكالمة الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر والذى اتصل بالرئيس السادات لينصحه بأن استقباله لشاه ايران قد يضر بمباحثات السلام مع اسرائيل, لكن السادات لم يعبأ بكل ذلك رغم أن السلطات الأمريكية أخرت اقلاع الطائرة لتعطى فرصه للسادات للتراجع.
-كيف تلقيتى نبأ قبول مصر باستقبال طائرة الشاه وهل تتذكرين مشاعر شاه ايران فى تلك اللحظة؟
لن أنسى تلك اللحظات أبدا فبعد أن تنقلنا بالطائرة بين القاهرة فى البداية ثم المغرب بموافقة الملك الراحل الحسن الثانى لن أنسى كذلك كيف كنت اتابع الأخبار عبر الراديو فى المغرب عندما تيقنت فى 11 فبراير 1979من نهاية نظام الشاه وبدأنا نفكر فى البلد التى يمكن أن تقبل بوجودنا فى ظل رغبة ربما تكون غير معلنة عند عدد من قادة الدول التى فكرنا فى التوجه إليها فى اقامة علاقات مع النظام الجديد فى ايران ومنها إلى الولايات المتحدة قبل أن يتم اختطاف موظفى السفارة الأمريكية بطهران حيث كان لزاما علينا مغادرة أمريكا ووقتها لم تقبل بنا أى دولة سوى بنما حيث توجهنا إليها من تكساس وهناك تلقيت مكالمة من السيدة العظيمة جيهان السادات تدعونى للسفر للقاهرة وعندما نقلت الخبر للشاه اغرورقت عيناه بالدموع وقال بثقة وكأنه كان يتوقع الدعوة: هذه هى مصر التى نعرفها جميعا وبالفعل بدأت الحكومة الأمريكية تناقشنا فى مسألة السفر للقاهرة.
-هل صحيح أن شبه صفقة كانت وشيكة بين النظام الحاكم فى بنما على أن يتم تسليم الشاه لمجلس قيادة الثورة فى ايران مقابل الافراج عن الرهائن الامريكيين المختطفين داخل السفارة الأمريكية فى ايران؟
-قرأت بعض التفاصيل فى كتاب لمؤلف أمريكى قال فيه أن الرئيس الأمريكى جيمى كارتر اتصل بوزير خارجية ايران فى ذلك الوقت صادق خطب زاده الذى عرض عليه الافراج عن الرهائن مقابل قيام بنما بتسليم الشاه لايران, بصراحة الشاه لم يفاتحنى أنا شخصيا فى هذا الشأن ولم يطلعنى على تفاصيل مايدور بينه وبين شخصيات قيايدة على مستوى العالم لكن بحسب رواية الكاتب الأمريكى وافق الشاه على العرض لكن خطب زاده لم يتمكن من جمع مجلس قيادة الثورة ليعرض عليهم تفاصيل الصفقة بسبب دخول البلاد فى اجازة السنة الايرانية وكل ما أعرفه أنا شخصيا أن المطاف قد انتهى بنا إلى أجمل بلد فى الدنيا مصر.
-هل أثرت الحالة الصحية للشاه فى عدم تقديره لتطور الامور فى الفترة الأخيرة لحكمه وهل كان يدرك خطورة حالته؟
- لا أعتقد أن هناك علاقة وثيقة بين ماحدث من تدهور فى الحالة الصحية للشاه وبين تطور الأوضاع فى إيران, ففى عام 1977 اكتشفنا اصابة شاه ايران بالسرطان ولم يكن الشاه ولا أنا ولا أى فرد من الاسرة على علم بحقيقة مرضه قبل هذا التاريخ أى قبيل عام واحد من مغادرتنا لطهران وقد كنت حريصة على أن يصارح الأطباء الشاه بحقيقة مرضه حتى يمكنه باعتباره حاكما للبلاد وقتها أن يتخذ القرارات الصائبة ويرتب البيت قبل الرحيل حيث كانت اصابته بسرطان الدم الذى أثر على جهازه المناعى بشكل كبير, لكن حدثت التطورات بسرعة حتى وصلنا للقاهرة حيث توفى الشاه فى 1981 أى أنه منذ اكتشاف المرض وحتى الوفاة مرت حوالى خمس سنوات وقد تناولت كل مايتعلق بمرض الشاه والظروف التى أحاطت به منذ اكتشافه للمرض وحتى وفاته فى كتابى الذى نشرته حول حياتى مع شاه ايران.
- تقومين بزيارة شبه سنوية للقاهرة لزيارة ضريح شاه ايران, كيف ترين مصر بعد كل هذه السنوات؟
- الحقيقة أننى لا أرى مصر فى هذه الزيارة فقط لأن مصر بداخلى ليس فقط بسبب وجود الشاه فيها ولا لأن أهل مصر استقبلونا فى أصعب لحظات حياتنا ولكن لأن هذه البلد فيها شىء مميز عن كل دول العالم, شىء يشدك إليها دائما لذا تجدها دائما فى حواديت الناس فى كل زمان ومكان كأنها حكاية لا تخص شعبها فقط بل هى ملك للبشرية وللتاريخ كله لذا احرص دائما على زيارة مصر وكثير ماينتابنى خاطر يجعلنى أتمنى لو كان الأمر بيدى أن أعيش ماتبقى من عمرى فى ارضها لأختم حياتى فى نفس المكان الذى عشنا فيه أنا والشاه فى أواخر أيامه وحتى أجد لنفسى مكانا بجواره عندما يحين الأجل.
-لاحظت أن قضيتى فى معرض المنتجات المصرية وقتا طويلا ومررتى على المعروضات أكثر من مرة فما دلالة ذلك بالنسبة لك؟
-الحقيقة أنا منبهرة من التقدم الكبير الذى تشهده المنتجات المصرية وعلى فكرة أنا متابعة جيدة لكل ماتنتجه مصر وكلما زرت القاهرة أتعمد زيارة خان الخليلى وكأنى أزور مصر لأول مرة حتى أقتنى كل جديد من هذا البلد, أشعر احيانا أننى كلما اقتنيت المنتجات المصرية كلما عشت عمرا أطول كما كان يظن قدماء المصريين أن مخلدون فى الدنيا لذا بنوا كل هذه المعابد العظيمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.