هكذا نري أن الجريمة لا تفيد فاعلها.. ولكنها في نفس الوقت تفيد المجتمع، وتعلم أفراده أن المبادئ والأخلاق هي أساس الحياة النظيفة الشريفة.. وأنها المصدر الوحيد لراحة النفس والضمير. استوقفتني سيدة في مقتبل العمر – وأنا أمارس رياضتي المفضلة, وهي المشي – في نادي الجزيرة.. وقالت لي بصوت تبدو في نبراته الثورة والغضب.. أنا اعترض علي مجلة الحوادث, ولا أتصور أن مؤسسة »أخبار اليوم» التي أحبها وأقدرها تصدر مثل هذه المجلة.. فقلت لها في هدوء.. وما سبب هذا الاعتراض؟؟ قالت: إن مجلتكم تعلم الشباب الانحراف.. وتدفعهم إلي الجريمة!.. قلت: ولكن هدف المجلة واضح.. وهو أن »الجريمة.. لا تفيد».. وأن المجرم لابد أن ينال ما يستحق من عقاب.. قالت: دفاعك لن يغير من رأيي.. قلت: ولكن هناك مليون مواطن يشترون »أخبار الحوادث».. وخمسة ملايين يقرأونها.. قالت في عصبية.. أنا حرة في رأيي!! ومن المؤكد أن هذه السيدة ليست الوحيدة في مصر التي تعترض علي »أخبار الحوادث».. وأن هناك غيرها كثيرين.. فلم يخلق أي عمل ناجح إلا وكان له مؤيدون ومعارضون.. أما إذا خرج العمل إلي الناس في هدوء ودون أن يثير خلافاً بينهم في وجهات النظر فهو عمل فاشل.. وقد تعلمنا من أستاذ الصحافة مصطفي أمين أن العمل الصحفي الممتاز هو الذي يحدث دوياً بين الناس.. يمدحه البعض ويذمه البعض الآخر.. أما العمل الفاشل.. فإنه لا يثير اهتمام أحد.. وأنا أقول لهذه السيدة الناقمة علي »أخبار الحوادث» أن نشر الحوادث وتحليلها وعرضها علي الرأي العام لا يضر بالشباب.. ولا يدفعهم إلي الانحراف – كما تعتقد – بل علي العكس فإن النشر يعتبر بمثابة المصل الذي يمنحهم الحصانة ضد الجريمة.. ويقيهم من الوقوع في براثن المجرمين.. ويزيد من إيمانهم بأن الجريمة لا تفيد.. وأن المجرم مصيره السقوط في أيدي العدالة مهما طال به الأمد.. وأن النفس البشرية أمارة بالسوء.. وأنه لا وجود للملائكة علي وجه الأرض.. وأن كل إنسان بداخله الخير والشر.. والملاك والشيطان.. كل هذا يكسب الشباب الخبرة والمعرفة بأمور الحياة.. والحذر واليقظة في معاملاتهم وتصرفاتهم عندما يحين الوقت لاستقلالهم عن أسرهم واعتمادهم علي أنفسهم.. إن الهدف الذي تسعي إلي تحقيقه »أخبار الحوادث».. هو »الجريمة لا تفيد».. تأكيداً علي أن الجريمة لا يمكن أن تعود بالفائدة علي فاعلها.. إنما تنقلب نقمه وبلاء عليه.. وأن فعلته لابد أن تنكشف, وينال العقاب.. فالجريمة الكاملة ليست موجودة علي الإطلاق.. وكم من عتاة في الإجرام انكشف أمرهم بسبب أخطاء بسيطة وقعوا فيها عن غيرقصد.. ولم تكن في حسبانهم عند تخطيطهم وإعدادهم للجريمة.. هذه الأخطاء أخذت دليلاً ضدهم.. وقادتهم إلي حبل المشنقة أو الكرسي الكهربائي. والشاب الذي يقرأ الجريمة, ويلم بأسباب ارتكابها ودوافعها وما يلحق بفاعلها من عقاب رادع.. لابد أنه سوف يستفيد.. ويأخذ من تجارب الآخرين العبرة والموعظة.. ويعرف أن الشباب الذين في مثل سنه إذا اقترفوا جرماً فإنهم يقضون بذلك علي مستقبلهم.. وأن نظرات الشك والريبة ستلاحقهم في كل مكان.. ولن يستطيع أحدهم الحصول علي عمل أو وظيفة لأن صحيفته الجنائية ستصبح مستنداً ضده.. ودليلاً علي أنه من أصحاب السوابق.. فيعيش حياته منبوذاً من المجتمع وعالة علي أسرته وأهله.. لا يجد صديقاً أو رفيقاً.. أو إمرأة تقبل الزواج منه.. ولا يثق فيه أقرب الناس إليه!! أما إذا كان المجرم متوسط العمر فإنه سيقضي النصف الأخير من حياته خلف القضبان.. أو في الاشغال الشاقة التي لا يقدر عليها إلا الشباب.. فيتحمل مجبراً ما هو فوق طاقته من الشقاء والجهد, ويبذل من صحته وعافيته ما لا يستطيع تحمله.. فتضيع عليه سنوات جمع الثمار.. ثمار كفاحه واجتهاده في أيام شبابه.. وقد يموت في السجن بحسرته وندمه.. وتتشرد أسرته, ويوصم أولاده بفعلته مدي الحياة.. وتظل جريمته تلاحقهم وتطاردهم في أعمالهم وأرزاقهم.. وعلاقاتهم بالناس والمجتمع.. وقد يتعذر عليهم أن يجدوا بين النساء من ترضي بالانتماء إليهم أو حمل اسمهم بعد أن لوثه أبوهم بجريمته.. وإذا كان المجرم كهلاً أو شيخاً.. فبئس الختام.. وبئس المصير الذي ينهي به هذا المجرم حياته الطويلة.. فبدلاً من أن يتقرب إلي ربه.. ويستغفره ذنوبه.. ويعمل عملاً صالحاً لعله يقبل توبته.. فإنه يقدم علي فعل إثم يحرمه من رحمة الخالق, وينزل عليه أشد الغضب.. ويلحق بأسرته أشد البلاء, ويلطخ اسمها بالعار.. ويجعل أولاده يتبرأون من أبوته وينكرون انتماءهم إليه.. بل ويرفضون توديعه الوداع الأخير!! هكذا نري أن الجريمة لا تفيد فاعلها.. ولكنها في نفس الوقت تفيد المجتمع، وتعلم أفراده أن المبادئ والأخلاق هي أساس الحياة النظيفة الشريفة.. وأنها المصدر الوحيد لراحة النفس والضمير. استوقفتني سيدة في مقتبل العمر – وأنا أمارس رياضتي المفضلة, وهي المشي – في نادي الجزيرة.. وقالت لي بصوت تبدو في نبراته الثورة والغضب.. أنا اعترض علي مجلة الحوادث, ولا أتصور أن مؤسسة »أخبار اليوم» التي أحبها وأقدرها تصدر مثل هذه المجلة.. فقلت لها في هدوء.. وما سبب هذا الاعتراض؟؟ قالت: إن مجلتكم تعلم الشباب الانحراف.. وتدفعهم إلي الجريمة!.. قلت: ولكن هدف المجلة واضح.. وهو أن »الجريمة.. لا تفيد».. وأن المجرم لابد أن ينال ما يستحق من عقاب.. قالت: دفاعك لن يغير من رأيي.. قلت: ولكن هناك مليون مواطن يشترون »أخبار الحوادث».. وخمسة ملايين يقرأونها.. قالت في عصبية.. أنا حرة في رأيي!! ومن المؤكد أن هذه السيدة ليست الوحيدة في مصر التي تعترض علي »أخبار الحوادث».. وأن هناك غيرها كثيرين.. فلم يخلق أي عمل ناجح إلا وكان له مؤيدون ومعارضون.. أما إذا خرج العمل إلي الناس في هدوء ودون أن يثير خلافاً بينهم في وجهات النظر فهو عمل فاشل.. وقد تعلمنا من أستاذ الصحافة مصطفي أمين أن العمل الصحفي الممتاز هو الذي يحدث دوياً بين الناس.. يمدحه البعض ويذمه البعض الآخر.. أما العمل الفاشل.. فإنه لا يثير اهتمام أحد.. وأنا أقول لهذه السيدة الناقمة علي »أخبار الحوادث» أن نشر الحوادث وتحليلها وعرضها علي الرأي العام لا يضر بالشباب.. ولا يدفعهم إلي الانحراف – كما تعتقد – بل علي العكس فإن النشر يعتبر بمثابة المصل الذي يمنحهم الحصانة ضد الجريمة.. ويقيهم من الوقوع في براثن المجرمين.. ويزيد من إيمانهم بأن الجريمة لا تفيد.. وأن المجرم مصيره السقوط في أيدي العدالة مهما طال به الأمد.. وأن النفس البشرية أمارة بالسوء.. وأنه لا وجود للملائكة علي وجه الأرض.. وأن كل إنسان بداخله الخير والشر.. والملاك والشيطان.. كل هذا يكسب الشباب الخبرة والمعرفة بأمور الحياة.. والحذر واليقظة في معاملاتهم وتصرفاتهم عندما يحين الوقت لاستقلالهم عن أسرهم واعتمادهم علي أنفسهم.. إن الهدف الذي تسعي إلي تحقيقه »أخبار الحوادث».. هو »الجريمة لا تفيد».. تأكيداً علي أن الجريمة لا يمكن أن تعود بالفائدة علي فاعلها.. إنما تنقلب نقمه وبلاء عليه.. وأن فعلته لابد أن تنكشف, وينال العقاب.. فالجريمة الكاملة ليست موجودة علي الإطلاق.. وكم من عتاة في الإجرام انكشف أمرهم بسبب أخطاء بسيطة وقعوا فيها عن غيرقصد.. ولم تكن في حسبانهم عند تخطيطهم وإعدادهم للجريمة.. هذه الأخطاء أخذت دليلاً ضدهم.. وقادتهم إلي حبل المشنقة أو الكرسي الكهربائي. والشاب الذي يقرأ الجريمة, ويلم بأسباب ارتكابها ودوافعها وما يلحق بفاعلها من عقاب رادع.. لابد أنه سوف يستفيد.. ويأخذ من تجارب الآخرين العبرة والموعظة.. ويعرف أن الشباب الذين في مثل سنه إذا اقترفوا جرماً فإنهم يقضون بذلك علي مستقبلهم.. وأن نظرات الشك والريبة ستلاحقهم في كل مكان.. ولن يستطيع أحدهم الحصول علي عمل أو وظيفة لأن صحيفته الجنائية ستصبح مستنداً ضده.. ودليلاً علي أنه من أصحاب السوابق.. فيعيش حياته منبوذاً من المجتمع وعالة علي أسرته وأهله.. لا يجد صديقاً أو رفيقاً.. أو إمرأة تقبل الزواج منه.. ولا يثق فيه أقرب الناس إليه!! أما إذا كان المجرم متوسط العمر فإنه سيقضي النصف الأخير من حياته خلف القضبان.. أو في الاشغال الشاقة التي لا يقدر عليها إلا الشباب.. فيتحمل مجبراً ما هو فوق طاقته من الشقاء والجهد, ويبذل من صحته وعافيته ما لا يستطيع تحمله.. فتضيع عليه سنوات جمع الثمار.. ثمار كفاحه واجتهاده في أيام شبابه.. وقد يموت في السجن بحسرته وندمه.. وتتشرد أسرته, ويوصم أولاده بفعلته مدي الحياة.. وتظل جريمته تلاحقهم وتطاردهم في أعمالهم وأرزاقهم.. وعلاقاتهم بالناس والمجتمع.. وقد يتعذر عليهم أن يجدوا بين النساء من ترضي بالانتماء إليهم أو حمل اسمهم بعد أن لوثه أبوهم بجريمته.. وإذا كان المجرم كهلاً أو شيخاً.. فبئس الختام.. وبئس المصير الذي ينهي به هذا المجرم حياته الطويلة.. فبدلاً من أن يتقرب إلي ربه.. ويستغفره ذنوبه.. ويعمل عملاً صالحاً لعله يقبل توبته.. فإنه يقدم علي فعل إثم يحرمه من رحمة الخالق, وينزل عليه أشد الغضب.. ويلحق بأسرته أشد البلاء, ويلطخ اسمها بالعار.. ويجعل أولاده يتبرأون من أبوته وينكرون انتماءهم إليه.. بل ويرفضون توديعه الوداع الأخير!!