علام: مستعد للمساءلة ولم أفرط في أموال المحامين    شاريسا سولي تشارك في لجنة القضايا العامة بمجلس الكنائس المصلحة العالمي    أوقاف الفيوم تنظم ندوات علمية ضمن فعاليات برنامج "المنبر الثابت"    محافظ الوادي الجديد يتفقد أسواق مدينة الخارجة    المملكة تؤكد في مؤتمر "الأونكتاد" برؤية 2030 ودعم التنمية المستدامة والتحول الرقمي والطاقة النظيفة    حماس: أكدنا لتركيا التزامنا بوقف إطلاق النار رغم خروقات العدو المتكررة    حدود الخرطوم المنتهكة، تقارير تتهم دولة جنوب السودان بنقل أسلحة ومرتزقة لميلشيا الدعم السريع    الحكومة العراقية تجدد عقد إستيراد الكهرباء من الأردن    دخل السجن بسبب «أموال القذافي» وأيّد حظر النقاب.. 44 معلومة عن نيكولا ساركوزي رئيس فرنسا السابق    السيسي يهنئ ساناي تاكاياشي لانتخابها أول رئيسة وزراء في تاريخ اليابان    رئيس الاتحاد السكندري: "تحملت 100 مليون جنيه من جيبي في 3 شهور"    ألونسو: جولر مزيج من أوزيل وجوتي.. مستوانا يتحسن معه    هل يتم تعطيل الدراسة بالمنوفية بعد انتشار الجدري المائي؟ وكيل التعليم يجيب (فيديو)    رفضت العودة إليه.. جيران سيدة مدرسة حي الزيتون ضحية طعن زوجها يروون لحظات الرعب    أبطال وصناع فيلم السادة الأفاضل على الريد كاربت ب "الجونة السينمائي" (صور)    ماجدة خير الله تهاجم لميس الحديدي.. لهذا السبب    منها زراعة 5 آلاف نخلة وشجرة.. «أثري» يكشف الاستعدادات الأخيرة قبل افتتاح المتحف المصري الكبير    مجلس الشؤون الإنسانية بالإمارات يعرض فيلم «ويبقى الأمل» في مهرجان الجونة    نادية مصطفى: محمد سلطان عبقري عصره.. "ويسلملي ذوقهم" مفاجأتي في أوبرا سيد درويش    إمام مسجد الحسين: المصريون يجددون العهد مع سيدنا النبي وآل البيت في ذكرى قدوم الإمام لمصر    رمضان عبد المعز: "ازرع جميلًا ولو في غير موضعه".. فالله لا يضيع إحسان المحسنين    وكيل تعليم المنوفية: لم نسجل إصابات جديدة بالجدري المائي.. والمدرسة تعمل بشكل طبيعي    استشاري مناعة: الخريف موسم العدوى الفيروسية ولقاح الأنفلونزا ضروري قبل الشتاء    تحت شعار «قطرة دم.. حياة».. «تربية المنيا» تطلق حملة للتبرع بالدم    رقابة بلا جدوى !    غرائب الأخبارالسبعة    أحمد موسى عن استقبال الجاليات المصرية للرئيس السيسي في بروكسل: مشهد غير مسبوق    لافروف: الدعوات الأوروبية لوقف إطلاق النار في أوكرانيا ليست صادقة    هل على ذهب الزينة زكاة؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الخارجية يدعو التقدم لامتحانات الوزارة: لدينا عجز فى خريجي الحقوق    وزير الكهرباء: الجهاز التنفيذي للمحطات النووية خطوة استراتيجية لتعزيز أمن الطاقة    حقيقة مفاوضات الأهلي مع المغربي بنتايج لاعب الزمالك (خاص)    محمد صبحي: مجلس الإسماعيلي خيب آمالنا ووزارة الرياضة أنقذت الموقف    النائب محمد عبد الله زين: أين الحد الأدنى للأجور؟.. وعضو المجلس القومي: لا تحملوا القطاع الخاص فوق طاقته    انتصار تصطحب ابنها في عرض السادة الأفاضل وتلتقط صورا مع شخصية الفيلم الكرتونية    رئيس جامعة الأزهر يفتتح معرض الكتاب خدمة للطلاب والباحثين بتخفيضات كبيرة    إصابة شاب فى حادث اصطدام ميكروباص بشجرة بقنا    اكتشاف مقبرة جماعية لقتلى عراة فى منطقة تل الصوان شرقى دوما السورية    هل يجوز للمرأة تهذيب حواجبها إذا سبب شكلها حرجا نفسيا؟ أمين الفتوى يجيب    أستاذ علاقات دولية: مصر أصبحت محط أنظار المستثمرين بالعالم خاصة أوروبا    عاجل- مصر تتصدر الدول العربية في استقطاب مشروعات الطاقة المتجددة باستثمارات تتجاوز 161 مليار دولار    برلمانى: القمة المصرية الأوروبية خطوة جديدة لتعزيز الحضور المصري الدولي    تعليم وصحة الفيوم يتابعان التطعيمات اللازمة لطلاب المدارس للوقاية من الأمراض    الصين: القيود الأمريكية على التأشيرات لن تعيق علاقاتنا مع دول أمريكا الوسطى    منافسة شرسة بين ريال مدريد وبرشلونة على ضم نجم منتخب المغرب    صبحى يهنئ يد الأهلى بعد التتويج بلقب إفريقيا    "أهمية الحفاظ على المرافق العامة".. ندوة بمجمع إعلام سوهاج    مثالية للدايت والطاقة، طريقة عمل سلطة الكينوا بالأفوكادو والطماطم المجففة    «بيتشتتوا بسرعة».. 5 أبراج لا تجيد العمل تحت الضغط    مقتل 3 عناصر إجرامية فى تبادل إطلاق النار مع الأمن بالغربية    وزير المالية: نتطلع إلى وضع رؤية مشتركة لقيادة التحول الاقتصادي نحو تنمية أكثر عدالة وشمولًا واستدامة    طقس السعودية اليوم.. أمطار رعدية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    بعد فتح الباب للجمعيات الأهلية.. هؤلاء لن يسمح لهم التقدم لأداء مناسك الحج 2026 (تفاصيل)    «تعليم البحيرة» تعلن جداول إمتحانات شهر أكتوبر لصفوف النقل    غدًا.. بدء عرض فيلم «السادة الأفاضل» بسينما الشعب في 7 محافظات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    شون دايش مدربا لنوتنجهام فورست    بالصور.. بدء التسجيل في الجمعية العمومية لنادي الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قنابل الرعب على أرصفة الموسكي: التورتة ب75 جنيها والبازوكة ب25

قنابل يدوية، صواريخ طائرة طويلة المدى، والديناميت، هذه ليست أسماء أسلحة جديدة استوردها الجيش وإنما مجرد العاب نارية تباع على الأرصفة بمنطقة العتبة والموسكي تم استيرادها لتوزيعها خلال شهر رمضان وعيد الفطر.
هذه الألعاب النارية تحولت من وسيلة خطيرة للترفيه إلى أسلحة خفيفة تواجه بها قوات الشرطة أو تستخدم في المشاجرات والاشتباكات وتخلف عنها إصابات بعضها خطيرة بسبب قوتها، والكميات الضخمة الموجودة في الأسواق تدل على أن تهريبها ممنهج والدولة لا ترى لا تسمع لا تتكلم.
بوابة أخبار اليوم قامت بجولة في منطقة العتبة والموسكي لمعرفة أنواع تلك الألعاب النارية وقوتها وكيف تدخل هذه الأسلحة الصغيرة من الباب الخلفي للوطن بهذه الكميات الضخمة ؟ .
بداية رحلتنا كانت من ميدان العتبة والذي كان خالياً من بائعي الألعاب النارية بسبب قربه من قسم الأزبكية وظللنا نبحث إلى أن وجدنا احد الأطفال يجلس بمناديل وبجوارها 3 علب من صواريخ صغيرة رخيصة الثمن يبيعها فسألنه عن بائع نستطيع نشتري منه هذه الصواريخ جملة وبكميات كبيرة فوصف لنا احد الشوارع والذي أطلق عليه مسمى "السوق بتاعنا" وكان في مكان قريب نسبياً من ميدان العتبة بمجرد أن تركنا هذا الطفل وتوجهنا إلى المكان الذي وصفه لنا سمعنا أصوات دوي الصواريخ في السماء وبعد مسافة قليلة ظهر عدد قليل من الباعة وعلى فرشتهم أعداد و أنواع متوسطة من الألعاب النارية.
توقفنا وسألنا عن الأسعار ولكن لم يكن هذا طموحنا بل أردنا الوصول إلى السوق وأثناء حديثنا من البائع ظلت أصوات الصواريخ تدوي في السماء فسألناه عن السبب أجاب أن التجار تعرض بضاعتها وتجربها للزبائن، طلبنا منه إرشادنا عن مكان يبيع الصواريخ الكبيرة فأشار إلى أحد الشوارع والذي من الوهلة الأولى تشعر انه سوق بيع المفروشات والكؤوس الزجاجية والملابس ولكن بعد أن اقتربنا كانت المفاجأة شارع كامل لبيع الألعاب النارية والبيع والشراء.
تحدثنا مع احد الباعة عن الأسعار والأسماء، وكثرة أسئلتنا جعلته يبادرنا بسؤال "باشا أنت عايز إيه بالضبط"، فأجبنا » يا عم الأنواع كتير وأنا عاوز حاجة قوية"، ليرد "اللي علي فرشتي دي حاجات عادية طلبك مش هنا خش الشارع جوه وتلاقي اللي أنت عايزه"..تركناه ودخلنا إلى الشارع نفسه والذي كان مزدحما من كثرة بائعي الألعاب النارية المصطفين علي جوانب الشارع والمشترين من كل الأعمار، وفي منتصف الشارع وجدنا التجار الكبار ليست محلات ولكن بائعي الجملة وعلو فرشتهم من "البومبه" إلى "الصاروخ" .
وسط صيحات البائعين الذين يعرضون ما لديهم وبصعوبة استطعنا أن نعرف ما يدور في هذا العالم وسط قلق وتخوف من احد البائعين فيقول "م.س" كل ما يباع هناك من العاب نارية مهرب، ويدخل بطرق غير شرعية من خلال كونترات مهربه يتم وضع الألعاب النارية وسط كراتين الملابس وغيرها من المنتجات لذا نخشى الحديث مع أي شخص حول طبيعة عملنا حتى لا يتوقف حالنا، وهذا مصدر رزقنا الوحيد.
وأضاف قائلا: "كل ما لدينا من ألعاب نحصل عليه من أكثر من مورد فكل مستورد مسؤول عن أنواع معينة من الصورايخ يقوم بإدخالها إلى مصر وكل فترة يظهر الجديد فيها، جميع هذه الألعاب الموجودة هنا مستوردة من الصين فالألعاب لدينا إما صيني أو مصري ولكن الإقبال على المحلي ضعيف لأنه غير جيد بالمرة وليس له زبون رغم رخص سعره.
وقال إن الأنواع كثيرة ومتنوعة وكل فترة يظهر الأحدث، فهناك ما يعرف باسم التورتة وسعرها 75 جنيها تحدث أصواتا عالية في السماء مع أنوار متعددة وعليها إقبال كبير خاصة من الشباب، أما الشماريخ فهناك "الهاند" الذي يستخدم في المدرجات و يصل سعره إلى 150 جنيها، والشمروخ العادي الذي يباع ب 25 جنيها وهذا يحدث طلقات في السماء والصيني منه يخرج 8 طلقات ولكن كعادة الصيني تكون صلاحيته 6 طلقات فقط وهو من الألعاب التي تلقى رواجا كبيرا هنا في السوق.
أما باقي الأنواع فتختلف مسمياتها ما بين مهرجان بسعر 25 جنيها وبازوكة تباع بنفس السعر أيضا، وعن نسبة البيع يقول في الفترة الماضية كان العام بأكمله موسم فالاحتفالات مثل الاتحادية والتحرير كنا نبيع فيها بنسبة كبيرة أما بعد الانتخابات يعتبر رمضان هو ذروة البيع بالنسبة لنا فمكسبنا اليومي يتعدي 500 جنيه، وتأتي الحكومة من فترة لأخرى وتأخذ "الفرشة" ونقوم بدفع الغرامة ثم نعود من جديد.
الوضع لا يختلف كثيرا عند باقي البائعين فالمأساة واحدة والاستعراض في عرض هذه الأسلحة التي تقع في أيدي الأطفال على مرأى ومسمع من الجميع فبدون رقابة تباع هذه القنابل الموقوتة دون رادع، وعندما التقينا بائع أخر يدعى ط.ص أكد لنا انه لا يعرف سوى هذه المهنة وانه لن يعمل غيرها.
يذكر انه عرض لنا أنواعا محلية مختلفة تدعى القنبلة سعر الواحدة منها 2 جنيه و50 قرشا تتنوع أشكالها، مؤكدا على انه موجود منذ 3 سنوات ويدفع 40 ألف جنيه سنويا إيجارا للفرشة من احد الأشخاص الذين يمتلكون هذه الأرض، وأن قيمة البضاعة الموجودة تختلف من بائع إلى أخر حسب المكان إذا كان أول السوق أو أخره.
في الوقت الذي يرى البائع في هذه الألعاب مكسبا له يؤكد الخبراء على أن يجب وقف هذه الأسلحة نظرا لأضرارها الجسيمة النفسية والمجتمعية، فيقول جلال أبو الفتوح رئيس مصلحة الجمارك الأسبق إن هذه الألعاب نوعا من الفوضى التي يعيشها مجتمعنا الآن ويجب تنفيذ العقوبة في كل من يساهم في الإضرار بهذا الوطن، مضيفا أن هذه الألعاب النارية غير مصرح بدخولها فهي ممنوعة لأنها مخالفة.
وأوضح أن الجمارك موجودة إما بالمواني أو المطارات وبالتالي يجب تشديد الرقابة لمنع دخول هذه الألعاب، فأحيانا يأتي عدد كبير من (الكونتينر) القادم من الصين وقد يكون 10 على سبيل المثال فما يحدث انه يتم تفتيش 2 أو 3 فقط على الأكثر دون تفتيش الباقي وبالتالي يعتمد المستور على هذه الطريقة وتدخل الألعاب الممنوعة,
وأشار إلى أن المنفذ الأخر الذي قد تأتي منه هو الطريق البري وهنا يأتي دور قوات حرس الحدود لمنع دخولها عن طريق ليبيا أو السودان، مؤكدا على أن هذه الألعاب تشكل خطورة كبيرة جدا على مستخدميها والمجتمع ولسد هذه الثغرة يجب أولا تفتيش كافة الطرود القادمة من الصين نظرا لكونها المصدر الوحيد لهذا النوع من الألعاب وبالتالي نستطيع ضبط المهربين.
من جانبه أكد اللواء حاتم بهجت خبير المفرقعات أن البارود الموجود داخل الألعاب النارية يمكن استخدامه في صنع القنابل البدائية مثل التي تم استخدامها خلال الفترة القادمة في محطات مترو الأنفاق وغيرها من التفجيرات الصغيرة التي ينتج عنها موجة انفجارية بسيطة ولكن تخلف إصابات وحروق وقد ينتج عنها وفيات، فمعظم القنابل التي تم استخدامها خلال الفترة الماضية تم استخدام البارود في صنعها مثل الموجودة بالألعاب النارية وليست مواد شديدة الانفجار من TNT وغيرها.
وأشار إلى انه يجب أن تقوم الحكومة بضبط المهربين وتجفيف منابع الإرهاب، موضحا أن هذه الألعاب يتم تهريبها عبر الجمارك في كونترات البضائع ويصعب كشفها من خلال الكلاب المدربة على شم الأبخرة المتصاعدة من المادة المفجرة، ولذلك يقوم المهرب بوضعها ضمن بضائع أخرى ويتم تغليفها بشكل محكم جدا ويجب أن يتم ضبطها عبر البحث الجنائي والتحريات.
وتشير الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع إلى أن ما نعيشه الآن من قلق وتوتر تأتي هذه الألعاب لتمثل مصدر إزعاج وقلق للجميع وكان الخصوصية و الهدوء أصبحت شيئا مستحيلا، فمثل هذه الألعاب تجعل مستخدمها شخصا فوضويا وعدوانيا وليس لديه قوانين تمنعه، وبالتالي يصبح شخصا غير مسؤولا، أما عن مدى الضرر الذي تسببه لمن هم داخل منازلهم أو بالشوارع و يتعرضون لمثل هذا النوع من الإرهاب فهي تجعل المواطن يشعر بنوع من عدم الأمان والتوتر والفزع المستمر وعدم القدرة على التركيز خاصة أن اغلب هذه الألعاب صوتها يصعب تحديه عن القنابل أحيانا وبالتالي المسؤولية تخص الرقابة التي تحتاج إلى مراقبة الأسواق لمعرفة المصرح ببيعه و الممنوع والحفاظ على امن هذا الوطن.
قنابل يدوية، صواريخ طائرة طويلة المدى، والديناميت، هذه ليست أسماء أسلحة جديدة استوردها الجيش وإنما مجرد العاب نارية تباع على الأرصفة بمنطقة العتبة والموسكي تم استيرادها لتوزيعها خلال شهر رمضان وعيد الفطر.
هذه الألعاب النارية تحولت من وسيلة خطيرة للترفيه إلى أسلحة خفيفة تواجه بها قوات الشرطة أو تستخدم في المشاجرات والاشتباكات وتخلف عنها إصابات بعضها خطيرة بسبب قوتها، والكميات الضخمة الموجودة في الأسواق تدل على أن تهريبها ممنهج والدولة لا ترى لا تسمع لا تتكلم.
بوابة أخبار اليوم قامت بجولة في منطقة العتبة والموسكي لمعرفة أنواع تلك الألعاب النارية وقوتها وكيف تدخل هذه الأسلحة الصغيرة من الباب الخلفي للوطن بهذه الكميات الضخمة ؟ .
بداية رحلتنا كانت من ميدان العتبة والذي كان خالياً من بائعي الألعاب النارية بسبب قربه من قسم الأزبكية وظللنا نبحث إلى أن وجدنا احد الأطفال يجلس بمناديل وبجوارها 3 علب من صواريخ صغيرة رخيصة الثمن يبيعها فسألنه عن بائع نستطيع نشتري منه هذه الصواريخ جملة وبكميات كبيرة فوصف لنا احد الشوارع والذي أطلق عليه مسمى "السوق بتاعنا" وكان في مكان قريب نسبياً من ميدان العتبة بمجرد أن تركنا هذا الطفل وتوجهنا إلى المكان الذي وصفه لنا سمعنا أصوات دوي الصواريخ في السماء وبعد مسافة قليلة ظهر عدد قليل من الباعة وعلى فرشتهم أعداد و أنواع متوسطة من الألعاب النارية.
توقفنا وسألنا عن الأسعار ولكن لم يكن هذا طموحنا بل أردنا الوصول إلى السوق وأثناء حديثنا من البائع ظلت أصوات الصواريخ تدوي في السماء فسألناه عن السبب أجاب أن التجار تعرض بضاعتها وتجربها للزبائن، طلبنا منه إرشادنا عن مكان يبيع الصواريخ الكبيرة فأشار إلى أحد الشوارع والذي من الوهلة الأولى تشعر انه سوق بيع المفروشات والكؤوس الزجاجية والملابس ولكن بعد أن اقتربنا كانت المفاجأة شارع كامل لبيع الألعاب النارية والبيع والشراء.
تحدثنا مع احد الباعة عن الأسعار والأسماء، وكثرة أسئلتنا جعلته يبادرنا بسؤال "باشا أنت عايز إيه بالضبط"، فأجبنا » يا عم الأنواع كتير وأنا عاوز حاجة قوية"، ليرد "اللي علي فرشتي دي حاجات عادية طلبك مش هنا خش الشارع جوه وتلاقي اللي أنت عايزه"..تركناه ودخلنا إلى الشارع نفسه والذي كان مزدحما من كثرة بائعي الألعاب النارية المصطفين علي جوانب الشارع والمشترين من كل الأعمار، وفي منتصف الشارع وجدنا التجار الكبار ليست محلات ولكن بائعي الجملة وعلو فرشتهم من "البومبه" إلى "الصاروخ" .
وسط صيحات البائعين الذين يعرضون ما لديهم وبصعوبة استطعنا أن نعرف ما يدور في هذا العالم وسط قلق وتخوف من احد البائعين فيقول "م.س" كل ما يباع هناك من العاب نارية مهرب، ويدخل بطرق غير شرعية من خلال كونترات مهربه يتم وضع الألعاب النارية وسط كراتين الملابس وغيرها من المنتجات لذا نخشى الحديث مع أي شخص حول طبيعة عملنا حتى لا يتوقف حالنا، وهذا مصدر رزقنا الوحيد.
وأضاف قائلا: "كل ما لدينا من ألعاب نحصل عليه من أكثر من مورد فكل مستورد مسؤول عن أنواع معينة من الصورايخ يقوم بإدخالها إلى مصر وكل فترة يظهر الجديد فيها، جميع هذه الألعاب الموجودة هنا مستوردة من الصين فالألعاب لدينا إما صيني أو مصري ولكن الإقبال على المحلي ضعيف لأنه غير جيد بالمرة وليس له زبون رغم رخص سعره.
وقال إن الأنواع كثيرة ومتنوعة وكل فترة يظهر الأحدث، فهناك ما يعرف باسم التورتة وسعرها 75 جنيها تحدث أصواتا عالية في السماء مع أنوار متعددة وعليها إقبال كبير خاصة من الشباب، أما الشماريخ فهناك "الهاند" الذي يستخدم في المدرجات و يصل سعره إلى 150 جنيها، والشمروخ العادي الذي يباع ب 25 جنيها وهذا يحدث طلقات في السماء والصيني منه يخرج 8 طلقات ولكن كعادة الصيني تكون صلاحيته 6 طلقات فقط وهو من الألعاب التي تلقى رواجا كبيرا هنا في السوق.
أما باقي الأنواع فتختلف مسمياتها ما بين مهرجان بسعر 25 جنيها وبازوكة تباع بنفس السعر أيضا، وعن نسبة البيع يقول في الفترة الماضية كان العام بأكمله موسم فالاحتفالات مثل الاتحادية والتحرير كنا نبيع فيها بنسبة كبيرة أما بعد الانتخابات يعتبر رمضان هو ذروة البيع بالنسبة لنا فمكسبنا اليومي يتعدي 500 جنيه، وتأتي الحكومة من فترة لأخرى وتأخذ "الفرشة" ونقوم بدفع الغرامة ثم نعود من جديد.
الوضع لا يختلف كثيرا عند باقي البائعين فالمأساة واحدة والاستعراض في عرض هذه الأسلحة التي تقع في أيدي الأطفال على مرأى ومسمع من الجميع فبدون رقابة تباع هذه القنابل الموقوتة دون رادع، وعندما التقينا بائع أخر يدعى ط.ص أكد لنا انه لا يعرف سوى هذه المهنة وانه لن يعمل غيرها.
يذكر انه عرض لنا أنواعا محلية مختلفة تدعى القنبلة سعر الواحدة منها 2 جنيه و50 قرشا تتنوع أشكالها، مؤكدا على انه موجود منذ 3 سنوات ويدفع 40 ألف جنيه سنويا إيجارا للفرشة من احد الأشخاص الذين يمتلكون هذه الأرض، وأن قيمة البضاعة الموجودة تختلف من بائع إلى أخر حسب المكان إذا كان أول السوق أو أخره.
في الوقت الذي يرى البائع في هذه الألعاب مكسبا له يؤكد الخبراء على أن يجب وقف هذه الأسلحة نظرا لأضرارها الجسيمة النفسية والمجتمعية، فيقول جلال أبو الفتوح رئيس مصلحة الجمارك الأسبق إن هذه الألعاب نوعا من الفوضى التي يعيشها مجتمعنا الآن ويجب تنفيذ العقوبة في كل من يساهم في الإضرار بهذا الوطن، مضيفا أن هذه الألعاب النارية غير مصرح بدخولها فهي ممنوعة لأنها مخالفة.
وأوضح أن الجمارك موجودة إما بالمواني أو المطارات وبالتالي يجب تشديد الرقابة لمنع دخول هذه الألعاب، فأحيانا يأتي عدد كبير من (الكونتينر) القادم من الصين وقد يكون 10 على سبيل المثال فما يحدث انه يتم تفتيش 2 أو 3 فقط على الأكثر دون تفتيش الباقي وبالتالي يعتمد المستور على هذه الطريقة وتدخل الألعاب الممنوعة,
وأشار إلى أن المنفذ الأخر الذي قد تأتي منه هو الطريق البري وهنا يأتي دور قوات حرس الحدود لمنع دخولها عن طريق ليبيا أو السودان، مؤكدا على أن هذه الألعاب تشكل خطورة كبيرة جدا على مستخدميها والمجتمع ولسد هذه الثغرة يجب أولا تفتيش كافة الطرود القادمة من الصين نظرا لكونها المصدر الوحيد لهذا النوع من الألعاب وبالتالي نستطيع ضبط المهربين.
من جانبه أكد اللواء حاتم بهجت خبير المفرقعات أن البارود الموجود داخل الألعاب النارية يمكن استخدامه في صنع القنابل البدائية مثل التي تم استخدامها خلال الفترة القادمة في محطات مترو الأنفاق وغيرها من التفجيرات الصغيرة التي ينتج عنها موجة انفجارية بسيطة ولكن تخلف إصابات وحروق وقد ينتج عنها وفيات، فمعظم القنابل التي تم استخدامها خلال الفترة الماضية تم استخدام البارود في صنعها مثل الموجودة بالألعاب النارية وليست مواد شديدة الانفجار من TNT وغيرها.
وأشار إلى انه يجب أن تقوم الحكومة بضبط المهربين وتجفيف منابع الإرهاب، موضحا أن هذه الألعاب يتم تهريبها عبر الجمارك في كونترات البضائع ويصعب كشفها من خلال الكلاب المدربة على شم الأبخرة المتصاعدة من المادة المفجرة، ولذلك يقوم المهرب بوضعها ضمن بضائع أخرى ويتم تغليفها بشكل محكم جدا ويجب أن يتم ضبطها عبر البحث الجنائي والتحريات.
وتشير الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع إلى أن ما نعيشه الآن من قلق وتوتر تأتي هذه الألعاب لتمثل مصدر إزعاج وقلق للجميع وكان الخصوصية و الهدوء أصبحت شيئا مستحيلا، فمثل هذه الألعاب تجعل مستخدمها شخصا فوضويا وعدوانيا وليس لديه قوانين تمنعه، وبالتالي يصبح شخصا غير مسؤولا، أما عن مدى الضرر الذي تسببه لمن هم داخل منازلهم أو بالشوارع و يتعرضون لمثل هذا النوع من الإرهاب فهي تجعل المواطن يشعر بنوع من عدم الأمان والتوتر والفزع المستمر وعدم القدرة على التركيز خاصة أن اغلب هذه الألعاب صوتها يصعب تحديه عن القنابل أحيانا وبالتالي المسؤولية تخص الرقابة التي تحتاج إلى مراقبة الأسواق لمعرفة المصرح ببيعه و الممنوع والحفاظ على امن هذا الوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.