تعرف على أسعار مواد البناء اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    توريد 194 ألفا و531 طن قمح في كفر الشيخ    بدء مراسم تشييع الرئيس الإيراني ومرافقيه في تبريز    الحوثيون يعلنون إسقاط مسيرة أمريكية فوق محافظة البيضاء    رئيس الوحدة المحلية بقرية أبو غالب: الإنقاذ النهري والصيادون يواصلون البحث عن 9 ضحايا بعد سقوط ميكروباص بالنيل    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم بالدقهلية    وكيل صحة البحيرة يتفقد مصابي أطفال الحضانة بمستشفى الأطفال التخصصي بأبوحمص    لمواليد برج الحمل.. توقعات الأسبوع الأخير من مايو 2024 (تفاصيل)    الحكومة تكشف حقيقية اعتزامها بيع المستشفيات ووقف كل الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين    أسعار الحديد اليوم الثلاثاء 21-5-2024 في أسواق محافظة قنا    اليوم.. وزير التنمية المحلية يزور الغربية لتفقد بعض المشروعات التنموية والخدمية    «الخشت»: أحمد فتحي سرور ترك رصيدا علميا يبقى مرجعا ومرجعية للقانونيين    جامعة بنها تفوز بتمويل 13 مشروعا لتخرج الطلاب    روسيا تفشل في إصدار قرار أممي لوقف سباق التسلح في الفضاء    الأهلي يواصل استعداده لمواجهة الترجي بنهائي دوري أبطال أفريقيا    وزير التعليم يبحث مع نظيره بالمملكة المتحدة آليات التعاون في مدارس (IPS)    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    بسبب لهو الأطفال.. أمن الجيزة يسيطر على مشاجرة خلفت 5 مصابين في الطالبية    تفاصيل الحالة المرورية في شوارع وميادين القاهرة الكبرى اليوم (فيديو)    استقرار أسعار اللحوم اليوم الثلاثاء.. البلدي ب 380 جنيهًا    تاريخ المسرح والسينما ضمن ورش أهل مصر لأطفال المحافظات الحدودية بالإسكندرية    فيلم عالماشي يتذيل قائمة الإيرادات في شباك التذاكر    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لمنطقة أبو غليلة    خبيرة تغذية توجه نصائح للتعامل مع الطقس الحار الذي تشهده البلاد (فيديو)    حسم اللقب أم اللجوء للمواجهة الثالثة.. موعد قمة الأهلي والزمالك في نهائي دوري اليد    بشير التابعي: معين الشعباني لم يكن يتوقع الهجوم الكاسح للزمالك على نهضة بركان    لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    موعد عرض مسلسل دواعي السفر الحلقة 3    مبعوث أممي يدعو إلى استئناف المحادثات بين إسرائيل وحماس    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    وزير الصحة يوجه بسرعة الانتهاء من تطبيق الميكنة بكافة المنشآت الطبية التابعة للوزارة    رقم تاريخي لعدد أهداف موسم 2023/24 بالدوري الإنجليزي    الحالة الثالثة.. التخوف يسيطر على الزمالك من إصابة لاعبه بالصليبي    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    الجنايات تنظر محاكمة 12 متهما برشوة وزارة الري    بعد رحلة 9 سنوات.. ماذا قدم كلوب لفريق ليفربول؟    رغم انتهاء ولايته رسميًا.. الأمم المتحدة: زيلينسكي سيظل الرئيس الشرعي لأوكرانيا    قبل طرحه في السينمات.. أبطال وقصة «بنقدر ظروفك» بطولة أحمد الفيشاوي    ضياء السيد: مواجهة الأهلي والترجي صعبة.. وتجديد عقد معلول "موقف معتاد"    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    مارك فوتا يكشف أسباب تراجع أداء اللاعبين المصريين في الوقت الحالي    احذروا الإجهاد الحراري.. الصحة يقدم إرشادات مهمة للتعامل مع الموجة الحارة    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين في الإسكندرية    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    حدث بالفن| حادث عباس أبوالحسن وحالة جلال الزكي وأزمة نانسي عجرم    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    عمرو أديب عن وفاة الرئيس الإيراني في حادث الطائرة: «إهمال وغباء» (فيديو)    بدون فرن.. طريقة تحضير كيكة الطاسة    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقف الأميري
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 11 - 03 - 2014

إن مصدر كلمة ثقافة في العربية هو من الفعل الثلاثي ثقف، ثقف الشيء ثقفاً وثقافة وثقوفة ومعناها حذقه وثقف الرجل، أي انه رجل حاذق أو صار حاذقاً أو ماهراً. ويقال ثقف الشيء بمعنى تعلمه بسرعة والثقاف ما تسوى بها الرماح. وتثقيف الرماح معناها تسويتها أو صقلها.
لم يكن الحراك بعيداً عن النخب وإنما عملية فرزٍ حقيقية بين مثقفي السلطة والمثقفين العضويين بحسب تصنيف جرامشي للمثقف. فمثلاً نرى سقوطاً مدوياً حقيقي لكتابٍ ومثقفين وإعلاميين، طالما تطرقوا بشكلٍ نظري فقط لفكرة المثقف والسلطة والعلاقة الجدلية بينهما، سرعان ما سقط هؤلاء المُنظِرين بوحل السلطة والاصطفاف إلى جانبها، وظهرت مفارقة غريبة من نوعها، حيث ما شهدته الثورة المصرية واليمنية وغيرها كان انقساماً بين مثقفين يمنيين أو مصريين مع وضدّ السلطة والحق أنه من الظلم للمثقف إهمال محاولات السلطة لاحتوائه، وإدماجه داخل جهازها الحكمي، وأن يتحول إلى مجرد حاشية أو بطانة أو بوق دعاية أو أداة تسلط. باختصار يتحول إلى خصم مناوئ للجماعة، وليس جزءًا منها، ومتفاعلاً معها... هذه الثقافة الناتجة عن فلسفة وأسلوب فاسد من التفكير لأنه غير أخلاقي بحجة ضرورة أن يتم التعامل معهم بطريقة مختلفة لأنهم ممثلي نخبة شعب الله المختار وهذه الطريقة من التفكير بالضرورة تؤدي إلى تقزيم بقية خلق الله، لأنّه يجب أن يكون لهم هيبة ويجب المحافظة عليها على حساب الآخرين؟!!!
وهذه الطريقة من التفكير بالذات هي ما قامت ضده انتفاضات أدوات العولمة لأنها أساس كل المفاسد والظلم والاستبداد والاستعباد..
يرى جان بول سارتر إن "المثقف إنسان يتدخل ويدس انفه فيما لا يعنيه". أما العالم الإيطالي غرامشي فهو الرائد في هذا حيث يميز بين نوعين من المثقف وهما: المثقف العضوي والمثقف التقليدي، ويعني بالمثقف العضوي: "هو المثقف الذي يعمل على إنجاح المشروع السياسي والمجتمعي الخاص بالكتلة التاريخية المشكلة من الفلاحين (الجنوب الإيطالي) والعمال (الشمال الإيطالي)، وعني بالمثقف التقليدي" هو المثقف الذي يوظف أدواته الثقافية للعمل على استمرار هيمنة الكتلة التاريخية السائدة المشكلة من الإقطاع والبرجوازية والفئة العليا الاكليروس".ويضيف غرامشي موضحا بتساؤل "هل يشكل المثقفون فئة اجتماعية متجانسة ومستقلة؟" ويجيب عليه "إن المثقف لا يشكل انعكاسا للطبقة الاجتماعية وإنما هو يؤدي وظيفة إيجابية في تحقيق رؤيتها (تصورها) للعالم بشكل متجانس".
الصوت الوحيد الذي يستطيع أن يسمعه الخطاب السلطوي هو صوت القوة، وعندما يسمع هذا الصوت في النهاية، فإن صوت السلطة يلوذ بالصمت، قد تفلح السلطة في السيطرة على المثقف بالترغيب والترهيب، الذي قد يصل إلى حد التصفية الجسدية، وعلى المثقف أن يصمد وأن يناضل. أذكرك بمقولة غاندي "أفضل للإنسان أن يناضل بدلاً من أن يخاف".
في ضوء ذلك يحدد غرامشي دور المثقف ومسئوليته تجاه الطبقة الاجتماعية التي ينتمي لها، وممكن تصور هذا الدور على انه لسان حال هذه الطبقة والناطق باسمها وصداها الإعلامي الداعي لأفكارها والناشر لمبادئها، إي انه منتمى لطبقة.
والمثقف في مفهوم ماكس فيبر، هو المفكر المتميز والمسلح بالبصيرة. وفي مفهوم بارسونز، هو المفكر المتخصص في أمور الثقافة والفكر المجدد البعيد عن أمور الحياة. وبمفهوم الأفغاني هو المتعلم". من جملة التعريفات السابقة عن مفهوم المثقف، يتضح إن المثقف هو إنسان امتاز عن بقية أبناء مجتمعه بقابلية على التفكير وإدراك التحديات التي تواجه محيطه الاجتماعي وبخزين معرفي متمايز أيضا، وباتخاذه لمواقف محددة في قضايا حساسة وحاسمة. وليس شرطا أن يكون قد حاز على درجة رفيعة من التعليم، أي ليس شرطا أن يكون التعليم هو مصدر أو مشروعية المثقف.
عن خطورة دور المثقف يتحدث الفيلسوف غرامشي عن المثقفين الإيطاليين عام 1919 فيقول " لم يعد بالإمكان أن يتمحور نسق حياة المثقف الجديد حول الفصاحة والإثارة السطحية والآنية للمشاعر والأهواء. بل صار لزاما عليه أن يشارك مباشرة في الحياة العملية كبان ومنظم مقنع دائما، لأنه ليس مجرد فارس منابر. بات لزاما عليه أن يتغلب على التفكير الحسابي المجرد، فينتقل من (التقنية – العمل) إلى (التقنية – العلم)، والى النظرة التاريخية الإنسانية، وألا يبقى اختصاصيا دون أن يصبح – قائدا- أي رجل سياسة بالإضافة إلى كونه اختصاصيا" بالتأكيد لن يكون جيش المثقفين كلهم قادة أو سياسيون، لكن بالضرورة أن يعي المثقف دوره في مسيرة المجتمع، وان يثقف أبناء المجتمع في معظم أمور حياتهم. المثقف إذن هو منتج للإبداع وذو موقف.
إن التحدي الأساسي أمام المثقف العربي في اللحظة الراهنة هو أن يرتفع فوق ذاته وفوق الموقف الحالي, الذي يتسم باختلاط الأوراق, والخاص بمجتمعه الغافل والمبلبل فكرياً. للوصول إلى المثقف الحقيقي, الذي هو من نوع وطراز "ديمقرايطس"(القرن الخامس, ق.م) الذي يعتبر مؤسساً للفلسفة المادية, حين قال: إنه يفضل الظفر بفكرة تتقدم بها الحياة على أن يظفر بملك فارس خاصة أن المثقف - برأي هادي العلوي - وحده القادر على إحداث التوازن بين البشري والمعرفي. وهو في هذه الحال مبدع وليس بمثقف "فما أكثر المثقفين, وما أندر المفكرين, خصوصاً في العالم العربي حيث غاب المفكر لصالح المثقف"..
كاتب المقال دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
للتواصل مع الباب ..
[email protected]
إن مصدر كلمة ثقافة في العربية هو من الفعل الثلاثي ثقف، ثقف الشيء ثقفاً وثقافة وثقوفة ومعناها حذقه وثقف الرجل، أي انه رجل حاذق أو صار حاذقاً أو ماهراً. ويقال ثقف الشيء بمعنى تعلمه بسرعة والثقاف ما تسوى بها الرماح. وتثقيف الرماح معناها تسويتها أو صقلها.
لم يكن الحراك بعيداً عن النخب وإنما عملية فرزٍ حقيقية بين مثقفي السلطة والمثقفين العضويين بحسب تصنيف جرامشي للمثقف. فمثلاً نرى سقوطاً مدوياً حقيقي لكتابٍ ومثقفين وإعلاميين، طالما تطرقوا بشكلٍ نظري فقط لفكرة المثقف والسلطة والعلاقة الجدلية بينهما، سرعان ما سقط هؤلاء المُنظِرين بوحل السلطة والاصطفاف إلى جانبها، وظهرت مفارقة غريبة من نوعها، حيث ما شهدته الثورة المصرية واليمنية وغيرها كان انقساماً بين مثقفين يمنيين أو مصريين مع وضدّ السلطة والحق أنه من الظلم للمثقف إهمال محاولات السلطة لاحتوائه، وإدماجه داخل جهازها الحكمي، وأن يتحول إلى مجرد حاشية أو بطانة أو بوق دعاية أو أداة تسلط. باختصار يتحول إلى خصم مناوئ للجماعة، وليس جزءًا منها، ومتفاعلاً معها... هذه الثقافة الناتجة عن فلسفة وأسلوب فاسد من التفكير لأنه غير أخلاقي بحجة ضرورة أن يتم التعامل معهم بطريقة مختلفة لأنهم ممثلي نخبة شعب الله المختار وهذه الطريقة من التفكير بالضرورة تؤدي إلى تقزيم بقية خلق الله، لأنّه يجب أن يكون لهم هيبة ويجب المحافظة عليها على حساب الآخرين؟!!!
وهذه الطريقة من التفكير بالذات هي ما قامت ضده انتفاضات أدوات العولمة لأنها أساس كل المفاسد والظلم والاستبداد والاستعباد..
يرى جان بول سارتر إن "المثقف إنسان يتدخل ويدس انفه فيما لا يعنيه". أما العالم الإيطالي غرامشي فهو الرائد في هذا حيث يميز بين نوعين من المثقف وهما: المثقف العضوي والمثقف التقليدي، ويعني بالمثقف العضوي: "هو المثقف الذي يعمل على إنجاح المشروع السياسي والمجتمعي الخاص بالكتلة التاريخية المشكلة من الفلاحين (الجنوب الإيطالي) والعمال (الشمال الإيطالي)، وعني بالمثقف التقليدي" هو المثقف الذي يوظف أدواته الثقافية للعمل على استمرار هيمنة الكتلة التاريخية السائدة المشكلة من الإقطاع والبرجوازية والفئة العليا الاكليروس".ويضيف غرامشي موضحا بتساؤل "هل يشكل المثقفون فئة اجتماعية متجانسة ومستقلة؟" ويجيب عليه "إن المثقف لا يشكل انعكاسا للطبقة الاجتماعية وإنما هو يؤدي وظيفة إيجابية في تحقيق رؤيتها (تصورها) للعالم بشكل متجانس".
الصوت الوحيد الذي يستطيع أن يسمعه الخطاب السلطوي هو صوت القوة، وعندما يسمع هذا الصوت في النهاية، فإن صوت السلطة يلوذ بالصمت، قد تفلح السلطة في السيطرة على المثقف بالترغيب والترهيب، الذي قد يصل إلى حد التصفية الجسدية، وعلى المثقف أن يصمد وأن يناضل. أذكرك بمقولة غاندي "أفضل للإنسان أن يناضل بدلاً من أن يخاف".
في ضوء ذلك يحدد غرامشي دور المثقف ومسئوليته تجاه الطبقة الاجتماعية التي ينتمي لها، وممكن تصور هذا الدور على انه لسان حال هذه الطبقة والناطق باسمها وصداها الإعلامي الداعي لأفكارها والناشر لمبادئها، إي انه منتمى لطبقة.
والمثقف في مفهوم ماكس فيبر، هو المفكر المتميز والمسلح بالبصيرة. وفي مفهوم بارسونز، هو المفكر المتخصص في أمور الثقافة والفكر المجدد البعيد عن أمور الحياة. وبمفهوم الأفغاني هو المتعلم". من جملة التعريفات السابقة عن مفهوم المثقف، يتضح إن المثقف هو إنسان امتاز عن بقية أبناء مجتمعه بقابلية على التفكير وإدراك التحديات التي تواجه محيطه الاجتماعي وبخزين معرفي متمايز أيضا، وباتخاذه لمواقف محددة في قضايا حساسة وحاسمة. وليس شرطا أن يكون قد حاز على درجة رفيعة من التعليم، أي ليس شرطا أن يكون التعليم هو مصدر أو مشروعية المثقف.
عن خطورة دور المثقف يتحدث الفيلسوف غرامشي عن المثقفين الإيطاليين عام 1919 فيقول " لم يعد بالإمكان أن يتمحور نسق حياة المثقف الجديد حول الفصاحة والإثارة السطحية والآنية للمشاعر والأهواء. بل صار لزاما عليه أن يشارك مباشرة في الحياة العملية كبان ومنظم مقنع دائما، لأنه ليس مجرد فارس منابر. بات لزاما عليه أن يتغلب على التفكير الحسابي المجرد، فينتقل من (التقنية – العمل) إلى (التقنية – العلم)، والى النظرة التاريخية الإنسانية، وألا يبقى اختصاصيا دون أن يصبح – قائدا- أي رجل سياسة بالإضافة إلى كونه اختصاصيا" بالتأكيد لن يكون جيش المثقفين كلهم قادة أو سياسيون، لكن بالضرورة أن يعي المثقف دوره في مسيرة المجتمع، وان يثقف أبناء المجتمع في معظم أمور حياتهم. المثقف إذن هو منتج للإبداع وذو موقف.
إن التحدي الأساسي أمام المثقف العربي في اللحظة الراهنة هو أن يرتفع فوق ذاته وفوق الموقف الحالي, الذي يتسم باختلاط الأوراق, والخاص بمجتمعه الغافل والمبلبل فكرياً. للوصول إلى المثقف الحقيقي, الذي هو من نوع وطراز "ديمقرايطس"(القرن الخامس, ق.م) الذي يعتبر مؤسساً للفلسفة المادية, حين قال: إنه يفضل الظفر بفكرة تتقدم بها الحياة على أن يظفر بملك فارس خاصة أن المثقف - برأي هادي العلوي - وحده القادر على إحداث التوازن بين البشري والمعرفي. وهو في هذه الحال مبدع وليس بمثقف "فما أكثر المثقفين, وما أندر المفكرين, خصوصاً في العالم العربي حيث غاب المفكر لصالح المثقف"..
كاتب المقال دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
للتواصل مع الباب ..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.