التحرش الجنسي.. ارتفاع معدلات ختان الإناث.. زيادة العنف وصعود التيار الديني بعد انتفاضات الربيع العربي.. كلها عوامل جعلت من مصر أسوأ مكان بالعالم العربي يمكن أن تعيش فيه المرأة. هذا ما توصلت إليه دراسة أجرتها مؤسسة "تومسون رويترز" ، واستعانت فيها بخبراء متخصصين في مجال قضايا المرأة. أظهرت أيضا الدراسة التي نشرت نتائجها، الثلاثاء 12 نوفمبر، أن القوانين التي تميز بين الجنسين وزيادة معدلات الاتجار بالنساء ساهمت أيضا في إنزال مصر إلي قاع قائمة تضم 22 دولة عربية. قال الخبراء إنه برغم الآمال في أن تكون المرأة من أكبر المستفيدين من الربيع العربي، إلا أنها كانت من أكبر الخاسرين بعد اندلاع الصراعات وانعدام الاستقرار وموجات النزوح ، وظهور جماعات إسلامية في أجزاء كثيرة بالمنطقة. وقالت الصحفية المصرية منى الطحاوي، "أزحنا الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك من قصر الرئاسة، لكن مازال علينا أن نزيح مبارك الذي يعيش في عقولنا وبيوتنا." وأضافت "نحن النسوة كما يظهر من خلال نتائج الاستطلاع المأساوية، بحاجة إلى ثورة مزدوجة، ثورة على المستبدين الذين حكموا بلداننا وأخرى على المزيج السام المكون من الموروث الثقافي والدين والذي يدمر حياتنا." في المرتبة الثانية كأسوأ بلد عربي يمكن أن تعيش به المرأة يجيء العراق تليه السعودية ثم سوريا ثم اليمن، أما في صدارة أفضل الدول فتبرز جزر القمر، حيث تشغل المرأة 20 في المائة من المناصب الوزارية وتحتفظ الزوجة عادة بالأرض أو المنزل في حالة الطلاق. الاستطلاع الذي أجرته الذراع المعنية بالعمل الخيري في تومسون رويترز ، شمل 336 خبيرا في مجال قضايا المرأة وأجري خلال شهري أغسطس ، وسبتمبر، في دول الجامعة العربية الإحدى والعشرين وسوريا ، التي علقت عضويتها عام 2011. واستندت الأسئلة المطروحة على بنود اتفاقية الأممالمتحدة للقضاء ، على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي وقعت أو صدقت عليها 19 دولة عربية. وشمل الاستطلاع تقييما للعنف ضد المرأة وللحقوق الإنجابية ومعاملة المرأة داخل الأسرة واندماجها في المجتمع والمواقف تجاه دور المرأة في السياسة والاقتصاد. وطلب من الخبراء الرد على بيانات وتصنيف أهمية العوامل التي تؤثر في حقوق المرأة من خلال ست زوايا مختلفة. وتم تحويل الردود إلى درجات للوصول إلى تصنيف عام. وفيما يتعلق بالتحرش الجنسي، كان أداء مصر سيئا في جميع هذه الزوايا تقريبا ، لعبت النساء دورا محوريا في الثورة لكن نشطاء يقولون إن تأثير الإسلاميين المتزايد ، والذي بلغ أوجه بانتخاب محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين رئيسا ، كان انتكاسة كبرى لحقوق المرأة. ويقول الخبراء إنه رغم أن الجيش عزل مرسي في يوليو، إثر احتجاجات حاشدة على حكمه، فإن الآمال في نيل حريات أكبر ضعفت مع المخاطر التي تواجهها المرأة في الشارع يوميا. وأشار تقرير أصدرته الأممالمتحدة في أبريل إلى أن 99.3 في المائة من السيدات والفتيات، يتعرضن للتحرش في مصر. ويقول بعض المحللين إن هذا يعكس ارتفاعا عاما في مستوى العنف في المجتمع المصري في السنوات الأخيرة. وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن 91 امرأة تعرضن إما للاغتصاب أو للاعتداء الجنسي علانية في ميدان التحرير في يونيو ، حين اشتدت الاحتجاجات المناهضة لمرسي. وقالت نورا فلنكمان المديرة بوحدة التسويق والاتصال بجماعة "خريطة التحرش " ، التي تعمل في مجال مكافحة التحرش الجنسي، "إن التقبل الاجتماعي لحالات التحرش التي تحدث يوميا يؤثر على كل امرأة في مصر بغض النظر عن سنها أو عملها أو مستواها المعيشي والاقتصادي أو حالتها الاجتماعية أو ملابسها أو سلوكها." وأضافت "هذا يحد من مشاركة المرأة في الحياة العامة، ويؤثر على شعورها بالأمن والأمان وإحساسها بأن لها قيمة كما يؤثر على ثقتها بالنفس وعلى حالتها الصحية." وتحدث أيضا المشاركون في الاستطلاع عن ارتفاع معدلات الإكراه على الزواج والاتجار بالنساء. وأكدت زهرة رضوان مسئولة برنامج الصندوق العالمي للمرأة ، وهو جماعة حقوقية مقرها الولاياتالمتحدة، لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، "هناك قرى بأكملها على مشارف القاهرة، وفي أماكن أخرى يقوم معظم النشاط الاقتصادي فيها على الاتجار بالنساء وإكراههن على الزواج." وتفيد بيانات صندوق الأممالمتحدة للطفولة "يونيسيف"، بأن ختان الإناث ظاهرة متفشية في مصر حيث تعرضت له 91 في المائة من الفتيات، والسيدات أي 27.2 مليون أنثى، ولا يتجاوز مصر في هذه النسبة سوى جيبوتي حيث خضعت 93 في المائة من الفتيات والسيدات للختان. ووجد الاستطلاع أن جزر القمر، تسير في طليعة الدول العربية من حيث حقوق المرأة. فالمرأة في جزر القمر لا تعاني ضغوطا لإنجاب الذكور دون الإناث، كما أن تنظيم الأسرة مقبول على نطاق واسع وتدعمه حملات توعية تديرها الدولة في حين تحصل النساء عادة على أملاك لدى الطلاق أو الانفصال.