صدرت هذه الرواية للأديب الصحفي الشاب خليل السيد منذ عدة شهور، بدأت قراءتها مستمتعا فرحا بموهبة أصيلة لم أسمع لظهورها أي صدي في حدود ما قرأت، ثم أخذتني الظروف مرغما، وأخيرا عدت إليها. الرواية تدور حول صحافة العالم السفلي. أو صحافة بير السلم، الموضوع هو هؤلاء الشباب الذين يعملون في مكاتب الصحف العربية بحثا عن الرزق، ونري منهم نماذج عديدة مرسومة بمهارة ونقرأ تفاصيل دقيقة في سياق شبكة من الحكي المتقن التلقائي يولد بعضه بعضا مما يكشف موهبة روائية متدفقة، إلي جيل السبعينيات جيل اليأس والرجاء، لكل أبناء المحروسة الغالية، كنانة الله في أرضه، إلي شباب مصر العظيم وقود الحضارة، الاهداء يعكس الاطار الذي تدور فيه أحداث الرواية، ورغم ان العمل لا يشير إلي ثورة من الثورتين فالأحداث تجري قبلهما ولكن المناخ القائم يوحي بأحداث جسام من خلال الصحافة، وسوف أورد فقرات تعطينا فكرة عن طبيعة السرد. «ولسوء الحظ لم تستمر جريدة »القاهرة الآن» كثيرا وخسر اللواء الشيخ مبالغ طائلة لاسيما وانه بعد انتهاء خدمته بالشرطة شرع في إقامة تلك الجريدة وقتها حزن »محب« حزنا شديدا لأنه لم يمض علي التحاقه بالعمل سوي شهرين فقط لم يتقاض خلالها أية أموال بعد، ولكنه بحق كان مغرما ومعجبا ومحبا للواء الشيخ والذي وللحق لم يكن يتعامل مع محب بنفس الحب والعاطفة«. وفي موضع آخر: »ولم يكتف رب الأسرة الصحفية لجريدة الفارس من فرض نفسه علي صفحات جريدته العائلية حتي انه سعي لأن يصبح هو الآخر مقدم برامج علي إحدي القنوات الفضائية علي أساس انه يمتلك وجها صبوحا ومشربا بالأمل، ويحمل في كلماته ضمير المصري المخلص والذي يسعي إلي اصلاح ما أفسده الدهر من بشر لا هم لهم ولا غاية إلا جمع المال«.. »لذلك لم يستمر طويلا صاحبنا أبو بشرة سورة في الأطلال علي المشاهدين كثيرا وكفي الله المؤمنين شر النفاق، حتي أصدر المسئول الكبير التابع لزعيم الزعماء قراره بغلق القناة الفضائية المشهورة باسم اللحظة، وهذا ما حدث مع شقيقه الأوسط عندما فرضه الحنجوري كمراسل..«. يمكن أحيانا من الوصف الدقيق المباشر تحديد أسماء بعينها في الوسط وفي رأيي ان الكاتب لا يحتاج إلي ذلك فلديه من موهبة الحكي والقص والتقاط التفاصيل ما يؤدي إلي خلق عالم متكامل، كما نجد في هذه الرواية الجميلة. »رحلة صعلوك« 003 صفحة، تأليف خليل السيد، طبعت علي نفقة المؤلف.