"أنتظر الثورة الثانية، أو الجولة الثانية من الثورة، التي ستحدث بشكل أو بآخر، رغم أني لا أعلم متي وكيف ستنطلق"، تلك هي كلمات الروائي الكبير صنع الله إبراهيم الذي تنبأ بالموجة الثانية من ثورة 25 يناير في وقت مكبر من حكم الرئيس المعزول محمد مرسي. رفض صنع الله إبراهيم أن يكون موقفة إزاء ثورة 30 يونيو رماديا، فهو يرفض الحلول الوسط والإجابات البعيدة عن الواقع فبادر بتأييد موقف القوات المسلحة واستجابتها لجموع الشعب المصري. فإذا كان هناك تصنيف لغايات الكتابة الروائية، فإن الروائي صنع الله إبراهيم سيحتل الصدارة، فيما يتعلق بالرواية السياسية، إذ لا تخلو رواياته من اشتباكات وإسقاطات سياسية بلغة شديدة الحدة.. ولعل هذا كان سبباً أساسياً في دخوله المعتقل، الذي دون فيه مذكراته علي ورق "البفرة". ولأنه يعيش دور الشاهد علي المجتمع المصري وتحولاته الثقافية والاجتماعية منذ خمسينيات القرن الماضي، فإن تعليقاته علي أحوال مصر الآن تكتسب أهمية خاصة، وهو نفسه يري أن هناك تشابهات كبيرة بين ما حدث في منتصف القرن الماضي وما يحدث في مصر الآن. لم يكن موقف "صنع الله" من جماعة الإخوان المسلمين ورفضه لاستبدادهم السياسي، وتخبطهم في الحكم الأمر الذي أدي بهم إلي مخاصمة جموع الشعب جديدياً عليه، فكان صنع الله إبراهيم من الكتّاب الذين وجّهوا لنظام مبارك صفعة هائلة لم يجرؤ عليها الكثيرون، فقد كانت مواقف صنع الله إبراهيم قوية. في عام 2003 سجل صنع الله إبراهيم موقفا رافضا لنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك في الاحتفال الذي أراد له رجال النظام أن يكون احتفالا بدخول الرجل الصعب إلى "الحظيرة" الثقافية التي افتتحوها للمثقفين، من خلال منحه أكبر جائزة مصرية للرواية العربية "مائة ألف جنيه" برعاية فاروق حسني -وزير الثقافة- وجابر عصفور -الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة- وأعضاء لجنة التحكيم. ويعد الكاتب المصري صنع الله إبراهيم من أبرز الكتاب العرب المعارضين لإسرائيل والولايات المتحدة، وكان قد أنجز مؤخرًا رواية "أعراض أمريكية"، وغالبا ما يتم تقديمه كخليفة للكاتب الكبير نجيب محفوظ. سُجن أكثر من خمس سنوات من 1959 إلى 1964 وذلك في سياق حملة شنّها جمال عبد الناصر ضدّ اليسار. ويعد صنع الله إبراهيم أحد أكبر الروائيين المصريين الذين يتمكنون من السرد والحكي، وتتميز أعماله الأدبية بصلتها الوثيقة والتشابك مع سيرته من جهة، ومع تاريخ مصر السياسي من جهة أخرى. من أشهر رواياته "اللجنة" التي نشرت عام 1981، وهي هجاء ساخر لسياسة الانفتاح التي أنتُهجت في عهد السادات. كما صوّر أيضًا الحرب الأهلية اللبنانية في روايته "بيروت بيروت" الصادرة سنة 1984، بالإضافة إلى سيرته الذاتية مذكرات سجن الواحات. وقد اختيرت روايته شرف كثالث أفضل رواية عربية حسب تصنيف اتحاد الكتاب العرب، كما حصل صنع الله إبراهيم على جائزة ابن رشد للفكر الحر عام 2004. من أهم روايته "وردة " وهي رواية رائعة تحكي عن الثورات العربية الاشتراكية وبالأخص عن محاولة جمهرة السلطنة العمانية في حقبة الستينات عن طريق مجموعة من الثوار المصريين واليمنيين واللبنايين وقد لاقت الرواية قبولا في الأوساط الثقافية المصرية واللبنانية والخليجية.