دعَم سقوط الإخوان المسلمين في مصر وضع الرئيس السوري بشار الأسد الذي يري فيه علامة على تراجع وضع الإسلاميين بمن فيهم قادة حركة التمرد على حكمه التي يخوضها مقاتلون من السنة. ومع إطاحة الجيش المصري بالرئيس الإسلامي محمد مرسي وازدياد ثقة الأسد بنفسه بعد ما أحرزته قواته من نجاح عسكري في الآونة الأخيرة، قال الرئيس السوري إن ما يحدث في مصر هو سقوط ما يعرف بإسم الإسلام السياسي. وأضاف أنه بعد عام كامل أصبح الواقع جليا للشعب المصري وأن أداء الإخوان المسلمين كشف للشعب الأكاذيب التي استخدمتها الجماعة في بداية الانتفاضة المصرية عام 2011. وكاد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد أن يقضي على الجناح السوري للإخوان المسلمين، وأصبحت عضوية الجماعة جريمة عقوبتها الإعدام عام 1980 وكان الرد في غاية القسوة على تمرد إسلامي عام 1982 وبدا أنه أدى إلى نهاية الحركة الإسلامية كقوة سياسية في سوريا. لكن العامين الأخيرين شهدا تحولا جذريا، فالإخوان المسلمون لهم نفوذ كبير في المعارضة السورية في المنفى لأسباب على رأسها قدرة الجماعة على توجيه الأموال والسلاح من دول من بينها قطر وتركيا، وجذور العداوة بين حزب البعث الحاكم في سوريا والإخوان عقائدية. فحزب البعث علماني قومي تتزعمه الأقلية الشيعية العلوية التي يرى الإخوان وغيرهم من المسلمين السنة المحافظين إنها خارجة على الملة. أما جماعة الإخوان فتعتبر أن القومية مفهوم مناهض للإسلام وأن الدين لا ينفصل عن السياسة والحكم. وربما تؤدي نهاية حكم الاخوان في مصر والمعارضة الشديدة في السعودية للاسلام السياسي الذي تمثله الجماعة إلى تغيير المعادلة الاقليمية، وزادت الانتصارات الأخيرة في ساحة القتال من ثقة الأسد بنفسه. وقال رئيس مركز الشرق الأوسط بكلية الاقتصاد في جامعة لندن فواز جرجس، "ما يقوله الاسد في الأساس هو أن الاسلاميين الان يتراجعون وان الجيش هو الذي يهاجم." ويعني سقوط الاخوان في مصر التي تأسست فيها الجماعة عام 1928 انهيار الحجج التي يبني عليها الاسلاميون مواقفهم. وقال جرجس إن الأسد "يقول إذا سقطت المنظمة الأم فلن يكون للاخوان في سوريا مستقبل." كذلك يتراجع موقف الدول الراعية لهم مثل قطر. إلا أن أيا من هذا لا يشير إلى تغيير حاسم في ميزان القوى على الارض في سوريا حيث لا توجد بادرة على أن بوسع الاسد استعادة السيطرة على بلده المفتت حتى بالدعم الذي يلقاه من ايران الشيعية وحزب الله اللبناني. وتسيطر الحكومة على العاصمة دمشق ومدن أخرى بينما يسيطر مقاتلو المعارضة على مناطق إلى الشمال والشرق من مدينة حلب وإلى الجنوب من وسط البلاد بين إدلب وحماة، ولا تزال حلب مقسمة. وبعد تحقيق مكاسب عسكرية في البداية أصبح المقاتلون يعانون من نقص السلاح الضروري للتصدي لمدرعات الاسد وطائراته الحربية. ويقول جرجس إن الأسد ليس قادرا على انتزاع نصر كامل بتوجيه ضربة قاصمة للمقاتلين السنة لكنه يرى أنه يحقق مكاسب لانه ظل صامدا على مدى عامين ونصف العام. لكن على الأسد التعامل مع واقع غير مريح على جبهتين الأولى هي أن الدعم الخارجي لمقاتلي المعارضة مازال مستمرا والثانية أن المقاتلين الاسلاميين في صفوفهم سيشددون على الارجح مواقفهم بعد أحداث مصر التي اعتبروها انقلابا عسكريا على مرسي. وشكك مراقبون مثل طارق عثمان خبير شؤون الاقتصاد السياسي في مصر أن يبدأ الدعم الذي يلقاه مقاتلو المعارضة في الزوال لأن رغبة دول الخليج والغرب في استمرار التصدي لإيران حليف الأسد تفوق بكثير استياءها من الإخوان. وقال عثمان "بالنسبة لكل الأطراف الإقليمية الرئيسية محاربة النفوذ الإيراني في شرق المتوسط له أولوية وأهمية أكبر من مواقفها فيما يتعلق بالإسلام السياسي." وأشار أيضا إلى نبرة تحد بين الاسلاميين العرب بسبب الطريقة التي عزل بها مرسي من منصبه رغم وصوله للحكم عبر صندوق الانتخابات. وأضاف أن ذلك سيؤدي الى تشديد مواقف الاسلاميين في سوريا وغيرها من الدول العربية التي تواجه مراحل انتقالية صعبة. وقال "بالنسبة للجماعات الجهادية التي تقاتل نظام الاسد في سوريا قد يعني هذا التحدي مزيدا من الشراسة في ظل احساس بأن قضيتهم تتعرض للهجوم." ويمكن رؤية تشدد الإسلاميين في مواقفهم في الأحاديث المتبادلة على الانترنت حيث يرى البعض أن تحرك الجيش المصري لعزل مرسي "مؤامرة ضد الإسلام". وقال إسلامي يدعى أبو عمر في اقليم ادلب بشمال سوريا "الجيش عدو الإسلام وهذه حقيقة، جيوش العالم العربي قامت على رفض الإسلام، ولهذا رأينا الجيش هنا يقتل المسلمين والشيء نفسه في مصر، إنه يكشف عن وجهه الحقيقي".