ألقت الحالة السياسية المصرية انعكاساتها علي المشهد الليبي من خلال دعوات ل"التمرد" في الشوارع أطلقها نشطاء ليبيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وتخوف الحزبان الرئيسيان في ليبيا اللذان يهيمنان على المؤتمر الوطني العام من انتقال عدوى التمرد من مصر إلى ليبيا وباشرا التحرك لكي لا يكونا هدفا للمحتجين الليبيين. وسارعت كبرى التكتلات السياسية في ليبيا عبر بيانات سياسية لتحديد موقفها مما يدور من حراك، وذلك من خلال تعليق تكتل تحالف القوى الوطنية عمل نوابه جزئيا في البرلمان، وإعلان حزب العدالة والبناء استقلال أعضائه في المؤتمر والحكومة المؤقتة لحين كتابة دستور دائم للبلد. واجتمع أكثر من ممثل ل 50 قبيلة ليبية في بلدة الزنتان "180 كلم جنوبطرابلس" بالإضافة إلى نشطاء المجتمع المدني السبت من أجل "تحقيق أهداف ثورة 17 فبراير وبناء دولة الدستور"، فيما حذر مفتي الديار الليبية الشيخ الصادق الغرياني من مغبة الجنوح للنزعة القبلية واصفا إياها ب"الجاهلية". وأعلن تحالف القوى الوطنية الخميس الماضي خلال مؤتمر صحفي في العاصمة طرابلس عن "انسحاب كتلته النيابية من جلسات المؤتمر الوطني عدا الجلسات التي تناقش قانون انتخابات الهيئة التأسيسية لصياغة دستور ليبيا المقبل". وفيما اعتبر أن "قناعته تختلف عن ذلك تماما كون التعددية الحزبية ضمن أساسيات الديمقراطية"، قال صوان إن المبادرة "جاءت لسبب أن معظم الناس لايرون بوجود الأحزاب قبل إعداد دستور دائم للبلد". وتابع "الكثير يضع الأحزاب في خانة الشماعة التي تعلق عليها كافة الأخطاء"، لافتا إلى "بعض الأصوات التي بدأت تتحدث عن تصحيح مسار المؤتمر الوطني العام والحكومة المؤقتة وارتفاع وتيرة انتقادات التنظيمات الحزبية". وفيما اعتبرت الخطوة التي أقدم عليها تحالف القوى الوطنية وحزب العدالة والبناء أنها تأتي في إطار دعوات ال"تمرد" التي حدد لها موعد الأحد 7 يوليو على غرار التمرد الذي عزل على إثره الجيش المصري الرئيس محمد مرسي، قال صوان "نحن لسنا في منأى عن العالم والبعد الحراك المصري ينعكس بطبيعة الحال على المشهد الليبي". لكن توفيق الشهيبي اعتبر أن خطوة العدالة والبناء "مخالفة لقرار تحالف القوى الوطنية الذي يقضي بتعليق جزئي لأعضائه في البرلمان"، لافتا إلى أن هذا القرار "اتخذ قبل أشهر وأبلغت به رئاسة المؤتمر الوطني العام وإن تم التأكيد على إعلانه في وقت متأخر اعتبر متزامنا مع أحداث مصر لكن ليس له علاقة بالوضع فيها". وقال الشهيبي لفرانس برس إن "التعليق الجزئي لعمل كتلته داخل المؤتمر يأتي بسبب الاستحقاق الدستوري" معتبرا أن المؤتمر الوطني العام "يتم التحكم في قراراته من أطراف مسلحة وأن عمله لا يرضي الناخبين". وتابع "أنا شخصيا مع الانسحاب من المؤتمر لا تعليق العضوية فيه لكونه يقر قوانينا بعيدة كل البعد عن الواقع الليبي وأضاع الوقت في مناقشة قضايا ثانوية وانصرف عن أهدافه الرئيسة " ، مؤكدا أن "كتلة العدالة والبناء داخل المؤتمر ستظل هي الكتلة بتوجهاتها على الرقم من تجميد عمل الحزب تحسبا لأي حراك". وتتشارك ليبيا ومصر في عدد من الملفات، وتتشابك خيوط اللعبة السياسية بين البلدين الجارين في الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية والأبعاد الإستراتيجية، فضلا عن تأثر ليبيا المباشر بما يجري في مصر والعكس خصوصا بعد ما عرف ببلدان الربيع العربي. لكن مفتي الديار الليبية الشيخ الصادق الغرياني دعا إلى "التمسك بشرعية المؤتمر الوطني العام والالتفاف حوله". وانتقد الدعوات الى الاقتداء بما حصل في مصر معتبرا في بيان حصلت فرانس برس عليه ان " "فلول النظام في مصر لبسوا لباس المعارضة، يمنون الفقراء البسطاء الباحثين عن لقمة العيش بالرفاهية والنعيم الدائمِ، ويوهمونهم أن الحكومةَ القائمة هي سبب فقرهم، وكأنهم ما أن يسقطوها حتى يختفي الفقر من حياتهم". وتابع " في ليبيا، التحريض له وجه آخر، يعتمد القَبلية والجهوية والتحالفات، وأموال تضَخ من أعوان النظامِ السابقِ، ومصالح متقاطعةٌ مع من شملهم العزل السياسي، حول أحلامهم في استرداد نفوذهم إلى سراب، وإعلام جاهز للدور، مع انتشار السلاح والمتاجرة فيه". وتشكل المؤتمر الوطني العام بعد أول انتخابات حرة تشهدها ليبيا منذ نحو 50 عامًا ومدته 18 شهرًا ليقود البلاد إلى الانتخابات بمجرد تحديده شكل النظام السياسي الجديد للبلاد، ومن المرجح أن يمدد المؤتمر ولايته نظرًا لأن البلاد ما زالت بعيدة عن إجراء انتخابات.