"حسبي الله ونعم الوكيل.. قتلوا ابني الوحيد..رموه من على السطح..آه يا ابني..صبرني يارب ". بهذه الكلمات والدعوات التي تسبقها الدموع المنهمرة بغزارة، عبرت والدة الشهيد محمد بدرالدين، عن معانتها بعد فقدانها لابنها الوحيد، "حمادة"، 19 سنة، على أيدي أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، الذين ألقوه من أعلى خزان بأسطح إحدى العقارات. في منطقة سيدي جابر، كان يسكن حمادة، وسط أهله وجيرانه الذين يحبونه، وكان بهجة الشارع وأصبح اليوم موته حديثهم، طوال الطريق الذي قطعناه وصولاً لمنزله كان جيرانه يشيرون لنا على بيته ويرون ما حدث وعلاقتهم الجيدة به. أسفل منزله مباشرة، أشار لنا صديقه محمد خميس، إلى الزينة المعلقة قائلاً: "هذه الزينة علقها محمد معي احتفالاً برمضان قبل توجهه للمظاهرات ب10 دقائق فقط، أراد أن يخلق الفرحة في قلوبنا قبل أن يغادر الدنيا، كنا نحضر للدورات الرمضانية، لكن لم أعلم أن عمره قد انتهى". بينما يحكي محمد، صديقة الآخر، أن حمادة لم يكن له علاقة بالسياسة، وإنه في يوم التظاهرات أراد أن يصعد لأحد الأسطح لينجد صديقه الذي عرف أن أحد مؤيدي الرئيس السابق محمد مرسي، قد قطع يده، وعندما صعد إليه أختبأ أعلى الخزان حينما وجد مؤيدي مرسي يطاردونه، ولكن القتلة صعدوا ورائه وقتلوه". داخل شقته، تجمعت نساء العائلة حول أم حمادة تواسيها، وتدعو لها بالصبر. كان والده في النيابة، وأكد أنه لن يتاجر بدم ابنه ولن يكون بطل على حسابه وما يريده هو حق إبنه فقط، بينما كانت الأم تجلس في المنتصف، وعينها الباكية على صورة ابنها المعلقه على الحائط، أشارت لنا قائلة: "بصوا شوفوا ابني صغير وحلو ازاي..الله يرحمه راح مني". وأشارت لجريدة "الأخبار" التي كانت بجوارها وقالت: "شفتم صوره عملوا فيه إيه؟ منهم لله، عايزة الناس تحكي عن محمد وتعرف قصته ومحدش ينسى حقه لإني مليش غيره". وتروي الأم تفاصيل يوم الحادث قائلة: "كان محمد سهران مع أقاربه وأصدقائه في البحر للصباح، وعاد للمنزل حوالي الساعة 8 الصبح، ودخل لينام، ونزلت أنا السوق متوقعة أنه سيظل نائماً حتى المغرب ليستريح، ولا أعرف ما الذي حدث ودفعه للنزول في المظاهرات". تتذكر: "اتصلت بي قريبتي تحذرني من بدء الاشتباكات بجوار المنزل، وأن أمنع ابني من النزول ،شعرت بانقباض في قلبي وتوجهت اطمئن عليه في سريره ففوجئت إنه غير موجود". تتابع: "بعد قليل وجدت زملائه يسألون عنا، ويتهامسون، وأخبروني إنه مصاب، فخرجت أجري في الشوارع أبحث عنه..وعلمت إنه تم نقله للمستشفى، وقالوا لي إنه فقط مصاب ووالده معه في الميري، أشفق عليا والده من إخباري الحقيقية، وذكروا لي إنه مصاب فقط، لكن كنت قلقة جداً، وعندما سمعت صراخ قريبة لنا عرفت إنه مات فلم أتمالك نفسي وانهرت". تنهمر في البكاء وتقول: "حمادة كان أملي وابني الوحيد..ربنا أهداني به بعد صبر 4 سنين وإجراء عمليات..فانجبته بعد مشقة..وكان مسليني في البيت..دائماً يسأل عني..ويسقيني الماء ليلاً حتى لا أعطش بسبب السكر..وفي الأسبوع الأخير كان دائم الدعاء لي قائلاً: "ربنا يكرمك يا ماما..ربنا يشفيك..ربنا يوفقك"، حتى مازحته قائلة: "إنت حتشحت عليا ولا إيه؟ بتدعي لي على طول كده ليه يا بابا؟". وتتسائل قائلة: "ليه عملوا كده فيه؟، أنا شفته في المشرحة كان وشه أزرق ومضروب وإيده ورجله ناشفين، القتلة بعد أن رموه من على السطح ضربوه، ولما تعلق بسلك يتسنجد بأي قشة لإنقاذ حياته فتحوا عليه خزان المياه ليكهربوه". تضيف: "حمادة وإحنا ملناش في السياسية..صحيح فرحنا عندما غادر مرسي الحكم زي باقي الناس..فلم نكن مرتاحين في حكم الإخوان والعيشة أصبحت ضيقة..لكن مثل الباقي عاديين..فما ذنبنا؟". وختمت حديثها قائلة: "نفسي حق ابني يرجع..ونفسي أحج وزوجي إن شاء الله..وادعو الله أن يصبرنا".