"أنظر إلي ما يحدث اليوم في مصر بعد سقوط الإخوان المسلمين وأتسائل،:هل سنذكر يوما ما فيما بعد هذه اللحظة على أنها بداية تراجع الإسلام السياسي عن المشهد ؟..لا أعتقد انه يوجد لديّ إجابة حاليا.. هكذا يبدأ الكاتب الأمريكي توماس فريدمان مقاله التحليلي للأحداث في صحيفة نيويورك تايمز، متابعاً،" إني أعلم هذا.. لقد زرت العديد من الدول العربية والإسلامية من بينها تركيا ومصر ورأيت كيف ناهض غير الإسلاميين والمعارضة حكم الإسلام السياسي، وكيف أنه عندما جاءت اللحظة المناسبة للإيرانيين في إختيار رئيس جديد، إختاروا الأكثر إعتدالا من بين المرشحين ال6 من قبل الهيئة الدينية الإيرانية؛ وكذلك كيف قام التونسيون بوضع دستور يرتكز بشكل أساسي على الإعتدال المدني مع الإحتفاظ بالمرجعية الدينية." ركز فريدمان بعد ذلك على الأوضاع في مصر، وأوضح أن قيام الشعب بإسقاط أول رئيس مدني منتخب لديهم وتفويض الجيش للتصرف بطريقة أكثر ديمقراطية لهو أمر يستوجب علينا التوقف لنتسائل ونفكر؛ وعلى الرغم من أنه سيكون حكماً سابق لأوانه ان نقول على الأنظمة الدينية السياسية أنها قد انتهت في هذه البلاد، إلا اننا يمكن أن نقول أنها لم تعد تلاقي ترحابا واسعا من قبل الفئات المختلفة وهذا ما جعلهم يثورون عليها. وأشار فريدمان، أنه لفهم الواقع بطريقة أكثر عمقاً يجب أن نعترف بأن كلمة "سرقة" هي مفتاح الأمر بأكملة، حيث أنه في البداية استطاع محمد مرسي الوصول للحكم بنسبة 51%، وهي نسبة لا تمثل بالتأكيد القاعدة الداعمة للإخوان المسلمين، لكنهم الشباب والمثقفين والطبقات الإجتماعية المختلفة التي حاول مرسي إقناعها بأنه سيكون رئيسا لكل المصريين، وأن عليهم انتخابة بدلا من منافسه أحمد شفيق الذي يمثل عودة مرة أخرى للنظام السابق، ولأن هؤلاء الشباب لم يكونوا يريدون "شفيق" بالفعل أجبروا أنفسهم على تصديق المرشح محمد مرسي وقتها، وقاموا بإنتخابه. ويتابع فريدمان: إن هؤلاء الشباب الذين خرجوا من قبل في يناير، شعروا مع مرور الوقت أنه قد تم خداعهم، وبدلا من أن يقوم مرسي بتوفير العمل والخبز لهم، وفر لهم أزمات مثل البنزين و انقطاع الكهرباء، كما أنه أغلق عينيه عن الأقليات في بلده وكأنهم ليسوا هناك؛.. ويُرجع الكاتب الأمريكي كل ذلك نتيجة لطبيعة تكوين شخصية الإخوان التي تنظر إلى كل شىء من منطلق التآمر بسبب حالة الكبت التي أحاطتهم بها الأنظمة العسكرية السابقة طوال 80 عاما في مصر. وفي نهاية مقاله يؤكد فريدمان أن مصر لن تكون أبدا دولة مستقرة إلا بقيام حكومة تحتوي على جميع الفصائل السياسية والمجتمعية ومن ضمنهم الإخوان أنفسهم.. لكنه في الوقت نفسه تساءل عمّا إذا كانت القوات المسلحة ستسمح بذلك، حيث أنهم قاموا بإعتقال العديد من رموزهم بعد سقوط مرسي، واوضح أن هؤلاء مازالوا على الأقل يتمتعون ب25% من تأييد الشارع المصري..؛ مشددا على أن مصر أضاعت الكثير من الوقت وأن اللحظة قد حانت لكي تجلس جميع الأطراف المعنية لتضع خارطة مستقبلية تصحح المسار التنموي للبلد وتحظي بالتأييد والقبول.