نواصل نشر كتاب بيرلو " أفكر عندما ألعب"، ونقدم لكم الفصل الثالث. بعد العجلة، البلاي ستيشن هي الاختراع الأعظم في التاريخ وإذا كانت هناك مباريات بلاي ستيشن فأنا أختار دائماً برشلونة "ماعدا بعض الأحيان أختار الميلان"..لا يمكنني بالضبط تحديد عدد المباريات التي لعبتها في السنوات الأخيرة لكن في نطاق عريض بإمكاني التأكيد أنه علي الأقل أكثر بأربعة أضعاف من المباريات الحقيقية..أنا ضد نيستا، كان ذلك هو الكلاسيكو في الميلانيلو: كنا نأتي إلي الميلانيلو مبكراً، ونتناول الإفطار عند التاسعة ثم نغلق على أنفسنا ونلعب حتى 11:00 موعد التدريبات، بعد الغداء نعود للغرفة ونلعب حتى الرابعة..حياة تضحيات. - مبارياتنا كانت حماسية جداً، أدرينالين بحت..أنا ألعب بالبرسا، وساندرينو أيضا يختار برشلونة..برسا vsبرسا..أول لاعب قمت بوضعه هو صامويل أيتو، أسرعهم جميعاً..لكن رغم ذلك كنت أخسر دائماً، ثم اغضب جداً وأرمي يد التحكم، ثم أقوم بإعادة المباراة.. لم يكن بإمكاني أن أستخدم عذر المدرب، لأن مدرب فريقه هو جوارديولا ومدرب فريقي هو بيب جوارديولا..على الأقل على مستوى المدرب كنا متعادلي. - فكرنا في خطف جوارديولا أنا ونيستا، غوراديولا الحقيقي، كان ذلك في 25 اغسطس 2010..عندما لعب الميلان ضد برشلونة في كأس خوان غامبر في الكامب نو..لكننا تراجعنا لاحقاً بعد ان اكتشفنا انهُ سيعاني معنا في العودة..لاحقاً، اكتشفت ان فكرة الاختطاف فكر بها غوارديولا قبل ان نفكر فيها نحن..غوراديولا في الحقيقة كان يفكر في خطفي، في تلك الليلة. - في نهاية المباراة، الكل كان يطارد إبراهيموفيتش ووكيله الأسطورة مينو رايولا، زلاتان كان على وشك إنهاء تجربته مع برشلونة والانتقال إلى ميلان، بعض زملائي كان يحاولون إقناعه بالقدوم للميلان، والصحافة كانت تنشر تصريحات تؤكد انه سيرحل: " سيكون من الرائع ان ألعب في السان سيرو مع رونالدينهو، غوارديولا لم يتحدث معي منذ 6 اشهر، تحدثت معي فقط مرتين".. لا عجب.. جوارديولا وفر كلامه لي!. - من كل هذه الفوضى، خرج رجل يطاردني، ويدعوني إلى مكتبه..كنت خارج من غرف الملابس ووجدت ذلك الرجل، الموثوق لدى جوارديو لا وصديق طفولته، بمثابة العميل 007 بالنسبة له: مانويل أيستريت، الرجل الذي سابقاً في مسيرته الرياضية كان اللاعب الأفضل في تاريخ لعبة كرة الماء..عملياً، هو ثاني رجل في العالم أستطاع ان يمشي على الماء: " أندريا، تعال معي، هناك مدرب يريد رؤيتك "..مع القبعة كان من الصعب التعرف عليه..بكل الأحوال نظرت له وقلت: " حسناً، لنذهب". - لم أصلي، دخلت الغرفة، كان الديكور فيها بسيطاً، وكان على الطاولة نبيذ أحمر..قلت في نفسي "بداية جيدة"..ولحسن الحظ أكثر مدرب محسود في العالم لم يستمع لما قلته..قال لي بلغة إيطالية مثاليه: "إجلس أندريا"..لم أركز على ما حولي، كنت أركز فقط على هذا المدرب الذي قام بدعوتي..بدأ يتحدث لي بيب عن البرسا، يقول لي ان نادي برشلونة عالم مستقبل بذاته، وانه ماكينة مثالية..كان يرتدي بنطلون داكن مثل لون ربطة العنق، وقميص ابيض..لباسه كان أنيقا مثلما كان حديثه معي. - "شكراً على قبولك بالقدوم إلى هنا". - "شكراً لك على دعوتك". - " الآن، نحن نريدك ان تكون معنا ". - بعد دقيقتين، وصل إلى النقطة، كمدرب كان يعرف كيف يهاجم، ودائماً بستايل عظيم: "نحن أقوياء، لا يمكننا ان نطلب أكثر مما لدينا، نحن نبحث عن لاعب وسط بإمكانه ان يعوض تشافي، انيستا او بوسكيتس..وهذا اللاعب هو بيرلو..لديك كل الخصائص اللازمة لكيتلعب مع برشلونة..وهناك آمر هام آخر: أنت بطل". - كنت صامتاً طوال نصف ساعة، أستمع لما يقوله، استمتعت بذلك إلى أقصى حد..فوجئت بتلك الدعوة من البداية، وردة فعلي كانت بطيئة بعض الشيء..كنت مذهولاً أكثر مما أنا متحمس، صُدمت من الأمر، وتفاجأت لكن بشكل إيجابي. - ثم أكمل بيب: " تعرف أندريا، لقد دعوتك هنا لأن الأمور لدينا تسير على ما يرام، وليس لدينا وقت لنضيعه، نريد ان نشتريك فوراً، تحدثنا مع الميلان وقالوا لنا "لا"..لكننا لن نتراجع، نحن برشلونة، اعتدنا على هذا النوع من الردود..في النهاية، دائماً تتغير الأمور.. نحن سنحاول مرة أخرى وأنت ابدأ أيضا بالمحاولة مع ناديك". - حتى تلك اللحظة لم أن اعرف أي شيء، كنت في وسط الميركاتو- كرة القدم والترف- دون أن أعلم بذلك..ثم واصل بيب "إذا كنت فعلاً ستنتقل لبرشلونة، ستكون في مكان فريد، جوهرتنا هي اللاماسيا..قطاع الشباب..فخر لا يملكه أي نادي آخر..ساعات سويسريه، أو هي اوركسترا فيلهارمونية..لا نشتري النجوم بل نصنعهم، ما عدا أنت..كل شيء جميل هنا". - لم أتوقع ذلك، بعد ان كنت ألعب بهم فقط في البلاي ستيشن : "تعال معنا أندريا، كلاعب كنت دائماً معجب بك وأريد ان أدربك".. فكرت فوراً بنيستا، كان سيموت من الحسد إذا أخبرته..وكأنني استعدت نسبة 50% من جوراديولا التي كان يملكها.." حتى إذا رفض الميلان في البداية سنحاول ولن نستسلم وسنرى ما الذي سيحدث في النهاية". - مثلما كان الأمر مع ريال مدريد، بل أكثر من الريال..كُنت مستعد ان أذهب إلى برشلونة حبواً على أربع، كان الفريق الأفضل في العالم في ذلك الوقت، هل هناك حاجة لكي أقول المزيد؟ كانوا يقدمون كرة لم تُرى منذ سنوات، يقومون باستحواذ مجنون: "الكرة لنا وسنحتفظ بها "مثل ساعات رولكس ببطاريات سواتش، أنيقة وتدوم طويلاً. - "شكراً لك، عودة حميدة إلى ميلانو، وأتمنى ان لا تدوم طويلاً". - " شكراً لك مرة أخرى, على هذه المحادثة الجميلة". - خرجت من مكتب جوارديولا مذهولاً، كنت أخر من ركب باص الميلان، لكن لم يلاحظ أي شخص ذلك..الكل كان يفكر ما الذي سيحدث بعد هذا وأنا كنت أرى بأنني آنا وإبراهيموفيتش نسير في اتجاه مُعاكس..العالم يعرف عن قصته، لكن لا يعرف عني أي شيء.. كنت سأحب ان أعيش تجربة جديدة مختلفة مع نادي عظيم..المحادثات استمرت لفترة ما، لكن في النهاية ميلان رفض ان يتخلى عني.. في ذلك الوقت اعتبروني قادر على الركض والتضحية لهذا احتفظوا بي..لم تكن هناك أي مفاوضات حقيقية مع برشلونة..فقط كلمات، محادثات ونظريات لا أكثر. - كنت ساكون محظوظاً لو دربني جوارديولا، لكنهُ يأخذ كل شيء ويجعلهُ كبيراً، يجعلك منك عظيماً..يقود من حوله إلى مستويات أعلى ليس فقط على مستوى كرة القدم بل على مستويات متعددة..إبرا، كان يقول أنهُ " لفيلسوف" وكان يعتقد انهُ يُهينه..لكن إذا فكرت في تلك الكلمة ستجدها إشادة جميلة.. ن تكون فيلسوفاً يعني ان تُفكر، ان تبحث عن الحكمة، ان تكون لديك أفكار أساسية تحركك وتقودك..ان يكون لديك منطق، وان تؤمن بقدرة الخير على التفوق على الشر..حتى مع بعض المعاناة..جوارديو لا اخذ كل هذه المفاهيم وطبقها في عالم كرة القدم..علم مثالي، تظهر فيه قوة العمل وقوة التفكير..ما فعله ليس معجزه بل تخطيط سليم..كريمة كتلونية سهلة الهضم، سباحة بين الواقع والخيال..جنباً إلى جنب مع ايستريت، في كلمة: بلاي ستيشن. أنتظروا الفصل الرابع من كتاب بيرلو "دموع نيستا" ..