ينظر القضاء الجزائري، الأحد 5 مايو، ملفات المجازر جماعية وجرائم اغتصاب عرفتها البلاد خلال الأزمة الأمنية علي أيدي مسلحين كانوا يحاربون النظام الحاكم. وتنطلق الأحد في محكمة جنايات العاصمة الجزائر محاكمة متهمين اثنين في قضية قتل جماعي لأزيد من 500 شخص واغتصاب أكثر من 60 امرأة في محافظات وسط الجزائر أواخر تسعينيات القرن الماضي، بحسب مصدر قضائي. وكانت المحكمة قد أجلت نهاية مارس هذه المحاكمة بسبب رفض أحد المتهمين "يوجدان رهن السجن" للمحامي الذي عينته المحكمة. وآنذاك قررت المحكمة تأجيل القضية إلي 5 مايوالجاري كي تسمح للمتهمين بتعيين محام، وفقا للقاضي عمر خرشي. وتابع خرشي أنه "في حالة عدم تعيين المتهمين لمحام، ستجري المحاكمة بحضور محام معين تلقائيا". وبحسب قرار الإحالة الخاص بالقضية، فإن "هذه الأفعال الإجرامية "المجازر والاغتصاب" تمت في مناطق بومرداس والمدية والخميس وتيارت والشلف وغليزان والبليدة "وسط البلاد" ما بين عامي 1996 و2004". وشهدت الجزائر خلال عقد التسعينيات وحتى مطلع العقد الماضي أزمة أمنية كبيرة نتجت عن صدام مسلح بين النظام الحاكم وجماعات مسلحة تسمي نفسها "إسلامية"؛ إثر إلغاء الجيش الجزائري عام 1992 نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية 1991، التي فاز فيها "حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظور حاليا. وخلفت هذه الأزمة، وفقا لأرقام رسمية، أزيد من 150 ألف قتيل، فيما تقدر منظمات مستقلة أن الرقم يفوق ال200 ألف قتيل، فضلا عن آلاف المفقودين. وبحسب قرار الإحالة في هذه القضية، فإن المتهمين الذين أوقفا سابقا من قبل أجهزة الأمن الجزائرية "اعترفا عبر كل مراحل التحقيق أنهما التحقا بالجماعة الإرهابية الناشطة في جبل وادي الرمان بالشلف غرب العاصمة منذ سنة 1997، وشاركا في عدة اغتيالات طالت أفراد من الجيش الوطني الشعبي وعناصر الدفاع الذاتي ومواطنين في عدة قرى، كما شاركا في عمليات اغتصاب جماعية لعدد كبير من الفتيات، التي تم اغتيالهن بعد ذلك ذبحا خلال سنوات 1996 و2004". ولم تذكر التحقيقات هوية الجماعة المسلحة، التي كان ينشط ضمنها هذين العنصرين، لكن المعروف محليا أن مناطق الوسط الجزائري خلال هذه الفترة كانت تحت سيطرة "الجماعة الإسلامية المسلحة"، وهي تنظيم تبنى عدة عمليات قتل واغتصاب جماعي في تلك الفترة. وقد أعلن التنظيم نهاية تسعينيات القرن الماضي حل نفسه بعد القضاء على أهم قادته، والتحول إلى تسمية "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، التي التحقت عام 2007 ب"تنظيم القاعدة"، تحت اسم "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". وكان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قد أطلق منذ وصوله الحكم عام 1999 جهودا لحل هذه الأزمة الأمنية. وفي العام التالي، أصدر مشروع الوئام المدني، وفي 2005 أطلق مشروع المصالحة الوطنية، الذين ساهما في نزول مئات المسلحين من الجبال مقابل العفو، باستثناء "المتورطين في جرائم القتل الجماعي"، حيث أحيلوا إلى المحاكمة.