فى حكم تاريخى لاول مرة فى تاريخ القضاء المصرى ارست محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية قاعدة صلبة للحكم الرشيد وحددت مسؤلية رئيس الدولة دستوريا تجاه عدم تنفيذ الاحكام القضائية وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عوض الملهطانى وخالد جابر واحمد درويش نواب رئيس المجلس بالغاء قرار الحكومة بالامتناع عن تنفيذ حكم القضاء الادارى الصادر لصالح احد النقابيين بنقابة المعلمين ضد وزارة التربية والتعليم والصادر بمنحه مرتبه والمكافات التى حرم منها اثناء اداء عمله النقابى وكان يعمل بوكالة وزارة التربية والتعليم بالاسكندرية قالت المحكمة ان عدم تنفيذ الاحكام القضائية من اية جهة او سلطة فى الدولة يمثل اخلالا جسيما بمبدأ الفصل بين السلطات وهى مسؤلية رئيس الجمهورية فى المقام الاول اذ يتوجب عليه بمقتضى المادة 132 من الدستور الجديد باعتباره حكما بين السلطات ان يأمر بتنفيذ هذه الاحكام ولا يجوز له ان يتنصل من هذه المسؤلية التى القاها على عاتقه المشرع الدستورى ايا كانت المبررات فواجبه رعاية الحدود بين السلطات ,ان احترام السلطة القضائية وتنفيذ احكامها وصون استقلالها هى اولى مسؤليات رئيس الجمهورية وادق التزاماته وهى تتواكب مع التزامه برعاية مصالح الشعب والحفاظ على استقلال الوطن وسلامة اراضيه فذلك هو المعيار الرئيسى الذى يجب ان يترسخ كأثر من مقتضيات الحكم الرشيد واضافت المحكمة ان مبدأ استقلال القضاء واحترام احكامه وتنفيذها بات ركنا جوهريا فى اى نظام ديمقراطى وان عدم تنفيذ الاحكام القضائية يوصم نظام الحكم بالاستبداد ومن ثم كان يتوجب على النظام الحاكم الجديد الا يتغافل عن تنفيذ الاحكام القضائية وان يستوعب درس الشعب المصرى الذى علمه للعالم اجمع .ذلك ان اى تنظيم قضائى يفقد سبب وجوده اذا لم يكن فعالا وتنفذ احكامه .فاذا كان القضاء يضع حدا للمنازعة عندما يصدر حكما يحوز حجية الشئ المحكوم فيه فانه يتعين تنفيذ هذا الحكم والا لما قامت فى البلاد حاجة الى خدمات القضاء والعدل ,وليس اشد خطرا على البلاد من اهدار احكام القضاء والامتناع عن تنفيذها هو امتهان للسلطة القضائية فالقوانين تصدر لتسود ولا سبيل لسيادة القانون الا ان يطبقها القضاء واية ذلك ان المادة 74 من الدستور الجديد تنص على ان سيادة القانون اساس الحكم فى الدولة واستقلال القضاء وحصانة القضاة ضمانتان اساسيتان لحماية الحقوق والحريات واضافت المحكمة انه قد تلاحظ لديها وهى جزء من نسيج هذا الوطن ان عدم تنفيذ احكام القضاء الادارى من بعض جهات الادارة انما يمثل انتهاكا صارخا للشرعية الدستورية اذ تضرب الدولة اسوأ المثل للمتقاضين بالتهرب من تنفيذ الاحكام مما يشيع معه بين صفوف الناس منهج اللاشرعية مادامت السلطة العليا فى البلاد لا تقيم وزنا لها فتسرى العدوى فى المؤسسات والمصالح وتصبح الاستهانة بالشرعية نموذجا سيئا للتعامل فى مصر وينتشر الاحساس بانه لا قيمة للدستور او القانون او القضاء وتتحول مع ذلك سلطات الدولة والثوابت الدستورية ونصوص القانون الى رماد وكان من نتاج كل ذلك اندلاع ثورة الشعب فى 25 يناير 2011 للقضاء على كافة مظاهر الفساد وعلى قمتها عدم احترام احكام القضاء واهدار تنفيذها وهو ما يلقى على رأس النظام الحاكم الجديد عبئا كبيرا ازاء مسؤليته امام الشعب للقضاء على تلك المفسدة حتى لا تدور الدوائر يوما .فالكل لدى القانون سواء دونما الاحتماء بأية حصانة تعصم من المساءلة ازاء الامتناع عن تنفيذ الاحكام بحسبانه خرقا دستوريا جسيما وخطيئة كبرى يجب ألا يحتمى مرتكبها بثمة حصانة تكئة للتحلل من ربقة حجية الاحكام ,فاستعمال السلطة يجب ان تكون متدثرة بعباءة الحماية القانونية للحقوق وحينئذ تكون الثورة قد اتت ثمارها ,فمن ظن انه فى مأمن من المسؤلية والعقاب فقد غاب عنه انه لا توجد سلطة مطلقة من احكام القانون اذا مالت وجنحت الى غير الح