أحد أبرز المبدعين الذين عاشوا عالم البسطاء فى مصر فكتب رواياته وقصصه عنهم وكان من أهم كتاب أبناء جيله مثل جمال الغيطانى وصنع الله إبراهيم وبهاء طاهر وجميل عطية فى التعاطى مع الواقع المصرى ونقله بصيغة إبداعية قريبة من الناس. هو الكاتب الكبير محمد البساطى الذى رحل عن عالمنا فى 14 يوليو 2012 تاركا رصيدا ضخما من المؤلفات الأدبية. وضمن محور "رموز" مصرية أحيا المقهى الثقافى ذكرى الكاتب الراحل محمد البساطى أهم قصاصي وروائي العصر الحديث، عرف بعشقه لفن السينما وكان عضواً في نادي السينما منذ نشأته.. أغرق في المحلية راصداً بعينه الفقراء والمهمشين الذين كانوا محور كتاباته وإبداعاته التى ترجمت للعديد من اللغات.. والذي شهد له الأديب العظيم "يوسف إدريس" بأنه واحد من أهم الأدباء المصريين أصحاب الموهبة الحقيقية وكان يعتبره أفضل منه هو شخصياً. شارك فى اللقاء المخرج محمد كامل القليوبى والكاتبة هالة البدري والناقد الكبير شعبان يوسف وسامح عاشور وحكى فى البداية محمد كامل القليوبي عن الراحل وعن رابطة الصداقة القوية التي جمعت بينهما وعن روح الطفل التي كانت تسيطر عليه، وكيف أنك لا يمكن أن تتعامل معه إلا من خلفية كونه طفل كبير يحمل كل براءة الأطفال واندهاشهم وعنادهم ومنطقهم الفريد بأنهم غير مجبورين على أي أمر لا يريدونه مهما كان هذا الأمر. وقال: كان مترفع النفس لا يسعى لأحد ولا يريد شيئاً من أحد حتى أنه في مرضه الأخير رفض العلاج على نفقة الدولة ولم يهتم كثيراً حين حصل على جائزة الدولة التقديرية في أيامه الأخيرة. وفي لمحة طريفة حكى القليوبي عن حالة الرفض التي كانت لدى الراحل تجاه كتابات "محمد حسنين هيكل" وكيف أنه كلما كتب هيكل مقال كان البساطي يرد عليه في مقال لا يُنشر بل يجمعهم لديه في صندوق كي يُنفس عن نفسه من جراء كتابات هيكل التي لم يكن بينه وبينها أي مودة. بينما قرأت الكاتبة هالة البدري مقاطع من رواية" ويأتي القطار" التي يمكن اعتبارها سيرة ذاتيه عن ذلك الطفل صاحب العين الشغوفة دوماً بالباب المفتوح.. هذه الرواية كان أكثر ما يلفت الانتباه لها أن ما أخفته كان أكثر بكثير مما أباحت عنه بقدرة البساطي الراقية على الحكي. وقالت: خرج إنتاجه الأدبي من منبعين أولهما كان ذاكرته الأولى حيث المنزلة تلك القرية المطلة على البحيرة والتي يعمل أهلها بالصيد والآخر كان القاهرةالمدينة المزدحمة الصاخبة المليئة بالمتناقضات.. وأشارت الكاتبة أيضاً إلى روايته الجنونية "دق الطبول" التي دارت أحداثها في أحد دول الخليج من خلال مفارقة عجيبة حيث خرج المواطنون جميعاً من البلد خلف فريق كرة القدم المشارك في أحد البطولات تاركين البلد في يد العمال والمغتربين من الهنود والباكستانيين والمصريين.. تلك الرواية التي كتبها البساطي بعد تجربة مريرة في حياته حين سافر للخليج وكف تماماً عن الكتابة طول فترة إقامته هناك وبعد أن عاد بسنتين كأنه كان يراقب أحداث هذا العالم العجيب الذي وجده قاتلاً لأي إبداع.. ثم كانت هذه الرواية. بعدها تحدث الناقد الكبير شعبان يوسف عن رحيل البساطي وقال: بالرغم من أنه كان متوقعاً إلا أنه أثر كثيراً في قلوب ووجدان كل محبيه ومريديه لقد كان رحمه الله صاحب نفس شامخة .. مشاكساً لأجهزة الدولة التى قصرت كثيراً في تأبينه وإحياء ذكراه. أما "خالد عاشور" الذي قال بالرغم أن علاقتى بالبساطي بدأت متأخرة إلا أنها استمرت حتى نهاية عمره .. وتحدث عاشور عن الناحية الإنسانية في حياة الراحل وكيف أنه كان يكتب في أواخر عمره بشراهة عجيبة كأنه كان حريصاً على أن يترك تراثاً غنياً قبل أن يغادر .. وكان شديد العناية بالتفاصيل يسأل عنها ويرصدها زمانية كانت أو مكانية .. كان يهتم بعالم الإنسان الداخلي أكثر من حركته الخارجية .. شديد الالتحام بأبطاله بهمومهم وأفكارهم ومعاناتهم. وأضاف: كان شديد الإخلاص للكتابة ينعزل عن الجميع حتى عن أهل بيته حين يشرع في البدء، لم يكن يهتم كثيرا بالعائد المادي فقد كان همه الأكبر هو القيمة الأدبية للعمل ..كما ابتعد البساطي تمام البعد عن اللغة المعقدة في الكتابة.. وكان مجدداً حقيقياً في فن القصة القصيرة فإذا كان إرساء القصة القصيرة في ذهن المصريين جاء على يد يوسف إدريس فإن تطورها للعالمية كان على يد البساطي. رتوش اللوحة و كان المقهى الثقافى قد ناقش ضمن محور نصوص سردية رواية "رتوش اللوحة" للكاتبة الشابة لمياء مختار فى ندوة شارك فيها الكاتبة الكبيرة سلوى بكر والناقد أسامة ريان، ود. حسام عقل ومحمد شمروخ. بدأ أسامة أمين ريان بالثناء على الكاتبة - المهندسة – وقال: نحن أمام كاتبة واعدة صاحبة عين ثاقبة وراصدة وقد تجلت موهبتها في هذا النص من خلال خلفية ثقافية واعية رأت فيما يحيطنا من وقائع وأحداث صدى للموروث الانسان من موسيقي وآداب وسينما وفنون .. تجلت في العمل طزاجة وبراءة طفولية تسبق طموحات المراهقة وتظهر مدى تقصيرالمجتمع تجاه أولاده الذي يحدد اتجاهاته المستقبلية في أُطر محدودة ضيقة ( كتوجيههم إلى طريقين لا ثالث لهما إما الطب أو الهندسة). وأضاف: ارتبطت الكاتبة بالمكان بقوة ولخصت لنا الحدث مستشرفة المستقبل في بعض الأحايين.. كما رصدت الكثير من الظواهر الإجتماعية كموجة التدين الاستقطابي التي ظهرت في الآونة الأخيرة وما تبعها من تبدل وتغير طارئ على علاقات الشخصيات وثقافتهم. من جانبها أشادت الكاتبة الكبيرة "سلوي بكر" بالكاتبة في الكتابة الطويلة وبقدراتها الروائية المبشرة بمستقبل واعد، ولفتت الانتباه لضرورة ضبط إيقاع العمل برغم غموضه والإجابة على التساؤل المستمر: أين تقع اللمحة الاخيرة .. فيما أشار د. حسام عقل إلى النفَس النسوي الذي أنعش الرواية المعاصرة وأكد على ضرورة كون لغة الكاتب قريبة من القاريء غير متعالية عليه، فيما ناقش الأستاذ محمد شمروخ أحوال الرواية في مصر والعقبات التي تواجهها ثم كان النقاش مع الجمهور الذي حرص على حضور الندوة والحصول على توقيع الكاتبة. وكان المقهى قد عقد ضمن أنشطته لقاء مفتوح مع الكاتبة المغربية "ربيعة ريحان" التى قدمها الروائى إبراهيم عبد المجيد قائلا: هى أحد أهم كتاب القصة القصيرة في العالم العربي ذلك الفن البديع الأصيل الذي يهجره الكثيرون ربما لغواية "الرواية" التي تجذب الجميع إليها إلى أن صار فن القصة القصيرة غريباً وحيداً لا يخلص له إلا القليلون. وأضاف: للكاتبة سبع مجموعات قصصية أشهرها "ظلال وخلجان" و"مشارف التيه" و"مطر المساء" و"بعض من جنون" و"أجنحة الحكي" .. حازت الكاتبة على الجائزة الأولى للابداع النسائي في الإمارات ولها أعمال مترجمة للغات عديدة .. اللغة عندها تحمل روح الشخصية والنساء في قصصها لهم عالم من الأسرار المفجعة في بعض الأحيان والمحركة للمشاعر في أحيان أخرى. بينما تحدث الكاتب والروائي "سعيد الكفراوي" عن الكاتبة التي اعتبرها أحد أهم المعاصرات اللائي أسهمن في تطوير القصة القصيرة حيث عرفت الأخيرة على يديها التغريب واستشراف المستقبل .. وقال: ربيعة ريحان الصديقة والمحبة للثقافة المصرية التي ساهمت في تشكييل وجدانها منذ الصغر .. امتكلت عالماً خاصاً ومنطقة للحكي لا ينافسها فيها أحد .. عن الفقراء والبسطاء في هامش المغرب الذين في سعيهم المخلص نحو الستر يجوبون قصص الكاتبة وحكاياتها المشوقة التي تملأ روح القاريء وقلبه .. واعتبر الكفراوي كتاباتها نوعاً من أنواع الموسيقى في رحلة بحثها الدائم عن الحرية التي تتمثل في شوق الإنسان لتحقيق عدالة ما على هذه الأرض .. أولت ربيعة اهتماماً خاصاً بالماضي في أزمنة قصصها ربما لأنه أكثر الأزمنة حواراً حيث يحمل الذاكرة بكل ثرائها واشتباك أحداثها. وقد بدأت ريحان حديثها بشكر صديقيها "إبراهيم عبد المجيد" و"سعيد الكفراوي" على الحفاوة التقديمية وأوجزت في الحديث عن تجربتها القصصية التي اعتبرتها بمثابة مخاض للكثير من الترسبات التي خبرتها وكتبت عن بعضها فيما تبقى البعض في انتظار أن تستوعبه كتابات قادمة.. فتجربتها في نظرها تجربة غنية ممتدة عبر الزمان والمكان فهي واحدة من الجيل الذي حمل على أكتافه أحلام التنور ليكون امتداداً لمسيرة الإبداع والريادة. وعن جذورها ألمحت ربيعة أنها تنتمي إلى أسرة تقع بين برزخ عجيب ينتمي للإقطاع من جهة وللامتداد المديني من جهة أخرى فهي ابنة مدينة محافظة ذات ثقافات متنوعة تستحضر روافدها كلما شرعت في الكتابة وكيف أن إرث الثقافة المحافظة جعلها تلجأ كثيراً إلى الشعرية في الكتابة كلما خاضت في تفاصيل خاصة كأن رقابة ما داخلية جعلتها هي بهوسها الخاص كأنها رقابة خارجية تدفعها كثيراً لاستعارة المجاز.