رفعت رشاد أستعيد العبارة التي صارت مأثورة "بيدي .. لا بيد عمرو" التي أطلقتها ملكة تدمر بعدما خانت حليفها فطاردها ابن شقيقته عمرو بن عدي، وعندما أوشك علي قتلها، سارعت بتجرع السم قائلة: بيدي .. لا بيد عمرو، فقتلت نفسها واستولي عمرو علي ملكها. وهنا أقول للمجلس العسكري وللحكومة المصرية: لنرفض ونقطع المعونة الأمريكية بأيدينا لا بيد الأمريكان. لقد تحولت تلك المعونة إلي أداة لإذلال الشعب المصري والضغط علي حكومته بعدما تحمل المجلس العسكري كل الضغوط وأفشل المخطط الذي يهدف إلي تقسيم الدولة . لقد أفقد تماسك الدولة المصرية حتي الآن الإدارة الأمريكية صوابها وصارت تتصرف بانفعال ضد أكبر دولة عربية لمجرد أن القضاء المصري يحقق في انتهاكات قانونية قامت بها منظمات أمريكية بدون ترخيص لها بممارسة النشاط داخل مصر . تعالت صيحات الأمريكان حكومة ونوابا يهددون مصر لأن قضاءها قرر منع متهمين من السفر لحين انتهاء التحقيقات . تعالت الصيحات تهدد بقطع المعونات، وأقول : " قطيعة تقطع المعونة علي اليوم اللي شفناها فيه " . هذه المعونة التي تحولت إلي أداة " سافلة " لتهديد مصر والضغط عليها، أطالب المجلس العسكري والحكومة بقطعها بقرار مصري . أعلم أن المعونة ارتبطت بتوقيع معاهدة السلام مع إسرائيل وأن قطعها قد يعطي مؤشرات بشأن المعاهدة لا تقصدها مصر، ولكن في نفس الوقت علي هؤلاء الاستعماريين البغضاء الذين كانوا وراء كل المصائب في العالم والذين لا يفقدون أبدا شهوتهم في تدبير المؤامرات، أن يعلموا أن الشعب المصري الذي عاش معظم تاريخه يعاني، لن يخسر الكثير في حال تحمله قرار قطع المعونة، بل إن الشعب الذي ساند بقوة قرار جمال عبد الناصر بتأميم القناة وبناء السد العالي بعيدا عن قروض البنك الدولي الأمريكي الاستعماري، يسعده أن يعلن أن كرامته تتجاوز أولئك الذين يعتقدون أنهم يشتروننا ويستعبدوننا ببضعة ملايين لا تساوي جزءا بسيطا من قيمة التنسيق والتعاون الاستراتيجي مع مصر، وببساطة فإن أمريكا تحتاج إلي مصر أكثر كثيرا مما تحتاج إليها مصر، فأمريكا المتوسعة تأتي إلي بلادنا من أجل مصالحها، ولا نذهب نحن إليها، ومن الطبيعي أن ندافع عن مصالحنا وعن بلادنا ومنطقتنا العربية في مواجهة الفكر الاستعلائي والاستعماري لأمريكا التي تعتقد أن مواطنيها يعدون من الأنبياء المنزلين الذين لا يجوز التحقيق معهم قضائيا حتي لو انتهكوا قوانين ونظم دولة كبيرة ذات سيادة مثل مصر . لقد فاقت النبرة الأمريكية وتدخلهم في شئوننا الداخلية حدود الدبلوماسية والصداقة وتحولت إلي إملاءات تريد بها أمريكا من مصر تنفيذها كتابع وليس كصديق وهو ما يرفضه الشعب المصري كله علي مختلف توجهاته السياسية، ولذلك أدعو كل القوي والمؤسسات المصرية أن تقود حملة لقطع المعونة وتعويضها من مساهماتنا كأفراد ومؤسسات حتي تفقد أمريكا ما تعتقد أنه يضغط علينا ويذلنا . لقد زادت البجاحة الأمريكية عن حدها بمطالبة إدارتها ونوابها مصر بإطلاق متهمين أمريكيين مستخدمين لغة التهديد والوعيد ولقد أحسنت القوات المسلحة عندما قطع وفدها العسكري زيارته ومباحثاته مع الجانب الأمريكي تعبيرا عن الرفض للأسلوب البذئ الذي لا يتناسب مع دولة في مكانة وحجم مصر. كما أحسنت الحكومة المصرية ممثلة في الوزيرين عمرو كامل وزير الخارجية وفايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي عندما رفضا بكل قوة الابتزاز الأمريكي وتمسكا بكرامة وطنهما واستقلال قضائه . وكنت أتمني لو أننا نستطيع أن نتدخل في الشئون الأمريكية حتي " ننكد عليهم عيشتهم ونعكنن عليهم أيامهم ".. هؤلاء المتبجحين .