أزمات مفتعلة لا تتناسب مع الوقت والمكان.. يشعلها أصحاب الحق أحياناً ويختفي خلفها في غالبية الأحيان أصحاب المصالح.. هذا الوصف ينطبق علي أزمة شهدتها الإسكندرية مؤخراً عندما قطع أهالي منطقة وادي القمر الصناعية الطريق الحيوي المؤدي إلي الدخيلة والعجمي وغرب المدينة.. وما لبث التجمع الساخن أن تحول إلي اعتداء صارخ باشعال النيران في عدة مبان تابعة لمصنع أسمنت بورتلاند أحد الصروح الصناعية التي كانت ملكاً للدولة ثم تم طرحها للاستثمار عبر رحلة الخصخصة المثيرة للجدل حتي استقرت لتبعية استثمار مشترك مصري يوناني!. مصانع أسمنت بورتلاند من أقدم المصانع التي كانت مملوكة للقطاع العام.. ودخل الخصخصة.. ويقع في منطقة صناعية تضم العديد من مصانع أخري في مجالات البترول والبتروكيماويات ومواد البناء والحديد والصلب تقدر استثماراتها بعشرات المليارات.. ينتج مصانع بورتلاند 2 مليون طن أسمنت سنوياً تمثل 5/1 من انتاج مصر.. ويعمل بها 0061 عامل وموظف.. ويزيد حجم استثماراتها علي 5.2 مليار جنيه.. وترتبط بأنشطة المقاولات والتنمية العقارية بالإسكندرية والساحل الشمالي والمحافظات المجاورة. تظاهر ووقفات احتجاجية الأزمة بدأت بشكاوي ووقفات احتجاجية من أهالي منطقة وادي القمر المجاورة للمصنع.. معلنين تضررهم من الانبعاثات الناتجة.. وتطورات الأزمة بقيام بعض الأهالي باقتحام المصنع واشعال النيران في مبنيين دون خسائر بشرية.. وفي محاولة لاحتواء الأزمة عقد الدكتور أسامة الفولي محافظ الاسكندرية اجتماعاً طارئاً حضره عدد من النواب الجدد لمجلس الشعب بالثغر.. وتم تشكيل لجنة علمية برئاسة الدكتور محمد عبده عميد كلية العلوم بجامعة الاسكندرية وعدد من أساتذة الكلية بمشاركة عدد من نواب مجلس الشعب والقيادات الشعبية بالمحافظة من بينهم النائبان المستشار محمود الخضيري وأبو العز الحريري.. وتركزت مهام اللجنة علي دراسة الآثار الناتجة عن المصنع ورصد أية مخالفات من شأنها التأثير علي صحة السكان بالمنطقة المحيطة به.. وأصدرت لجنة أخري تابعة لوزارة شئون البيئة قامت بمعاينة جميع منشآت المصنع بياناً أكدت فيه أن المصنع متوافق بيئياً ويطبق جميع الاشتراطات القانونية بل وأقامت اللجنة معملاً دائماً لرصد انبعاثات التشغيل. تأثير علي الاستثمارات أزمة المصنع أثارت ردود فعل واسعة كما يقول الدكتور الفولي محافظ الاسكندرية.. وتلقيت اتصالات من عدد من القناصل والسفراء ووكالات الأنباء العالمية خوفاً علي مصير الاستثمارات الأجنبية المساهمة في مصنع الأسمنت وغيره من مصانع تعمل في تلك المنطقة الصناعية المهمة. مواجهة مع الأزمة وحول أسباب تطور الأزمة قال الفولي: أحداث المشكلة تسارعت خلال الأسابيع الماضية بشكل كبير.. فبعد جولة مفاجئة بمنطقة وادي القمر التي يقع بها المصنع رصدت خلالها وجود أتربة وملوثات علي الخضراوات والفاكهة والسلع والتقيت خلالها بأهالي المنطقة.. تلقيت رداً من قيادات المصنع يتضمن قيام الشركة بالبدء في بناء سور عال يحجب المصنع عن المنطقة وتركيب فلاتر حديثة علي مداخن المصنع مما يقلل الانبعاثات الضارة.. مشيراً الي انه يتم متابعة تطورات الموقف أول بأول مع قيادة المنطقة الشمالية العسكرية ومديرية أمن الاسكندرية وجهاز شئون البيئة وكذلك يتم دراسة أوضاع مصانع أخري مشابهة لنفس المشكلة بمنطقتي البتروكيماويات والحديد والصلب المتاخمة. البلطجية حرضوا الأهالي المهندس مدحت اسطفانوس المتحدث باسم إدارة مصنع الأسمنت.. قال ان المصنع بدأ انتاجه عام 8491 قطاع خاص ثم طاله التأميم بعد الثورة ثم الخصخصة في عهد مبارك.. وهو أصلاً منطقة صناعية.. ومع مرور السنوات امتدت اليها المساكن خاصة من العاملين من المصنع والذي قام بتوظيف 07٪ من العاملين به من سكان المنطقة القريبة، أما يحيي غزال من اهالي المنطقة وأحد العاملين في المصنع فيقول ان بعض »البلطجية« علي حد وصفه من لهم مصلحة شخصية هم الذين حرضوا الأهالي وأضاف أن المصانع بها فلاتر لتنقية الغبار الصادر عنه.. وعمال المصنع هم من أبناء وادي القمر.. مشيراً الي ان الشرطة »خائفة« من التدخل حتي لا تتهمها وسائل الاعلام بضرب الأهالي المحتجين. من جانبه قال عبدالعزيز الشناوي عضو جمعية أنصار حقوق الإنسان أن أهالي وادي القمر يعانون منذ سنوات من التلوث الناتج عن المصانع المتاخمة الأمر الذي دفعهم للتصعيد والقيام باعتصام لتحقيق مطلبهم الرئيسي وهو غلق المصنع.. الاقتراح الأمثل الذي يرضي جميع الأطراف.. وتقدم به الأهالي في عدة مطالبات سابقة أن يتم بناء مجاورات سكنية شعبية كاملة الخدمات والمرافق في مناطق مقترحة جديدة يرضي عنها الأهالي وتمول من أصحاب المصانع والمصالح في المنطقة ومن حصيلة ثمن الأراضي التي سيتم تسليمها للاستثمار الصناعي بها.