هل يراهن الأمريكيون علي أوباما مرة أخري؟ إذا كان عام 2011 هو عام الثورات في العالم العربي فان 2012 هو بلا شك عام الصناديق الانتخابية لانه سيشهد انتخابات في 20 دولة، تتنوع ما بين المحلية والبرلمانية و الرئاسية . هذا الانتخابات قد تغير وجه العالم وخريطته السياسية ربما للأبد. فإلي جانب الانتخابات في دول الربيع العربي مصر وتونس وليبيا واليمن، هناك اربعة من الدول الاعضاء الدائمين الخمس في مجلس الامن تمر بتغييرات جذرية بسبب الانتخابات ، هذه الدول هي امريكا وروسيا والصين وفرنسا. كما قد تؤدي انتخابات فنزويلا وايران الي اعادة تشكيل العلاقات الدولية. وتشمل خريطة انتخابات 2012 أيضاً كلا من الصين والمكسيك وكوريا الجنوبية وزيمبابوي ومالدوفا وتايوان والسنغال وكازاخستان وكينيا و أوكرانيا ومدغشقر والبانيا. ويبقي السؤال.. هل يكون 2012 هو عام الانتصار النهائي للديمقراطية علي الإستبداد والفاشية والديكتاتورية؟ يشهد العالم في 2012 عشرة انتخابات رئاسية ربما كانت أهمها انتخابات الرئاسة الامريكية. ينتظر العالم نتائج هذه الإنتخابات بفارغ الصبر حيث تعتبر الولاياتالمتحدة بحكم مكانتها الاقتصادية والسياسية الكبيرة، البوصلة التي تحدد قبله باقي دول العالم من بعدها. بدأ سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية من ولاية أيوا وفاز في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري السيناتور الامريكي ميت رومني واصبح يقترب بخطوات سريعة من الفوز بترشيح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية المقبلة وذلك بعد حصوله علي دعم جون ماكين المرشح السابق للجمهوريين في الانتخابات الرئاسية عام 2008. ومع ذلك، يري المراقبون انه من المبكر الحديث عن المرشح الجمهوري للرئاسة الذي سينافس الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ولم تكن نتائج المؤتمر الحزبي الجمهوري بولاية ايوا مفاجئة، ليأتي فوز ميت رومني موافقا لمعظم التوقعات واستطلاعات الرأي السابقة. لكن اللافت أن هذا الفوز جاء هشا بفارق ثمانية اصوات فقط علي منافسه المحافظ والصاعد مؤخرا ريك سانتورم عضو مجلس الشيوخ السابق، الذي لا يخفي دعمه الكامل لإسرائيل ويهدد بأنه سيشن حربا علي إيران في حال انتخابه رئيسا لأمريكا. وكانت المرتبة الثالثة من نصيب رون بول، الذي يعارض سياسات حزبه بشكل كبير، وهو ما يظهر وفق مراقبين الانقسام الايديولوجي الحاد بين الجمهوريين.
وعلي الجانب الآخر، أصبحت إدارة الديمقراطيين في مأزق وعلي كل حال تبخرت كل الأحاديث المتعلقة بالمحفزات الجديدة، فالبنك الاحتياطي الفيدرالي قام بكل ما في وسعه ليحفز أسعار الفائدة ومساعدة الاقتصاد المتعثر ولم يكن هناك الآن سوي أدوات قليلة تحت تصرف الرئيس الامريكي باراك أوباما، الذي سيضطر في ظل زيادة معدل البطالة إلي تهدئة المخاوف بشأن تراجع الاقتصاد الأمريكي.
فقد كانت المحفزات التي طبقت خلال شهر من توليه المنصب، بمثابة تعهد سياسي ضخم أي أنه أنفق من رأسماله السياسي علي ما كان مجرد فكرة حوالي 787 مليار دولار لانعاش الاقتصاد الأمريكي، ولكن الدليل علي هذا الانتعاش يظهر في تذكيرهم بآلاف المشروعات ومئات الوظائف التي أنقذتها وخلقتها تلك المحفزات، وحينئذ غضب الجمهوريون بشدة من المحفزات الضخمة، أما الآن يقول المحللون مثل تشارلي كوك إن المحفزات لم تكن كافية. وكان أوباما يصب محور تركيزه السياسي متعمداً علي معالجة نظام الرعاية الصحية الذي اعتبره الجمهوريون رفاهية غير ضرورية. الاقتصاد وهو أكثر القضايا المحيرة، وفي الغالب ستكون ساحة المعركة لانتخابات 2012 وطبقاً للوضع الحالي، فإن احتمالية أن يقل معدل البطالة إلي أقل من 8 ٪ تعتبر نسبة منخفضة نسبياً، وهذا التكهن جعل الجمهوريين يشمتون لأنه لن يعاد انتخاب رئيس علي الأقل حتي الآن في ظل ارتفاع نسبة البطالة إلي 7.2٪ وهذا صحيح تقنياً، لكن يشير كوك إلي أن رونالد ريجان أعيد انتخابه وكان معدل البطالة فوق 7.2٪ يرجع ذلك جزئياً إلي التعاطف معه، فهل بالفعل يصدق الناخبون أن الرئيس يشاركهم بالفعل هذه المشاعر؟! وبالنسبة لأوباما، ذوي مهارات التواصل العالية، فمن الواضح جداً أنه يشارك الشعب الأمريكي هذه المشاعر. مع ذلك، فما هو أكثر أهمية هو أن إدارة الاقتصاد لن يتم الحكم عليها طبقاً لإحصاءات يوم الانتخابات، وإنما طبقاً لاتجاه الاقتصاد علي المدي البعيد، فإذا كانت المؤشرات تسير في الاتجاه الصحيح، فإن الجماهير سيحسنون الظن بالرئيس أوباما. و لا يزال يحسب للرئيس اوباما نجاحه في التخلص من اسامه بن لادن الذي كان اشبه "بالبعبع" للأمريكيين منذ احداث الحادي عشر من سبتمبر والذي فشل ايضًا بوش في القبض عليه طوال هذه السنوات. وأخيرًا، لازال من المبكر الحديث عن المرشح الجمهوري للرئاسة، لكن ليس من المبكر الحديث عن الصعوبات التي ستواجه كلا من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لاستقطاب الناخبين، حيث تشير استطلاعات الرأي الي ان نحو 50 ٪ من الامريكيين لم يحددوا حتي الآن مرشحهم المفضل لسباق البيت الابيض للعام 2012.