محمد جبريل الكتاب في حجم الكف ولكنه يحمل هموم وأحلام الكاتب الذي ظل يحلم بالحنين إلي البحر والإسكندرية موطنه الأصلي، محمد جبريل في هذا الكتاب المحمل برائحة البحر يستعيد ويتأمل علاقته القديمة بالإسكندرية وحي بحري التي تبدأ منذ الطفولة، أرضية تتحرك فيها أحداث معظم أعماله وشخصياتها يقول في سطور كتابه عن البحر : البحر السكندري ليس مجرد أمواج وسفن وصيادين، انه تاريخ وقصص وحكايات، تعدد الانتماءات الأثرية في قاع البحر السكندري، يشي بتعدد الحضارات فهناك الآثار الفرعونية والرومانية والهيلنية والقبطية والعربية. ويربط الكاتب بين ذكرياته وحنينه إلي الإسكندرية وتاريخ المدينة العريق، ويأخذنا كاتبنا الكبير بسلاسة إلي حي بحري بالتحديد ويقول في سطور كتابه معبرا عن حنينه لبحري : الحنين إلي الماضي إلي الزمان والمكان تكوين أساسي في طبيعة الإنسان المصري وتعد قصة سنوحي أول عمل إبداعي عن الحنين إلي الوطن. ويفرد جبريل في سطور كتابه عن ان الحنين كان الدافع الأول في أعمال كبار الأدباء والمبدعين من أمثال محمد حسين هيكل في روايته »زينب« والأعمال الأولي لتوفيق الحكيم. ومن الحنين ينسج جبريل ذكرياته وقصة حياته وطفولته التي يعكس فيها وقائع تاريخية ويؤكد علي ذلك في مقولته : سيرة بحري منذ الطفولة إلي عامي الثاني والعشرين هي سيرتي الذاتية .. والحق أني حين أغادر بحري أعاني ارتباكا وفقدانا للاتجاه. ويقول : نحن نحمل أوطاننا في غربتنا . ويطرح تساؤلا يظل يتردد في معظم أعماله: ما الوطن ؟ هل هو الجذور والأصول، أو حيث أعيش ؟ هل هو الأهل الذين تسافر وتعود إليهم ؟هل هو الطفولة وحكايات الجدات واللعب في الساحات والشوارع الخلفية ؟ وبين سيرة الكاتب الذاتية نظل نشم في سطوره عبق وتاريخ الإسكندرية وقصصا وحكايات تشبه حالته لأدباء عاشوا مثل تجربته مما يعكس ثقافة واسعة للكاتب وعشقا دائما لمدينته التي ولد فيها وعاش بداياته إلي أن انتقل للعيش في القاهرة. وطوال سرد مشوار حياته الممزوج بتاريخ كتاباته يكسبك طعم التاريخ الممزوج بالحنين والحب إلي مدينة الإسكندرية، إنها قصة عشق طويلة بكل ما فيها من أحداث وحكايات سجلها محمد جبريل بعيون العاشق الولهان لمدينة الحنين الإسكندرية وخاصة حي بحري.