عاجل.. سعر الدولار يتنخفض رسميا ل 49 جنيها    توريد أكثر من 192 ألف طن قمح محلي بالصوامع والشون منذ بدء موسم الحصاد ببنى سويف    إعلام عبري: نائب ترامب قرر عدم زيادة إسرائيل بسبب توسيع عملية غزة    تحليل معقد لتكتيكات بوتين وترمب في ظل القلق الأوروبي    وزير المالية الإسرائيلي: سندمر ما تبقى من غزة للقضاء على حماس وإعادة المحتجزين    في نسختها الخامسة.. منحة ناصر للقيادة الدولية في زيارة لمكتبة الإسكندرية    ضبط تشكيل عصابي متخصص في تزييف العملات المحلية والأجنبية بالقاهرة    مصدر أمني: نوال الدجوي تتهم أقارب لها كمشتبه فيهم بالسطو على منزلها    أمن القليوبية ينجح في ضبط المتهم الهارب من جريمة قتل بأسيوط    رئيس الوزراء يوجه بإعداد خطة لاستخراج وعرض الآثار الغارقة بخليج أبي قير ودراسة مواقع الغطس السياحي    الحكومة تنفي ارتفاع نسب نفوق الدواجن: لا انتشار لأوبئة جديدة والتحصينات متوفرة بالكامل    وزير الرياضة يُشيد بتنظيم البطولة الأفريقية للشطرنج ويعد بحضور حفل الختام    تعرف على حالة الطقس اليوم الإثنين 19-5-2025 فى الإسماعيلية.. فيديو    بعد العثور على أرشيف الجاسوس الإسرائيلى إيلى كوهين.. الموساد يبحث عن رفاته    "أونروا": تضرر وتدمير 92% من المنازل فى قطاع غزة    صندوق النقد يبدأ المراجعة الخامسة لبرنامج مصر الاقتصادي تمهيدًا لصرف 1.3 مليار دولار    ليبيا.. لجنة من مجلسي النواب والدولة تباشر فرز مرشحي رئاسة حكومة جديدة    صدامات نارية في إياب ربع نهائي كأس عاصمة مصر مساء اليوم    لتكريم إرثه.. مكتبة الإسكندرية تفتتح ركنا خاصا لأدب نجيب محفوظ    عون يصل إلى مصر للقاء الرئيس السيسي    الرعاية الصحية تطلق «دمتم سند» لتعزيز خدمات كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بالإسماعيلية    اليوم| انطلاق رابع مباريات نصف نهائي دوري سوبر السلة    شوبير يكشف مفاجأة حول الجهاز الفني ل الأهلي بقيادة ريفيرو    أسطورة مانشستر يونايتد: سأشجع الأهلي في كأس العالم للأندية 2025    تخصص 50 فرصة عمل لطلاب جامعه سوهاج    جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2025 بالمنيا.. التفاصيل الكاملة لجميع الشعب والمواعيد الرسمية    "الإدارة المركزية" ومديرية العمل ينظمان احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية    "بدوي": تكوين ذراع فنى لشركة ثروة للبترول لاكتشاف فرص استثمارية جديدة    محافظ الإسماعيلية يتابع انطلاق فوج حجاج الجمعيات الأهلية للأراضى المقدسة    شرطة التموين تُحبط تلاعبًا ب10 أطنان من الدقيق المدعم    إصابة طالب بطعنة في البطن خلال مشاجرة بسبب أولوية المرور بسوهاج    GAC الصينية تعلن ضخ استثمارات بقيمة 300 مليون دولار لإنشاء مصنع سيارات في مصر    غزة تحت القصف.. 22 شهيدا في مجازر متواصلة    ما حقيقة الفيروس الخطير الذي أصاب مزارع الدواجن؟ «منتجي الدواجن» يكشف (فيديو)    فيلم «سيكو سيكو» يتربع عرش ايرادات السينما منذ عيد الفطر    إزالة 13 حالة تعدٍّ على أملاك الدولة بقرية أبو مناع بحري بمحافظة قنا    "القومي للمرأة" يستقبل وفدا من كلية الشرطة الرواندية وكبار الضباط الأفارقة    نائب وزير الصحة يتابع ميكنة خدمات الغسيل الكلوي ومشروع الرعايات والحضانات    بعد إصابة «بايدن».. أعراض الإصابة بسرطان البروستاتا    أمين الفتوى: الوصية الشفوية يُعتد بها إذا أقر بها الورثة أو سمعوها من المتوفى    إثيوبيا تتعنت، خبير يكشف سر تأخر فتح بوابات سد النهضة    ضبط متجرى المواد المخدرة ومصرع عنصرين جنائيين عقب تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة    تقارير: مودريتش يرغب في تمديد عقده مع ريال مدريد حتى 2026    متحف الحضارة يحتفل باليوم العالمي للمتاحف 2025    الرعاية الصحية تطلق مبادرة "دمتم سند" لتعزيز خدمات كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في احتفالية مرور 17 قرنا على مجمع نيقية بالكاتدرائية المرقسية    انخفاض البلدي.. أسعار البيض اليوم الاثنين 19-5-2025 في الأسواق (موقع رسمي)    تركي آل الشيخ يشارك متابعيه كواليس «الأسد» ل محمد رمضان |فيديو    إسرائيل تواصل تصعيدها.. استشهاد 171 فلسطينيا في قطاع غزة    هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر .. دار الإفتاء توضح    عمرو دياب وحماقي والعسيلي.. نجوم الغناء من العرض الخاص ل المشروع x    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    من بين 138 دولة.. العراق تحتل المرتبة ال3 عالميًا في مكافحة المخدرات    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القضية المشترگة
نشر في أخبار اليوم يوم 16 - 09 - 2011

شاغبته يوما بالسؤال عن جدوي احتماله مرارات السجن السياسي المتكرر في حياته، نتيجة لكتاباته التنويرية الناقدة لممارسات الحكم في الأربعينيات، لحظتها حكي لي شيخي الراحل الجليل د.محمد مندور، حكاية رواها أحد الفلاسفة عن أن أحد المصابين بمرض جلدي معد، يحتم انعزاله عن الآخرين، قد اكتشف مرهما يخفي قروح المرض من الجسد الخارجي للمريض، وينقله إلي داخل جسده، فلا يراها أحد، ومع ذلك لا يفقد المرض فعالية انتقال عدواه إلي الآخرين، وعندما علم أحد رفاقه من المصابين بتأثير المرهم المكتشف، اسرع باستخدامه، وما إن اختفت القروح من خارج جسده، حتي بادر بالانضمام إلي الأصحاء من البشر، مختلطا بهم بمرضه المستتر، مبتهجا بالثأر منهم بنقل العدوي إليهم خفية، لكن صاحب الاكتشاف رفض سلوك رفيقه، واختار نفيا طوعيا، انقاذا للآخرين من العدوي حماية لهم.. نبهني شيخي ان الشخصيتين في هذه الحكاية تمثلان وجهين متضادين لنوعية أنظمة الحكم، إذ إن شخصية المكتشف الذي رفض سلوك رفيقه، واختار نفيا طوعيا، قد حكم سلوكه وعيه بالمسئولية العامة تجاه حماية مجتمعه، أما كارثة أي مجتمع فتتجلي عندما يصبح نظامه السياسي نموذجا لذلك الشخص المدمر المستتر، الذي يخرب حياة المواطنين باستلابهم استحقاقاتهم في الحياة، وحرمانهم حق السلامة والحماية، نتيجة استسلامه المخزي لاهوائه. كان تفسير شيخي للحكاية، يؤكد ضرورة ممارسة الكتابة واستمرارها في تنوير الرأي العام، ثم انهي حديثه بالاجابة عن سؤالي، التي كان مفادها أن الاستشهاد لا يقصي المواطن من الدفاع عن استقلال وطنه ضد اعدائه، وكذلك السجن لن يحرمه إبداء رأيه حول المرفوض، والمقبول، فالرأي هو اللبنة الأولي للمعرفة التي تشحذ الوعي، وتضعف من السطو علي قلوب الناس وعقولهم، صحيح انني تعلمت من درس شيخي ان حماية الآخر مرحلة في تطور الإنسان وتحضره، وأن الوعي بالمسئولية العامة، لابد أن تمارس بحرية، وانتباه واع وإرادي، في ظل إطار عقلاني لتوجهات سلوك تحكمها قيم يجري ادراكها علي أنها مقدسة، لكن الصحيح كذلك انني ادركت ان المجتمع الصامت الذي لا تنشط فيه الآراء وتتعدد، هو مجتمع لا ينتج معرفة، ولا يمتلك مشروعا لغده، بل يعيد إنتاج شروط ماضيه وراهنه.
إن الحكاية التي رواها شيخي، تسجل انتصارا لنموذج من العقلانية، يؤسس للعلاقات الايجابية بين البشر، تجلي في موقف المريض المكتشف المرهم، الذي رفض ممارسة العدوان علي حقوق أفراد مجتمعه في الحياة الآمنة، كما تتضمن ايضا نموذجا لسلوك عدواني، تبدي في تضليل الشخصية الأخري حين غطت قروحها، وراحت تمارس بالخداع العنف المستتر، لايقاع كارثة بالمجتمع، بالعدوان علي حقوقه، بنشر وباء يجرده من امكانية استمراره، تري هل يعني ذلك أن البشر في المجتمعات يقعون تحت طائلة قوي متناقضة، قوي كابحة تسوسهم إلي التحضر، وممارسة السلوك المسئول، انطلاقا من القناعة بمنظومة قيم يحرصون عليها، وعلي الجانب الآخر، هناك قوي جامحة تخرق القيم كافة، وتدفع نحو العنف المدمر والمخرب، الذي يقوض أمان المجتمع، لاشك أن ذلك يعني أن الإنسان يقع تحت دائرة التأثير الذاتي والخارجي، وفي ضوء وجهة نظر شيخي الجليل، لابد إذن من التحصين بمواصلة ممارسلة التنوير الذي يرفع عن الناس الوهن الفكري والأخلاقي، ويعزز الوعي والاحساس بالمسئولية العامة في مواجهة أي تحريض يستقطب الناس نحو الجموح، ولعل احداث التاسع من سبتمبر التي تبرأ منها الثوار تعد نموذجا لجموح اصراري مبرمج، بتوسيع مساحات العنف المفتوح ودرجاته، والحض علي المجابهات بمجازفات غير محسوبة، حتي يتعذر ضبط هذا العنف إلا بعنف أقوي يواجهه، فيشكل ذلك استمرار دوامة العنف والفوضي، وهو ما يؤكد أن هذه الممارسات خضعت لخطاب تحريضي، يحول ممارسات العنف والاعتداء إلي شكل مقبول، بتغيب الثمن الاجتماعي لذلك العنف، حيث يشتغل خطاب التحريض علي ارباك الناس، استنفارا للاحباط والغضب، وافتقاد الثقة بغسل الأدمغة، وتفخيخها، بشتي الادعاءات للالتفاف علي الحقائق والانقلاب عليها. ان الوطن يواجه تحديات خطيرة، تفرض تضافر جهود المؤسسات كافة، ونخب الثوار، والأحزاب، والمجتمع المدني لانتاج خطاب تنويري كاشف، يقوي الوفاق الفكري والاجتماعي في مناهضة استباحة العنف والانفلات، وان توازيه آليات إعادة بناء الثقة، وتفعيل الانضباط المختل، دعما لسلوك الارتباط بالمسئولية العامة بوصفها الرافعة الحقيقة للتغيير، وهي القضية المشتركة بيننا جميعا.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.