اعترف بكل فخر وحب أنه لولا مجانية التعليم التي أقرتها ثورة يوليو ما كنت تعلمت ودخلت المدارس ولا رأيت بعيني ساعة جامعة القاهرة التي كانت تدق بكل ثانية في سنوات عمري التي قضيتها أحلم بان أكون صحفية حرة ، لقد حفظت عن ظهر قلب مبادئ الثورة الستة في سنوات عمري الأولي ، ودرست الميثاق في المرحلة الثانوية ومات عبد الناصر قبل دخولي الجامعة ، ولم تمت كلماته التي مازالت في ذاكرتي أتذكر منها " سوف نلقي بإسرائيل في البحر " ضحك البعض وقال انه قائد خيالي وحزن الشعب المصري عليه وكان هناك من يقولون انه عاشق للزعامة وهنالك من قال : انه القي بنا في التهلكة وألحق بنا الهزيمة ، وجاء الرئيس السادات بنصر أكتوبر وهدنة مع العدو الإسرائيلي واتفاقية كامب ديفيد ووقعنا في دائرة الحوارات ومعاهدات السلام ومخاوف شبح الحروب التي ضاع فيها شباب مثل الورد وتراجعت الهوية ، وبدأنا نبحث عن أنفسنا وبدأت رحلة الضياع مع مقتل السادات ، ووصول صاحب الضربة الجوية المضروبة .عشنا سنوات طويلة بأحلام مكسورة ، ونفوس تبحث عن الأوكسجين ، ولم نجد غير خدامي السلطة الذين حطموا بقية الحلم بطول مدة قبضتهم علي أحلامنا ، وعاشوا هم أحلامهم علي أنقاض أحلام جيل كامل ضاعت هويته ، وسرق عمره ، وانتهت أحلامه إلي الأبد. وكانوا مصرين علي نصب خيام للخوف من كل شيء وصنعوا من إسرائيل صديقة بالقوة ونحن لا نقوي علي الرفض لان حيلتنا كانت ضعيفة أمام جبروت حكم خنق الأحلام طوال ثلاثين عاما ، مع عصابة مدربة في كل مناحي الحياة ، ولما جاءت ثورة يناير أعادت لنا الروح ولكن كان الشعر الأبيض قد تمكن من عمرنا ، جاءت الثورة لتربت علي أكتافنا وترسم الابتسامة علي شفاه ذاقت طعم القهر والصبر ، وعادت لنا كلمة "الانتماء " تلك الكلمة التي تاهت من بعضنا سنوات طويلة وعذبت الكثير منا وهو يراها تختنق وتتهاوي أمام أعيننا ولا نقوي علي الحفاظ عليها أمام طوفان الشباب الهارب في قوارب الموت علي الشواطئ الايطالية ، ولما حاول العدو الإسرائيلي جس النبض كانت الضربة قوية أذهلته ، وأظهرته علي حقيقته لقد كسرنا بحق حواجز الخوف في الداخل والخارج . تحيا مصر حرة .