"نام وكل تحت النجوم " شعار رفعته احدي شركات السياحة في كينيا لعشاق السفاري والترحال المفتوح ، ولا أعرف لماذا جذبتني هذه الكلمات بغض النظر عن فكرة تنفيذ هذه النوعية من الرحلات ، وان بدت رحلات مذهلة تفوق الخيال خاصة إنها كانت مصحوبة بالصور التي أوضحت كيف يستمتع السائح بالهواء و الفضاء الواسع دون أن تكسر عينه حدود الأسقف والحوائط التي تحول بينه وبين المناظر الطبيعية الخلابة ، أعجبتني فكرة الحرية التي يمكن أن يعيشها الإنسان داخل خيمة فوق سطح جبل شاهق ليس له سقف ، أو في صحراء مكشوفة بلا حدود ، إن الإحساس بالحرية له مذاق خاص لا يعرفه غير المحرومين منه فالهواء يحمل نسمات صافية تنقي القلب من أحزانه وهمومه وتفك اسر قيود الأيدي المغلولة إلي الأعناق ، وترفع الرأس عالية إلي عنان السماء بلا خوف أو ترقب من وجوه تختفي خلف الأبواب تهددك كل لحظة بالعقاب والترصد لكل أفعالك دون حساب ، وربما تعاقبك علي ذنب لم تجترفه ، ومع كل الحريات جاءت القوانين التي توضع حدا لها ، فالحرية المطلقة بالتأكيد هي الفوضي ، وان كانت هناك فوضي خلاقة يصنع منها الفنان والمبدع أروع الأعمال ، ويضئ بتلك النوعية من الفوضي الايجابية مشاعل الحرية التي خلقنا الله عليها بالفطرة ، ومن أجمل المعاني الذي حفظتها عن ظهر قلب أيام الطفولة تلك الكلمات المطبوعة علي الغلاف الخلفي لكراستي التي تقول : "حيث تكون الحرية يكون الوطن " و" يستطيع الإنسان أن يعمل ما يريد شرط إلا يتعدي حرية غيره " و"الحرية أفضل نعم الله علي الإنسان " و"الحرية هي الحق الذي يسمح به القانون"والحرية لا يمكن أن تعطي علي جرعات، فالمرء إما أن يكون حرّاً أو لا يكون حرّاً. وعندما صرت طالبة جامعية قرأت للثائر الكوبي تشي جيفارا كلمات تقول : "أحلامي لا تعرف حدود .. كل بلاد الأرض وطني، وكل قلوب الناس جنسيتي، فلتسقطوا عني جواز السفر" أن الحرية بهذا المفهوم قد لا تحتاج منا إلي سفر أو ترحال في رحلات سياحية استجمامية لأماكن بلا أسقف ، وإنما الحرية أن نشعر بداخلنا أننا أحرار بالفعل ونمارس هذه الحرية في واقعنا دون صراخ أو إضرار بمصلحة الآخر .