ثورة الشعب في 25 يناير، أتت لتبدد طول الانتظار لمخاضها، بعد أن ظن كثيرون أنها بعيدة المنال، ولكن شباب الثورة كان له الكلمة العليا، ليؤكد أن مصر عظيمة بأبنائها، وأن وطن حضارة الأكثر من سبعة آلاف عام، لم ينضب عطاؤه، وأثبت لدارسي حضارة الفراعنة، والحضارات التي احتضنتها أرض الكنانة علي مر العصور - انتهاء بالحضارة الإسلامية - أن شعب هذا البلد حريص علي امتلاك ثقافته التي تميزه، وتدفعه ليتبوأ مكانته المتفردة بين شعوب الأرض. وهذا ما يجعل شباب الثورة حريصا علي تفعيل مباديء ثورته، ولا يجد مبررا في تكاسل مؤسسات الدولة، نحو تحقيق ذلك، خاصة مع وجود تعاون صادق من المجلس العسكري، بما يملكه من قناعات مؤكدة حق الشعب - ممثلا في شبابه - في المشاركة الفاعلة لاختيار قيادات ممن يملكون عقول تنبض بحب هذا البلد، ولديهم المقدرة علي المساهمة الواعية لتحقيق مباديء الثورة.. ويؤمنون بحتمية إرساء ثقافة جديدة علي أرض الواقع، توجب مشاركة مدروسة وعميقة الرؤي، مدعومة برعاية واعية، منظمة الخطط، ومؤسسة علي منهج تقوده عقول مؤتمنة علي أحلام أمتها. حقا إننا أحوج ما نكون لرسم خارطة طريق لصياغة مستقبل واعد لمصرنا الحبيبة، أساسها المنهج العلمي كأسلوب للعمل في كل المجالات وفي مختلف الاتجاهات ، علي أن يكون سبيل حياة مجتمعية، توزع فيها الأدوار، وتحدد ملامح المسارات بوضوح، حتي نتخلص من عشوائيات النظام السابق، التي ساقها قادته لنشر فساد مكنهم من نهب مقدرات هذا الشعب! الآن أصبح من الضروري تفعيل المشاركة المجتمعية، حتي نتمكن من إطلاق ثورة قادرة علي بناء ثقافة مصرية جديدة، يمكنها تحقيق مباديء الثورة، بتأييد من الشعب، وحماية من شباب الثورة، وما يسعون إليه نحو تأسيس حزبهم، ، والذي حظي بقبول واع من الشباب، وتأييد من الأغلبية الصامتة، التي حرصت علي البحث عن الدور الذي ينتظرها، وقد بدأ شباب الثورة خطواتهم نحو تأسيس حزبهم المنشود، وإن غدا لناظره قريب. الشعب يريد تحقيق العدالة الإجتماعية علي وجه السرعة، ولا يجد مبررا لإغفالها، ويري أنها من أهم الأولويات، التي يجب أن يكلف المجلس العسكري، دكتور شرف وحكومته، وكل أجهزة الدولة، بإنجازها فورا، علي أن يكون مقدار ما يتحقق في هذا المجال، هو معيار قياس مستوي نجاح أي قيادة في أي موقع ، ومسوغ إستمرارها في موقعها، وعكس ذلك يكون مصيره الإقصاء، وإفساح الطريق لمن هم أقدر، فنحن نعيش الآن بعد الثورة في زمن القادرين علي الإنجاز، من أصحاب الرؤي، وكفانا عبثا وبهتانا ممن يعيشون في زمن توجيهات الرئيس السابق، فما أقبحها من أوهام سجنت شعب المحروسة، وخنقته بشعار رفع المعاناة عن محدودي الدخل، حتي صارت غالبية الشعب من الكادحين، وممن كتب عليهم المعاناة، ليجني ثمار جدهم وعملهم فئة قليلة يتقدمهم رئيس الجمهورية السابق، وأسرته وذويهم، ومن حظوا بصحبتهم من خاصتهم، والذين يتساءل الشارع المصري عن اختفائهم الآن.. لقد آن الأوان لنكون جميعا أبناء البطة البيضاء.. أليس كذلك؟!