مازالت أزمة الإسكان تؤرق المصريين، وخاصة الشباب فأغلبهم لايملك شراء مسكن بالأسعار الحالية، ويضطر إلي اللجوء لنظام الإيجار بالقانون الجديد متنقلا من مسكن لآخر مفتقدا الشعور بالأمان والاستقرار، في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار الاراضي الصالحة للبناء و تكاليف الإنشاء و مواد البناء ، بينما تظل هناك شقق مغلقه لا يستفيد منها أحد ولا يشجع القانون أصحابها علي طرحها بإيجار معقول يناسب قدرة من يحتاج للسكن، ويظل قانون الإيجار القديم في انتظار تعديل يحقق العدالة بين المالك والمستأجر ولكنه لا يأتي أبدا! ويصل تقدير حجم الوحدات السكنية المغلقة بين 6 إلي 8 ملايين وحدة سكنية في مصر بدون استفادة أي طرف منها طبقا للتقارير الحكومية إما لأن المستأجر قد فتح الله عليه بالسكن في شقة تمليك، والمالك لا يستطيع مطالبته بالتنازل عن الشقة لأن قانون الإيجارات في صف المستأجر، أو لأن المالك يخشي تأجيرها لساكن جديد، ويفضل تركها مغلقه لترتفع قيمتها ويبيعها لأعلي سعر حين يحتاج إليها، وقيمة هذه الشقق السوقية كما يقدرها البعض تصل إلي 50 مليار جنيه.. أي أنها استثمار هائل غير مستغل! ويوضح الدكتور أحمد أنيس رئيس الجمعية المصرية لخبراء التقييم العقاري أن هناك بعض الوحدات السكنية التي تفرض طبيعتها الموسمية إغلاقها كالوحدات المخصصة للمصايف، مشيرا إلي محاولات الحكومة حل أزمة الشقق المغلقة من خلال إصدار قانون الإيجار الجديد، والذي يجعل من حق المالك أن يلجأ للشهر العقاري لطرد المستأجر إذا رفض الخروج من العين المؤجرة بعد انتهاء المدة، ولكنها سرعان ما أفسدته من خلال فرض رسوم عالية ومبالغ فيها علي الصيغة التنفيذية لعقود الإيجار، مما أدي إلي إعراض الكثير من المؤجرين عن التسجيل بالشهر العقاري وبالتالي غابت الضمانات الكفيلة بتشجيع ملاك الشقق المغلقة علي طرحها للإيجار! لذلك علي الحكومة إعادة النظر في هذه الرسوم وتخفيضها لأدني حد لأن تنفيذ هذه القوانين هو السبيل الوحيد لإعادة فتح الوحدات السكنية المغلقة. بينما يري نبيه الوحش المحامي بالنقض والدستورية العليا أنه يمكن للدولة إلزام المستثمرين العقاريين بتخصيص 10٪ من الاراضي التي تمنحها لهم بأسعار تشجيعية من أجل البناء لصالح محدودي الدخل بالإيجار، حتي نغلق هذا الملف إلي الأبد. ويذهب أحمد عبدالخالق المحامي إلي أنه من العدل أن يتم انتزاع الوحدات السكنية من المستأجرين غير المنتفعين بها وإعادتها لمالكيها للاستفادة منها بدلا من تجميدها.. ويستند في رأيه إلي أن القانون »رقم 49 لسنة 7791« يعطي للملاك سواء كانوا أفرادا أو جهات إدارية أو حكومية حق استرداد الوحدات السكنية »للتخلي« أي تخلي المستأجر عنها، وذلك في حالة إثبات عدم انتفاع المستأجر بها!. وهو مايفعله أيضا ملاك يقومون ببناء العمارات وتركها بدون إدخال كهرباء أو مياه لسنوات طويلة كوسيلة للتحايل علي القانون بهدف المضاربة وانتظارا للوصول إلي أعلي سعر لها ، وهو ما يستدعي مطالبة الحكومة الجديدة بالتصدي لهذه الظاهرة والبدء في طرحها للنقاش بحثا عن حلول ممكنه. ويري الدكتور إبراهيم المصري أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية أن الوحدات السكنية المغلقة تمثل موارد مهدرة للدولة ولابد من وضع المحفزات لأصحابها لإقناعهم بفتحها وإعادة تداولها من خلال ضمان حقوقهم في استرداد شققهم في اي وقت . ويتفق المهندس صلاح حجاب مع المطالبة بوضع محفزات من قبل الحكومة لأصحاب الشقق المغلقة لتشجيعهم علي طرحها للإيجار كما يري أن المشكلة الأساسية تكمن في عدم الثقة في المستقبل وضبابية قرارات الحكومة، وهو مايجعل كل شخص يتصرف وفق قدراته المالية، ودرجة نفوذه، مما أدي إلي احتكار العديد من الوحدات السكنية وإغلاقها قلقا مما يخفيه المستقبل وبالتالي هناك ضرورة لوجود رؤية واضحة المعالم للمستقبل تشجع من يملك وحده سكنيه لا يحتاج إليها علي تأجيرها. ولو أمكن الرجوع مرة أخري لنمط الإيجار العادي فقد يساعد بشكل كبير في حل المعضلة لأن نمط الإيجار الجديد مجرد بدعة! ويقترح أن تقوم الدولة بإنشاء وحدات سكنية تمول من خلال صناديق تمويل يشارك المستثمرون في تشكيلها وتخصص للإيجار فقط، وذلك للتقليل من نظام تمليك الوحدات السكنية الذي يعجز عنه أغلب المصريين.