في السنوات الأخيرة انتشرت بصورة واضحة كتب تدعو للتفاؤل والحب وهزيمة الإكتئاب، وكيف تقول »لا» دون أن تشعر بالذنب، والقواعد الذهبية لحياة مثالية، وكيف تكسب الأصدقاء، وكيف تصبح مليونيرا، وهكذا من العناوين البراقة التي أطلقوا عليها » كتب التنمية البشرية»، أوالكتب التي تساعدك علي تنمية ذاتك، وعقد اتفاقية انسجام مع الحياة! قرأت العديد من هذه الكتب، والحقيقة هناك البعض منها أثار إعجابي، والكثير منها وجدته مكررا وغريبا في نفس الوقت، لأن هذه النوعية تجاهلت أن الإنسان بطبعه ليس نموذجا آليا يمكن تطبيق قواعد عليه عامة، وكأنه آلة عليها أن تتبع التعليمات التي جاء معظمها ساذجا وبعيدا عن مفهوم التنمية البشرية الذي يعني ببساطة » تطوير مهارات الإنسان، وقدراته حتي تمكنه من الوصول بمجهودهِ إلي الإرتقاء بمستوي مرتفع من الإنتاج والدخل» وليس روشتة جاهزة لتخطي عقبات الحياة بمبدأ: افعل ولا تفعل، وضرب الأمثلة لنماذج خارقة في اكتساب الثروات والنجاحات في العمل دون الرجوع للقدرات الفردية التي تختلف من شخص إلي أخر، فأصابع اليد الواحدة غير متماثلة، فكيف لملايين البشر المختلفة في البيئة والنشأة والثقافة أن تتبع خطوات جاهزة معلبة أومترجمة من مجتمعات غير مجتمعاتنا أن تحل مشاكلنا في الزواج والطلاق والسعادة والحب والنجاح والعمل لمجرد اتباع خطوات معينة. الطريف أن هذه الكتب تصدرت قوائم الأكثر مبيعا في العالم كله وأمطرت أموالا طائلة علي مؤلفيها، رغم تشابهها في العناوين والمحتوي، لقد استوقفني صاحب مكتبة وعرض عليَّ أحدث هذه النوعية من الكتب لفت نظري كتاب عنوانه» جسد لا يشيخ وعقل يتخطي الزمن» للمعالج د. ديباك شويرا جاء علي الغلاف الخلفي للكتاب الضخم :»أنه ألهم ملايين القراء في أفكارهم حول العلاقة بين صحتهم البدنية وصحتهم العقلية! وقلب عملية الشيخوخة رأسا علي عقب وبذا نبقي علي نشاطنا وحيويتنا وإبداعنا طيلة حياتنا» في قراءة المائة صفحة الأولي اكتشفت أن المؤلف تعامل مع الإنسان كأنه إنسان آلي ليس له مشاعر اوعواطف، ولامزاج قد يتغير من وقت لآخر كرد فعل لأحداث الحياة» نهيك عن هذا كله لقد غفل عن أن جينات البشر غير متشابة وما يقبله فلان يمكن أن يرفضه علان.. هذا مايطرح تساؤلاً: أليست التنمية البشرية تنمية للقدرات أم اتباع لنظريات؟!