أخطر لاعب ومتلاعب علي الساحة السياسية في مصر سابقا وحاليا هو تلك السفارة القابعة في منطقة جاردن سيتي.. واستطاعت بنفوذها وضع الحواجز والمتاريس وإغلاق كل الشوارع المحيطة بها خوفا مما تدعيه من عمليات إرهاب متوقعة ضدها! حكومات الفساد السابقة تجاهلت كل صيحات الغضب والاعتراض التي أبداها سكان المنطقة.. والعاملون فيما حولها من وزارات وهيئات خدمية.. أضيروا من إغلاق الشوارع وتفتيش السيارات والمارة علي مدي سنوات وجعل الدخول إلي المنطقة بمثابة عبور منطقة عسكرية أو بوابة جهنم! هذه السفارة استطاعت طوال الحكم السابق أن تتوغل وتتغول في مجتمعنا.. وأن تنفق أموالا طائلة بعضها معروف وأغلبها سري جدا.. واختصت بما يسمي بجمعيات المجتمع المدني.. وحقوق الإنسان والدفاع عن الحرية والديمقراطية.. بالإضافة إلي عدد من الشخصيات أصحاب الصحف الخاصة والقنوات الفضائية ومعهم تجمعات رجال المال والأعمال ورؤساء الغرف التجارية الأمريكية والغربية.. خاصة من حاملي الجنسية المزدوجة.. الذين حصلوا علي توكيلاتها التجارية وعلي عقود الاستيراد منها والتصدير إليها.. ووهبت لمشروعاتهم الجزء الأكبر من أموال معوناتها ومساعداتها المقدمة لبلدنا.. وجعلت منهم طبقة ثرية ونافذة تصدرت النشاط الاقتصادي والتجاري.. ولعبت دورا مهما من وراء الكواليس في الخصخصة وبيع أصول الدولة في المزاد السري والعلني.. ومنه قفزت إلي الحياة السياسية.. وتحكمت في القرار السيادي لمصر! أموال السفارة الأمريكية وفلولها من الشخصيات المحلية لعبوا دورا مهما في إفساد الحياة السياسية.. وتمكين اللصوص من السيطرة علي موارد مصر وإهدار ثرواتها في العهد السابق! هذا الدور المشبوه والمدعوم بالأموال السرية.. لم يتوقف بعد رحيل رموز ورؤوس الفساد.. بل مازال مستمرا ومتواجدا.. ويمارس اللعب ع المكشوف علي المسرح السياسي بعد الثورة.. معلنا عن نفسه فيما جاء من تصريحات صدرت مؤخرا عن كبار مسئولي الإدارة الأمريكية.. حول تقديم هيئة المعونة الأمريكية ملايين لدعم الإصلاح الديمقراطي في مصر.. وتلاه إعلان كاثرين أشتون ممثلة الاتحاد الأوروبي عن تمويل الاتحاد لمنظمات المجتمع المدني في بلدنا بملايين أخري! الدعم المالي المكشوف علنا.. دعا بعض القوي الوطنية والسياسية إلي رفع يدها وصوتها معترضة ومحذرة من خطورة الأموال الأجنبية ودخولها في هذا التوقيت بالذات لإرباك وتعطيل العبور الديمقراطي في مصر! لعل أبلغ تعبير عن خطورة اختراق المال الأمريكي هو ما قاله الدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد من أن خصوم الخارج وعلي رأسهم أمريكا تعمل بكل الأساليب لتسيطر علي القرار المصري.. وعلي بسط أجندتها علي الحياة السياسية.. معلنا انها رصدت ما يقرب من مليار جنيه لحوالي ستين منظمة لدعم الديمقراطية وتنفيذ الأجندة الأمريكية.. الصهيونية! والسؤال: أين جهاز الأمن الوطني من تلك الأموال السرية وما موقفه من أصحابها إذا كان ارتدي فعلا ثوبه الجديد؟! أين الوطني المعارض الدكتور جودة عبدالخالق بعدما تولي وزارة التضامن الاجتماعي وفي أدراجها ملفات الأموال السرية لجمعيات المجتمع المدني؟!