سيدتي.. هل يمكن أن يتحول الحب الي سلاح في يد الأحبة؟ وهل يمكن ان يكون قيداً مفروضاً علي الطرف الأضعف في هذه العلاقة النبيلة؟ أنا سيدة متزوجة، في منتصف الثلاثينات من العمر زوجي يحبني لدرجة الجنون.. تزوجنا بعد قصة حب جميلة استمرت علي مدار ما يقرب ثلاثة أعوام كان الحب بيننا يزيد من الطرفين بدرجة غريبة لم أشهدها في أي قصة حب سابقة، أثار هذا دهشتنا نحن الاثنين في البداية، لكن هذا سر تعاستي الان. تضخم حبه لي وتفحل حتي تحول الي ما لا أعرف اسمه، هل هو غيره؟ هل هو حب امتلاك؟ هل هو خوف علي؟ الله أعلم؟ كل ما أعلمه هو انه الان لا يريد ان يراني أحد بمعني أصح فهو يحبسني في بيتي ويعارض بشدة كلما طلبت منه الخروج لقضاء مصلحة أو زيارة صديق أو قريب، وغالباً ما يرفض ذلك. معاملته لي لم تتغير علي الاطلاق نفس الحب والحنان والعطف، وأنا بالتأكيد مازلت أحبه، أحياناً أقدر ولعه بي ورغبته في وضعي في مرتبة عالية في قلبه، وأحياناً أصاب بالضيق الشديد من أنانيته في حب امتلاكي، وتحريمي علي الاخرين، وكان آخرها ان طلب مني ارتداء النقاب. سيدتي.. موقفي صعب وغريب فعلاً لا أعرف هل أعيش سعيدة في كنف زوج يحبني ويحترمني ويعطف علي أم أنني محبوسة في قفص ذهبي لا أستطيع مغادرته علي الاطلاق. الحائرة »ك« الكاتبة: يبدو أن مقولة »ومن الحب ما قتل« صحيحة فهناك نوع من الحب أخطر من الرصاص وأشد فتكاً من السم نعم فهذا الحب الذي يحاصر الانسان ويخنقه ولا يدع له مساحة للتنفس والحرية إنما هو حب فتاك، مدمر، قاتل! أستطيع ان أتفهم غيرة الزوج علي زوجته خاصة إذا كان يحبها، لكن أن تتحول الغيرة الي قيد وأن يصبح الحب سجناً كبيراً، فهذا هو ما لا أفهم ولا أستطيع تقبله. إنه نوع خطير من الحب يحتاج لمقاومة وإصرار من الطرف الذي يتعرض لهذا السجن المعنوي علي التمرد وعدم الرضوخ للطلبات غير المنطقية »من وجهة نظره« ففي الحب يجب ان يعطي كل طرف للطرف الاخر الحق في الحياة، في ممارسة حريته بما لا يتعارض مع القيم أو المبادئ، وطالما هناك ثقة واحترام متبادل وتفاهم فهذا هو الضمان الوحيد للإخلاص والإلتزام. وليس بالزي وحده تلتزم الزوجة، أو تخلص لزوجها، فالالتزام والاخلاص يأتي من داخل الانسان ولا يمكن ان يفرض إنسان علي اخر فمن في نيته الخيانة لن تردعه القيود مهما كانت محكمة وقاسية ومن في داخله الاخلاص والتقوي والاخلاق النبيلة والتدين الحقيقي لا يلزم إثبات ذلك بارتداء النقاب. فالأخلاق والإلتزام داخل القلب وليس هناك قوة علي الارض تدفع انساناً الي التمسك بأخلاق الفضيلة وتعاليم الأديان السماوية الا ضميره وإيمانه بتلك الاخلاق والقيم. لذلك أري - عزيزتي - ان يكون لك موقف من هذا القهر الذي يمارسه زوجك. عليك باسم الحب لابد ان تحاولي الحفاظ علي تلك العلاقة بجعلها علاقة متوازنة، متكافئة لكل طرف فيها حقوق وعليه واجبات تجاه الطرف الاخر. تحدثي الي زوجك في وقت تشعرين فيه انه في حالة مزاجية جيدة صارحيه بما تعانين منه وما يزعجك ويقلقك فأقرب طريق بين نقطتين هو الخط المستقيم لذلك اعتمدي علي الحوار خاصة ان بينكما حب كبير وهذا سوف يجعله قادراً علي استيعاب آلامك لو أحسنت اختيار التوقيت المناسب للحديث والحوار ولو نجحت في كسب تعاطفه، واهتمامه حاولي أن تقتربي منه بحب فالحب الحقيقي قادر علي تذليل أصعب العقبات بين الجيبين حاولي التعبير جيدا عن نفسك. حاولي.. ولا تملي من المحاولة السلمية.. الذكية واستخدمي سلاح الحب فهو سلاح فعال إذا ما احسن استخدامه. وأعتقد أن زوجك سوف يخفف من قيوده ويروض نار غيرته ويعدل عن تشبثه بوضعك في قفص وحدك، واقصائك عن الحياة والبشر! إن الحب في جوهره عطاء وبحث من كل طرف عما يسعد الطرف الآخر حتي يبذل كل ما في وسعه لتحقيقه له أما الأنانية وحب الإمتلاك، والغيرة القاتلة فهي مسامير في النفس الأخير لكائن جميل اسمه: الحب!