لم تعد العلاقات المصرية اليونانية توصف بأنها علاقات صداقة فقط بل باتت علاقات صداقة وشراكة استراتيجية لاسيما في ظل حرص البلدين علي دعم تلك العلاقات والانتقال بها إلي آفاق أفضل تعززها أطر التعاون الثلاثي مع قبرص. هذا الواقع أصبح حقيقة سياسية واقتصادية يحسب لها ألف حساب وخاصة بعدما تم ترسيم الحدود بين الدول الثلاث واكتشافات الغاز في المياه الإقليمية شرق البحر المتوسط.. والمهم أن القيادة السياسية في كل من الدول الثلاث تولي تلك العلاقة أهمية كبري لتطويرها علي كافة الأصعدة، وهو ماتناوله بانتيليس جاسيوس المستشار التجاري والاقتصادي بسفارة اليونان بالقاهرة عندما استعرض تفاصيل واقع العلاقات بين البلدين ومستقبلها الذي وصفه بالواعد بقوله إنه إذا كانت اليونان تعتبر بوابة للصادرات المصرية للاتحاد الأوروبي فإن مصر تعتبر بوابة لصادرات اليونان إلي أفريقيا والشرق الأوسط، وبالتالي فإن المصلحة متبادلة، وقد ترجمت تلك العلاقات علي أرض الواقع إلي زيادة في حجم التبادل التجاري إلي ثلاثة أضعاف في الفترة من 2016 إلي 2018 حيث بلغت صادرات اليونان لمصر ملياراً و100 مليون يورو ووصلت صادرات مصر لليونان إلي 640 مليون يورو، وعلي الجانب الآخر فإن الاستثمارات اليونانية بمصر بلغت ملياراً و200 مليون يورو، وهي استثمارات مرشحة للزيادة في ضوء العلاقات المتميزة بين البلدين.. وكل ذلك يدعمه مشروع إنشاء خط انابيب يربط مصر باليونان وقبرص لنقل الغاز وهو المشروع الذي ينتظره الاتحاد الأوروبي.. هذه الحقائق طرحها جاسيوس في لقاء نظمته مؤسسة جاما للاستثمار، وهنا لا يمكن إغفال ما طرحته العضو المنتدب للمؤسسة أليكي بوتونو وهي يونانية مصرية حيث أشارت إلي العديد من الخطوات التي تدعم علاقات البلدين وفي المقدمة العمل علي إنشاء منطقة صناعية يونانية بمصر وإقامة مركز لوجستي مصري باليونان لتعزيز التجارة ليس بين الدولتين فقط ولكن بين القارتين الأوروبية والأفريقية، هذا بجانب الإعداد لعقد مؤتمر لسيدات الأعمال في كل من مصر واليونان وقبرص قريبا .. وبالقطع لا يمكن إغفال ما ذكره المستشار التجاري والاقتصادي بانتيليس بشأن التجربة اليونانية في مجال إجازة الإقامة الدائمة للمستثمرين الأجانب وعائلاتهم باليونان لجذب الاستثمارات الخارجية من خلال تصاريح للمواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي الذين يشترون عقارات لا تقل قيمتها عن 250 ألف يورو حيث يحصلون علي إقامة دائمة قابلة للتجديد كل 5 سنوات وذلك للمالك وأسرته، وكذا فإن المواطنين الذين يستثمرون بأكثر من ربع مليون يورو في أي قطاع من الاقتصاد اليوناني يمكنهم الحصول علي إجازة الإقامة .. وفي هذا السياق جاءت مصر في المرتبة الرابعة بين الدول التي حصلت علي مثل تلك التصاريح فقد اشتري مصريون 115 »فيزا ذهبية» من خلال تملك عقارات في الفترة من 2013 حتي أغسطس 2018 وجاء الصينيون في المرتبة الأولي حيث إشتروا 1521 عقارا يليهم الروس ثم الأتراك.. هي تجربة جديرة بالدراسة.. والتقليد ليس عيبا أو جريمة !